1570/12-7-2023
أواب ابراهيم
ما يزال لبنان على رصيف الانتظار عاقداً
آماله على تبلور تحرّك خارجي ضاغط يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الخرق المطلوب
على مستوى أزمته الرئاسية الخانقة. ولا جدال بأنّ القوى السياسية الداخلية استسلمت
أمام خلاصة تشير بأنّ الحلول لا يمكن أن تأتي إلا من الخارج بعدما أصبحت الأوضاع
مقفلة بالكامل وهي ستبقى كذلك. قريباً، يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو
دريان إلى بيروت بعد مشاورات مع رؤسائه في فرنسا، إضافة إلى مشاورات أخرى.
صحيح أنه سيأتي في جولته الثانية بطروحات
أكثر تفصيلاً، لكن ثمّة إجماعاً بأنه من المبكر الحديث عن ولادة صيغة للحل. أضف إلى
ذلك أن شهريْ الإجازات الصيفية يجعلان الحركة الخارجية أكثر بطئاً، ما يعني وجوب
انتظار شهر أيلول لعودة الزخم المطلوب.
ومن الآن وحتى ذلك الحين، لا بد أن تكون
مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي قد وصلت إلى خواتيمها. وأن يشكل بيانه النهائي نقطة
الارتكاز الداخلي والخارجي للحل الرئاسي. وإلى جانب ذلك سيكون للفاتيكان تحرّك أكثر
وضوحاً في اتجاه لبنان بالتنسيق مع واشنطن وباريس. والتحرك الفاتيكاني قائم على أساس
عدم تهميش المسيحيين.
لكن، على
الموفد الفرنسي أن يضمّن في حساباته في إدارة الملف اللبناني، احتمالاً عالي
الترجيح، يفيد بأنّ قوى المعارضة لن تشارك بأي طاولة حوار، لا في قصر الصنوبر ولا
مجلس النواب، بعدما أفضت الاجتماعات المتواترة بين قوى المعارضة، إلى إنتاج موقف
واحد رافض للحوار، الذي بات حزب الله يلوّح به مدخلاً أساسياً للتوافق على انتخاب
رئيس للجمهورية.
فحزب الله يضع مصطلح الحوار، كشرط مسبق أو
مطلب أساسي، لإنهاء مأزق الفراغ الرئاسي، ويرفق هذا الشرط بتعطيل نصاب جلسات
انتخاب الرئيس مع حلفائه، في الوقت الذي يؤكد تمسّكه بمرشحه رئيس تيار المردة
سليمان فرنجية للرئاسة، برغم حيازته أصواتا نيابية أقل من مرشح قوى المعارضة
والتيار الوطني الحر.
في المقابل ترفض هذه القوى منطق الحوار
الذي يدعو إليه حزب الله وحلفاؤه. وحسب هؤلاء أسباب الرفض كثيرة، ولعلّ أبرزها هو
أنّ هذا الحوار هو تفريغ للمؤسسات من مضمونها، وخروج عن نص دستوري، وذهاب في اتجاه
تكريس عُرف جديد خلافاً لاتفاق الطائف. فالانتخابات الرئاسية تجري في البرلمان
وفقاً للآليات الانتخابية المعروفة، ومن الواضح أن الثنائي الحزبي الشيعي الذي
انتزع الثلث المعطل في اتفاق الدوحة خلافاً لاتفاق الطائف، ويعمل على تثبيت طائفية
وزارة المالية خلافا للدستور أيضاً الذي لا يخصص أي حقيبة لأي طائفة، يريد عن طريق
إصراره على الحوار أن يكرّس هذا المنطق مدخلاً لكل انتخابات رئاسية، بدلاً من
البرلمان.
لكن بعيداً
عن دستورية استبدال الحوار بانتخاب مجلس النواب للرئيس، فإن خطورة الانشغال
بالحوار سواء كان دستوريا أم لا، فإن الشغور الرئاسي سينعكس على مؤسسات أساسية
ومفصلية في بنية الدولة. فالشغور الرئاسي على مدى الأشهر المتبقية من هذه السنة،
سيتسبب بفراغ آخر، وسيكون أكثر خطورة، وهو الفراغ في موقع قائد الجيش. ففي نهاية
كانون الأول المقبل، سيكون التحدّي الأكبر هو تعيين قائد جديد. وليس مضموناً أن
تكون تلك العملية أسهل من عملية ملء الفراغ في مصرف لبنان. وإذا حصل هذا الفراغ،
مطلع سنة 2024، سيكون لبنان قد دخل بكل مؤسساته في وضعية الإرباك وفقدان الشرعية.
في هذه الحال، سيكون لبنان بلا رئيس
للجمهورية، وبحكومة تصريف أعمال، وبمجلس نيابي شبه مشلول، وبمصرف مركزي يبحث عن
حاكم أصيل، وربما جيش يبحث عن قائد أصيل. كل ذلك فيما الإدارة العامة تتخبّط بلا
هوادة في وضعية الشلل، فتتهاوى مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى.
أوّاب إبراهيم