العدد 1593 /20-12-2023
بسام غنوم
تتسارع التطورات العسكرية
في جنوب لبنان يوما فيوم مع تصاعد المواجهات في غزة بين كتائب القسام وقوى
المقاومة من جهة ، وقوات الاحتلال الصهيوني من جهة اخرى ، التي بدأت تدرك بصورة
فعلية في ضوء المعارك القائمة حاليا ومع تزايد خسائرها في الجنود والعتاد انها
غرقت فعلا في في وحول غزة.
وقد اصبحت المواجهات في
جنوب لبنان بين حزب الله والعدو الاسرئيلي اكثر شدة وعنفا ، حيث لايمر يوم دون
وقوع خسائر في الجنود والعتاد لدى العدو الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة ، بفعل
العمليات النوعية التي يقوم بها حزب الله في المنطقة ، وهذا ما دفع وزير الدفاع
الإسرائيلي يوآف غالانت، الى القول انه «إذا أراد «حزب الله» التصعيد لمستوى واحد
فسوف نردّ عليه بخمسة أضعاف درجة التصعيد».
ونقلت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية عن غالانت ايضا
قوله: «سنعيد المستوطنات في الشمال إلى ما كانت عليه إمّا عبر اتفاق أو بالقوة».
وتأتي هذه المواقف مع بدء الحديث عن تحركات ومساعي
تقوم بها فرنسا بالتنسيق مع الادارة الاميركية تجاه لبنان من اجل الوصول الى اتفاق
او حل للوضع في الجنوب يضمن امن اسرائيل ، وفي هذا السياق زارت وزيرة الخارجية
الفرنسية كاترين كولونا لبنان بعد زيارتها تل ابيب حيث دعت كولونا، خلال زيارتها
قاعدة عسكرية قرب تل أبيب ، جميع الأطراف إلى «خفض التصعيد على الحدود بين إسرائيل
ولبنان». وقالت: «انّ خطر التصعيد يبقى قائما، وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة،
أعتقد أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وأقول ذلك لإسرائيل أيضاً. وهذه الدعوة الى
الحذر وخفض التصعيد تنطبق على الجميع».
وتأـي هذه الضغوط على لبنان في محاولة مكشوفة
للعدو الصهيوني والادارة الاميركية ومعهم فرنسا والاتحاد الاوروبي ، من اجل فك
الارتباط بين الملفين اللبناني والفلسطيني في ظل الحرب القائمة في غزة ، وفي اطار
مساعي الادارة الاميركية والاوروبية لترتيب الاوضاع في غزة ما بعد حركة حماس كما
يقولون او كما يتمنون ، وايضا في لبنان على ضوء ماستؤول اليه الاوضاع ما بعد
العدوان الاسرائيلي على غزة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الواقع هو : هل
تنجح التهديدات الاسرائيلية والضغوط الاميركية والاوروبية على لبنان في فرض واقع
سياسي جديد ؟
الرهان الاسرائيلي – الاميركي الذي يحظى بدعم
اوروبي ومن الدول العربية التي تقيم علاقات مع العدو الصهيوني وتلك التي تعمل على
تطبيع العلاقات مع اسرائيل على دم اهالي غزة وفلسطين ، ينصب على خيار هزيمة حركة
حماس والمقاومة في غزة اولا ، وعلى انسحاب ذلك على الوضع في لبنان ثانيا ، وعلى
اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط كما يريدون ثالثا.
لكن قبل الوصول الى النقطة الاولى وهي هزيمة حركة
حماس في غزة اولا ، على العدو الصهيوني ان يلملم خسائره في غزة اولا على يد كتائب
القسام وقوى المقاومة ، حيث مع تقدم العملية العسكرية في غزة بدأت خسائر الجيش
الاسرائيلي في التصاعد شيئا فشيئا بحيث يتكبد هذا العدو المجرم عشرات القتلى
والجرحى يوميا ، فضلا عن تدمير عدد من الدبابات على يد كتائب القسام وقوى المقاومة
في مختلف الجبهات في غزة .
اما في لبنان حيث مازالت المواجهات مع العدو
الصهيوني ضمن ما يسمى مناطق قواعد الاشتباك ، فإن حزب الله يدير المعركة بكفاءة
ويلحق خسائر كبيرة يوميا بالعدو الصهيوني، ولذلك يرفع المسؤولون الصهاينة الصوت
بالتهديد والوعيد ، ويستنجدون باميركا وفرنسا من اجل تثبيت الهدوء في جنوب لبنان
اولا ، و في محاولة فك الارتباط مع مايجري في غزة ثانيا ، الا ان هذه الجهود التي
تقوم بها اسرائيل والادارة الاميركية عبر فرنسا تصطدم بموقف رافض من حزب الله الذي
يدرك جيدا ماذا يعني فك الارتباط بين المقاومة في غزة ولبنان وما تخطط له الادارة
الاميركية لمرحلة ما بعد معركة غزة ، وفي هذا الاطار قال رئيس كتلة الوفاء
للمقاومة محمد رعد: «نحن نعرف ماذا نريد ونعرف أن هذا العدو قد غرق في وحل غزة ولن
تستنقذه كل دول العالم. هو نجح في التدمير لكن لن ينجح في تحقيق انتصار على
الإطلاق وسيخرج منكوس الرأس من عدوانه». وأضاف: «ولّى الزمن الذي يفرض على شعوبنا
خيارات لا يؤمنون بها وأنظمة لا يقرّون بشرعيتها ومصالح لا تخدم أجيالنا، فنحن في
زمن نفتح فيه الآفاق أمام استقلالية قرارنا وسيادتنا في أوطاننا».
بالخلاصة ما يريده العدو الاسرائيلي والادارة
الاميركية من لبنان بعد معركة غزة ، يمكن القول انه يدخل في باب التمنيات لا أكثر
ولا اقل ، وحزب الله يدرك جيدا ان انتصار المقاومة في غزة على العدو الصهيوني هو
انتصار للمقاومة في لبنان وهزيمة لكل المشاريع الاميركية والصهيونية ، وبالتالي
فإن الرهان على التهديدات والضغوط الاسرائيلية والاميركية على حزب الله في غير
محله.
بسام غنوم