العدد 1591 /6-12-2023
بسام غنوم
بدأ الحديث مع انتهاء
فترة الهدنة بين حركة المقاومة الاسلامية حماس والعدو الصهيوني ، واستئناف اسرائيل
عدوانها على قطاع غزة عن ترتيبات الوضع في غزة ولبنان بعد القضاء على حركة حماس في
غزة ، ووضع حزب الله في لبنان بعد الانتهاء من الحرب على غزة.
وتقود الولايات المتحدة
الاميركية واسرائيل هذه المحادثات بالتعاون والتنسيق مع بعض الدول العربية التي
تعادي محور المقاومة وترفع شعار تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني ، وفي هذا
الاطار كان لافتا ما اعلنه موقع "واللا" الاسرائيلي يوم
الاثنين الماضي، بأن "وفدا أميركيا من البيت الأبيض يصل إلى إسرائيل اليوم
لبحث "اليوم التالي" للحرب في قطاع غزة"، لافتا إلى أن "الوفد
الأميركي يرأسه فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس كامالا
هاريس". ومن المقرر أن يلتقي الوفد الأميركي بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي
ووزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية.
وذكر الموقع إن "المسؤولين الأميركيين
سيلتقون بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله".
وكان سبق ذلك زيارة الموفد الفرنسي الى لبنان جان
ايف لودريان الذي بحث في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين في ملفي انتخابات رئاسة
الجمهورية والتجديد لقائد الجيش اللبناني جوزاف عون ، وكذلك تطبيق القرار الدولي
1701 ، و كشف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب أن
"إسرائيل بعثت برسائل عدة تتعلق بالجنوب مع أطراف من الإتحاد الأوروبي نقلها
جوزيف بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الإتحاد الاوروبي ومن خلال
الفاتيكان".
وجاء في هذه الرسائل، كما ذكر بو حبيب لصحيفة
"نداء الوطن"، أنه على "لبنان تطبيق القرار الدولي 1701، وأن يكون
وجود "حزب الله" شمال نهر الليطاني وليس جنوبه".
وهذه النقاط بحثها لودريان مع مختلف الاطراف
اللبنانية حيث اختلفت وجهات النظر بين الفريق المؤيد لحزب الله والمقاومة في لبنان
عن وجهة نظر حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب ومايسمى ب "الفريق السيادي"
في لبنان ، حيث رفض حزب الله وفريقه اية تعديلات على تطبيق القرار 1701 بصيغته
الحالية ، فيما طالب الفريق الآخر بنزع سلاح حزب الله ونشر الجيش في الجنوب تحت
عنوان حماية لبنان من اية تدخلات خارجية .
وواضح مما سبق ان هذا الحراك الاميركي-
الاسرائيلي- الاوروبي ، والذي يحظى بدعم عربي ، ومن اطراف داخلية في فلسطين ولبنان
، يريد رسم صورة للمنطقة وخصوصا في غزة ولبنان لما بعد حرب غزة .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل انتهت معركة
طوفان الاقصى في غزة لمصلحة العدو الصهيوني ، وهل سيرفع حزب الله في لبنان الراية
البيضاء ؟
يبدو ان الادارة الاميركية الصهيونية للحرب في غزة
وفي جنوب لبنان قد فقدت عقلها بكل مافي الكلمة من معنى ، وذلك للاسباب التالية :
اولا : لم يستطع العدو الصهيوني رغم كل الاجرام
الذي يمارسه في غزة وفلسطين في كسر ارادة المقاومة رغم مرور شهرين على بدء العدوان
على غزة ، فالمقاومة في غزة مازالت على قوتها رغم كل ما فعلته الة الحرب الصهيونية
بحق المدنيين الابرياء، وما كشفته عملية تبادل الاسرى بين كتائب القسام والعدو
الاسرائيلي في شمال غزة تحديدا ، يؤكد فشل اسرائيل في القضاء على حركة حماس وقوى
المقاومة في شمال غزة التي كان العدو الصهيوني يروج انها اصبحت تحت سيطرة قواته.
ثانيا : رفض حركة حماس للشروط الصهيونية للافراج
عن الاسرى العسكريين واصرارها على مبدأ " الكل مقابل الكل " كما قال
نائب رئيس المكتب السياسي الشيخ صالح العاروري ، يؤكد بما لايدع مجالا للشك ان
المقاومة في غزة ليست في مرحلة الضعف ، وان ما يروجه الاميركيون والاسرائيليون عن
قرب استسلام كتائب القسام هو مجرد اوهام ، وهو ما اكدته التصاريح الصادرة عن
قيادات في الجيش الاسرائيلي ، وفي هذا الاطار كان هناك موقفا لافتا للرئيس الفرنسي
ايمانويل ماكرون حيث دعا ماكرون في مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر الأمم المتحدة
للمناخ (كوب 28) في دبي، السلطات الإسرائيلية لـ«تحديد أهدافها بدقة أكبر»،
متسائلاً: «ماذا يعني القضاء على (حماس) بالكامل؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟ وإذا
كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر 10 سنوات، لذا يجب توضيح هذا الهدف».
ثالثا : ما تسعى اليه الادراة الاميركية ومعها
العدو الصهيوني وبعض الدول العربية في غزة ولبنان بعد انتهاء الحرب في غزة ، هو بمثابة
الخلاف على جلد الدب قبل صيده كما يقال ، فلا حماس في غزة اعلنت استسلامها وهي
اكدت على لسان القيادي في حماس اسمة حمدان ان : "أهداف نتنياهو وجيشه ستتحطّم على
صخرة صمود شعبنا، وستمضي كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام وقوى المقاومة المظفرة في
ردّ العدوان والدفاع عن أهلنا في قطاع غزَّة”.
ولا حزب الله الذي مازال على جهوزيته العسكرية في
لبنان و قوته على الحدود مع فلسطين المحتلة بوارد القبول بأي من الطروحات
الاميركية والاوروبية ، وعلى العكس من ما تروجه الادارة الاميركية ومعها العدو
الصهيوني ، فإن محور المقاومة في المنطقة ما زال يتمتع بأفضلية كبيرة على الارض
وما يشهده الخليج من استهداف للسفن الاسرائيلية في البحر الاحمر من قبل الحوثيين ،
وكذلك من عمليات على القواعد الاميركية في العراق ، فضلا عن الدور الايراني
المتصاعد في المنطقة يؤكد ان كل ما تحلم به اميركا واسرائيل ومعسكر التطبيع في
المنطقة غير قابل للتحقيق.
بالخلاصة معركة طوفان الاقصى في غزة وفلسطين غيرت
المعادلات الاقليمية والدولية ، ولن تنفع سياسة التهديدات التي تتبعها الادارة
الاميركية في تغيير ما حققته معركة طوفان الاقصى سياسيا وعسكريا.
بسام غنوم