العدد 1622 /24-7-2024

جنوب لبنان- مع استمرار العدوان على غزة للشهر العاشر على التوالي، شهدت جبهة الجنوب اللبناني في الأيام الأخيرة تصعيدا عسكريا بين حزب الله وإسرائيل.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد عدد من المقاتلين والمدنيين، بعد استهداف قادة ميدانيين في الحزب في بلدات صفد البطيخ، ومجدل سلم، وشقرا، وعدلون.

ومنذ بدء التصعيد، تجاوز عدد الشهداء في لبنان نحو 500 شخص، بينهم مدنيون ومقاتلون من حزب الله والجماعة الإسلامية وحركة أمل، إضافة إلى حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين اللتين انخرطتا في المعركة من الجنوب اللبناني للمرة الأولى. وفي المقابل، أعلنت إسرائيل عن مقتل 18 جنديا و13 شخصا.

تصعيد حزب الله

ورفع حزب الله من مستوى عملياته ضد مواقع وتجمعات جيش الاحتلال، حيث قصف لأول مرة مستوطنات جديدة مثل "أبيريم"، و"نيفيه زيف"، و"منوت"، و"دفنا" شرق مدينة عكا، بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ردا على الاعتداءات التي طالت المدنيين.

ووفقا لتقرير إسرائيلي، استخدم الحزب طائرة مُسيّرة جديدة "شاهد b1" تعمل بمحرك وشاحن كهربائي، وتتمتع بقدرة على الطيران لفترة طويلة، مع صوت خافت وبصمة حرارية خفيفة مما يسهم في قدرتها على الاختراق.

من جهته، حذر وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، مما سماها عواقب كارثية لأي تصعيد أو اجتياح إسرائيلي للبنان، معتبرا أن مثل هذا التصعيد قد يؤدي إلى توسيع رقعة الحرب لتصبح إقليمية.

وفي الجانب الآخر، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت -خلال كلمة ألقاها في الجبهة الشمالية مع لبنان- باستخدام الخيار العسكري بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

في الأثناء، سيتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء خطاب أمام الكونغرس يوم 24 يوليو/تموز الجاري، تلبية لدعوة رسمية من قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وتأتي هذه الزيارة وسط ضغوط دولية وداخلية للتوصل -بسرعة- إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ويرى خبراء أن التصعيد الذي يمارسه حزب الله يهدف إلى الضغط على إسرائيل لمنع استهداف المدنيين في لبنان. ويعتقدون أن استمراره من قبل الجانبين، هو الخيار الأكثر احتمالا في الوضع الحالي مقارنة بإمكانية نشوب حرب شاملة أو التوصل إلى هدنة.

استهدافات جديدة

وعلى وقع زيادة التوترات والتهديدات، يشدد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة -للجزيرة نت- على أن نصر الله وجه تهديدا لإسرائيل في خطاب العاشر محرم الموافق 16 يوليو/تموز الجاري، محذرا من استهداف مستوطنات جديدة إذا استمرت تل أبيب في استهداف المدنيين.

ويشير إلى أن إسرائيل خرقت هذا التهديد بما أسفر عن اغتيال أحد قادة المقاومة واستشهاد مدنيين، مما دفع المقاومة للرد باستهداف "مستعمرات" جديدة.

وبرأي شحادة، فإن استهداف المستوطنات الجديدة يهدف إلى زيادة عدد النازحين الإسرائيليين من المنطقة الشمالية، مما يشكل ضغطا على الحكومة الإسرائيلية التي تواجه حاليا 120 ألف نازح، ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى 70 ألفا إضافيين إذا استمرت في استهداف المدنيين اللبنانيين.

وبشأن التصعيد الأخير، يشير شحادة إلى أن إسرائيل استهدفت مركزا في عدلون ردا على هجمات المقاومة، مدعية أنه مخزن للذخيرة تابع للمقاومة التي يتوقع أن تستمر في الرد، لكنه يرى أن قواعد الردع ستظل مضبوطة خاصة مع اقتراب زيارة نتنياهو إلى أميركا.

ويعتقد أن نتنياهو سيلتقي "باللوبي الصهيوني" في واشنطن لمحاولة الحصول على دعم لشن حرب على لبنان، لكنه يعتبر أن ذلك غير ممكن بسبب الانتخابات الأميركية واحتمال تدخل دول أخرى، مما يعني أن الحرب ستصبح شاملة في كل المنطقة.

تصعيد مستمر

ويتطرق شحادة إلى قصف ميناء الحديدة، واصفا العملية بأنها "هوليودية"، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بحاجة إليها لإعادة الاعتبار قبل ذهابه إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد العملية اليمنية بإرسال طائرة مُسيّرة واختراق أجواء يافا، مما أدى إلى كسر توازن الردع لدى إسرائيل بشكل كبير.

ويضيف أن نتنياهو سيذهب إلى واشنطن وهو يحارب على 5 جبهات وهي جبهة غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، واليمن، والعراق، "فهو بحاجة لمساندة من أميركا".

وفي ظل استمرار العدوان على غزة، وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو، التي لا تزال تؤجل اندلاع حرب شاملة، حسب الباحث السياسي هادي قبيسي الذي قال -للجزيرة نت- إن نتيجة موازين القوى الحالية بين إسرائيل وجبهة المقاومة، تدفع في تنامي التصعيد درجة بعد أخرى، بمبادرة من جبهة المقاومة، للوصول إلى الهدف المعلن المتمثل في وقف الحرب على غزة.

وحسب قبيسي، يعمل الطرفان على استثمار التصعيد للاقتراب من تحقيق الهدف، والطرف الذي سينجح في النهاية هو الذي يمتلك جبهة داخلية أكثر صلابة. ويشير إلى أن السيناريو المرجح هو التصعيد التدريجي المستمر، فيما يبقى سيناريو وقف الحرب أو الحرب الشاملة أقل ترجيحا.

ويؤكد قبيسي أن لبنان يستفيد من استمرار التصعيد في توسيع رقعة النزوح من الجليل، وفي رفع منسوب ضغط مستوطني الشمال "المحبطين نفسيا"، فيما يحافظ سكان القرى الحدودية في جنوب لبنان على تماسك نفسي صلب.