العدد 1655 /12-3-2025
حسان قطب
الاحداث
التي جرت في شمال سوريا، او ما يطلق عليه الساحل السوري، اطلقت اشارات واضحة، بأن
هناك من يريد ان تبقى سوريا ساحة صراع مسلح، مع خروج بشار الاسد من السلطة، وهذا
يعيدنا الى الشعار الذي اطلقه اتباع وحلفاء الاسد الاقليميين مع مطلع الانتفاضة
الشعبية السورية، عام 2011.. (الاسد او يفنى البلد)..
مع تطور
الاحداث وسقوط الاسد والمنظومة الداعمة له من ميليشيات طائفية تقاطرت من مختلف دول
العالم برعاية وادارة ايرانية لحمايته ورعايته بممارسات وحشية غير مسبوقة، ومع
تجاهل المجتمع الدولي لكل الجرائم التي ارتكبها هذا النظام والميليشيات العاملة في
خدمته.. يؤكد لكل مراقب ومتابع ان الاحداث الامنية في شمال سوريا وفي المدن
الساحلية انما كان عملاً مخططاً له بدقة، ويهدف الى تحقيق اهداف محددة تتجاوز
الشأن السوري، لخدمة اهداف وبرامج اقليمية وهنا يجب ان نتوقف عند بعض الملاحظات
والمعطيات والنتائج:
- كان
واضحاً ان العملية العسكرية التي اطلقتها فلول الاسد والحلفاء الاقليميين لنظامه
البائد، كان يتم الترويج لها قبل فترة من الزمن، وبشكلٍ خاص على لسان قادة
ومسؤولين ومستشارين ايرانيين.. واعوانهم من العراقيين واللبنانيين..
- الحملة
الاعلامية التي واكبت الانفجار الامني في لبنان والعراق وايران، واسرائيل، كانت
متناغمة ومتجانسة ومتوازية، بما يخدم مشروع تفتيت سورية وزرع بذور فتنة بين
المكونات السورية..
- لقد
روّج الاعلام المؤيد لايران طوال الاشهر الماضية التي اعقبت انتصار الثورة السورية
على جلاديها، بأن حرباً سوف تن\لع بين الفصائل السورية المسلحة وهذا ما لم يحدث..
- لقد
توقعت الابواق المؤيدة لايران خلال هذه الفترة، ان تقع في سوريا وعلى يد الفصائل
والنظام الجديد اعمال عنف وانتقام ومذابح وسوى ذلك من المفردات الترهيبية، ولكن لم
يحدث شيء من هذا القبيل..
- الضغط
الاسرائيلي في الجنوب، تم استثماره بشكلٍ واسع من ابواق واقلام مسؤولي محور التطرف
الايراني للدلالة على ان الادارة السورية الجديدة، ليست سوى اداة غربية عاجزة عن
مواجهة اسرائيل او انها تابعة لها ضمناً..
تداعيات
سقوط الاسد على ايران
- انقطاع
خط التواصل بين طهران ولبنان عبر بغداد ودمشق.
- خسارة
الاستثمارات الايرانية في الاقتصاد السوري.
- تراجع
ثقة اتباع ايران في المنطقة بقدرتها على مواجهة شعوب دول المنطقة تبني
استراتيجيتها او العمل في خدمتها.
- انكشاف
طبيعة المشروع من حيث مذهبيته، وطائفيته، وتقديم المصلحة الايرانية على مصالح شعوب
المنطقة، وبشكلٍ اخص على الفصائل التابعة لها وتعمل في خدمتها..
- انهيار
مشروع الهلال الشيعي في العالم العربي.
-خسارة
عسكرية مدوية وسياسية فاضحة سوف تنعكس سلبا على الداخل الايراني ان لم تتمكن السلطة
الحاكمة من استيعاب التداعيات وتقديم مشهد انتصار ولو جزئي تقدمه لمواطنيها.
- فقدان
الثقة بالمرجعية الدينية التي تقود العملية السياسية والعسكرية
ما الذي
تريده ايران من اعطاء شمال سوريا حكما ذاتيا او استقلالاً كاملاً..
الترويج
لهذا المشروع تطلب التالي:
- تصوير
الشمال السوري على انه منطقة نفوذ علوي، يجب حمايته ورعايته، بعد خسارته الهيمنة
على السلطة في سوريا طوال اكثر من خمسة عقود..لحمايته من الاكثرية الاسلامية..
-التعتيم والتضليل بالترويج الى ان شمال سوريا ومدنه
يحتضن اكثرية اسلامية بحكم ان المدن الرئيسية في الشمال هي اسلامية سنية، تحتضن
الى جانبها مكونات مسيحية وارمنية وعلوية..وليس العكس..
- الاحتضان الايراني للكيان العلوي المفترض
بالتعاون مع روسيا كما كان يتم التخطيط له، سوف يعيد ايران الى ساحل المتوسط..
- استخدام المطارات والمرافيء السورية، في الشمال
لشحن السلاح والمال والميليشيات الى سوريا من جديد.
- تأمين
الدعم لميليشيا حزب الله التي انقطع عنها كل اشكال الدعم، برا وبحرا وجوا مع تشديد
المراقبة الدولية على المعابر اللبنانية، وسقوط نظام الاسد.. الذي قطع التواصل بين
طهران وبيروت..
- اعادة صناعة وتجارة المخدرات وتهريبها الى
اوروبا لتمويل الميليشيات وبالتالي المشروع الايراني في المنطقة العربية.
- مساعدة حزب الله على اعادة ترتيب هيكليته
العسكرية من جديد ومساعدته على العودة الى لعب دور امني وسياسي كما كان سابقاً..
- ضرب
مصداقية الثورة السورية، والادارة الجديدة بالترويج الى ان العرب المسلمين غير
مؤهلين لادارة شؤونهم وحكوماتهم وان سياساتهم تشكل خطر على باقي المكونات غير
العربية وغير المسلمة..
الخلاصة:
سرعة تحرك
الادارة السورية، وحسم المعركة بسرعة، وتنبه المجتمع العلوي الى ان ما يجري من
احداث انما يشكل خطرا وجودياً على مجتمعهم ولكن لخدمة ايران ومشروعها، وليس لخدمة
الطائفة ومصالحها، ثم ان المجتمع العلوي كان بعضه متضررا من سياسات النظام البائد
ولم يكن بكامله في خدمة النظام.. كما ان الانخراط في مواجهات مفتوحة وصراعات غير
واضحة الاهداف والمعالم لن تقود الا الى مزيد من الهجرة والخسائر المادية في
الارواح والممتلكات وخسارة الحضور والدور.. كما ان المجتمع العربي والدول العربية
كانت مدركة لهذه الهجمة والخطوات الايرانية المنسقة مع الخطوات الاسرائيلية لتفتيت
سوريا.. اعلنت موقفا واضحا بتاييد الادارة السورية ورفضها لكل هذه الممارسات
والتحركات..
كما يمكن
القول ان الادارة السورية كانت متنبهة لبعض الممارسات غير المقبولة والمرفوضة
قانوناً وشرعا وعملت على ضبط الوضع والسعي لمعاقبة المرتكبين بصوتٍ مرتفع وبموقف
واضح احبط امنيات ايران ومن تبعها وعمل في خدمتها.. وردات الفعل التي شاهدناها في
لبنان والعراق ضد المواطنين السوريين تؤكد لنا ان الخسارة الايرانية في سوريا كانت
مؤلمة جداً للنظام الايراني..
حسان القطب