العدد 1649 /29-1-2025
بسام غنوم
مازالت عملية
تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التي كلف بتشكيلها القاضي نواف سلام عالقة في فخ
المطالب والحصص الوزارية التي يطالب بها بعض رؤساء الأحزاب والكتل النيابية
الكبيرة ، فضلا عن مطالبة زعماء الطائفة الشيعية بحقيبة المالية بحجة الميثاقية
وحماية حقوق الطائفة الشيعية في لبنان.
هذا الجو
الضبابي الذي يحيط بالمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة
نواف سلام أصاب غالبية اللبنانيين بالاحباط بعد أجواء التفاؤل التي عمت لبنان
واللبنانيين بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية برعاية عربية ودولية ،
وهو ما اعاد الامل للبنان واللبنانيين بعودة لبنان الى سابق عهده وازدهاره بعد
سنوات عجاف وسوداء عاشوها بسبب تسلط بعض اللبنانيين على مقدرات الدولة اللبنانية
بالتعاون والتنسيق مع التيار الوطني الحر برئاسة ميشال عون ، وهو ما أوصل لبنان
الى جهنم ، وجعله دولة فاشلة ومنبوذة من المجتمعين العربي والدولي.
والسؤال الذي
يطرح نفسه هو لماذا عادت عملية تشكيل الحكومة الجديدة الى دوامة تشكيل الحكومات
السابقة ، وهل هناك معطيات سياسية وأمنية تسمح بالعودة بلبنان الى الوضع السابق ؟
كل المؤشرات
العربية والدولية وعلى كل المستويات تؤكد ان لبنان دخل في مرحلة سياسية وأمنية
جديدة بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية ، وأن الدعم الدولي والعربي
للبنان وعلى كل المستويات جاهز بعد استكمال تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التي يجب أن تكون على شاكلة خطاب القسم
الذي أعلنه الرئيس عون في المجلس النيابي بعد انتخابه رئيسا للجمهورية ، لكن على
ما يبدو فإن البعض في لبنان لا يريد لبنان الدولة ، ولا يريد لهذه المطالب والآمال
أن تتحقق ويتمسك بقوة بما كانت عليه الحكومات اللبنانية السابقة أي حكومات المزرعة
التي أوصلت لبنان واللبنانيين الى الحضيض.
ويوم الأحد
الماضي كان نموذجا على بعض الممارسات السياسية والأمنية التي تستغل رفض اللبنانيين
للاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان ، من أجل محاولة ارباك عملية تشكيل الحكومة
الجديدة تحت حجة حماية حقوق الطائفة الشيعية ، وإلا فإن الشارع سيتجه للفوضى في كل المناطق
اللبنانية وخصوصا في العاصمة بيروت ، والا فما معنى خروج تظاهرات سيارة جابت وسط
بيروت وبعض المناطق الحساسة مثل فرن الشباك وفي محيط مغدوشة والهتاف شيعة شيعة .
هل يقصد من هذه
التحركات إظهار قدرة طرف من اللبنانيين على تحريك الشارع ، واستعداده للدخول في
صدامات في حال لم يتم الاستجابة لمطالبه السياسية ؟
هل يعتقد من رعى
تظاهرات الدراجات أن الرئيسين جوزاف عون والرئيس المكلف نواف سلام سيخضعون كما خضع
غيرهم لتظاهرة القمصان السود في السابع من أيار 2008
و"إنكم أمام خيار إما
القبول بما أمليه عليكم أو أرغمكم بالقوة على ذلك"؟
يخطئ الفريق
السياسي أو الافرقاء السياسيين الداخليين انهم بمثل هذه الممارسات يمكنهم العودة
الى الوراء لسنوات خلت ، وأنهم يمكنهم لي ذراع الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام
ومعهم غالبية اللبنانيين بمثل هذه التحركات التي ان اعطت مفعولها في السابق ، فإن
الزمن تغير سياسيا وامنيا وشعبيا على الصعيد اللبناني ، وكذلك على الصعيدين
الإقليمي والدولي بما يمنع أي فريق أن يفرض أجندته السياسية والأمنية على لبنان
واللبنانيين مجددا تحت أي ظرف من الظروف.
فعلى الصعيد
اللبناني الداخلي لم تعد القوى السياسية اللبنانية ومعها غالبية اللبنانيين تخشى
من مثل هذه التحركات ، وهي قادرة على القيام بتحركات مضادة وبطبيعة الحال لن يكون
الأمر كما كان في 7 أيار 2008.
فضلا عن أن الأجهزة الأمنية اللبنانية ، وخصوصا الجيش
اللبناني أصبح قادرا على فرض الأمن بالقوة مع الغطاء السياسي والشعبي الداخلي الذي
يتمتع به حاليا ، وكذلك مع الدعم الأقليمي والدولي له من أجل التصدي لأي محاولة
لزعزعة الأمن والأستقرار في لبنان.
أما على على
الصعيدين الأقليمي والدولي فالوضع بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان ، وسقوط
النظام السوري ، ومع مجيء الادارة الأميركية الجديدة برئاسة ترمب اصبح مختلفا عن
العام 2008 ، وبالتالي فإن أي محاولة للعودة بلبنان الى الوراء لن يكتب
لها النجاح عربيا ودوليا.
وهنا نسأل
ماذا على الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام ان يفعلا في ظل ما يجري حاليا في لبنان ،
سواء في التعقيدات التي تحيط بعملية تشكيل الحكومة الجديدة ، أو بالتحركات المشبوهة
على الأرض لمنع عودة لبنان الى الأمن والاستقرار.
المطلوب من
الرئيسين عون وسلام خطوة الى الأمام تسبق ما يراد من افشال للعهد الجديد برئاسة
الرئيس جوزاف عون ، والحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام ، وهذه الخطوة هي السير
بتشكيل الحكومة الجديدة بعيدا عن المطالب السياسية والحسابات الطائفية التي تعرقل
عملية تشكيل الحكومة الجديدة ، وهذه الخطوة اذا تحققت سوف تحظى بدعم كامل من
غالبية اللبنانيين ومن المجتمعين العربي والدولي مثلما جرى في انتخابات رئاسة
الجمهورية وتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة ، وبذلك يصبح الطرف
المعرقل معزولا سياسيا وشعبيا ، وتصبح كل الخزعبلات الجارية حاليا من مختلف
الأطراف في خبر كان.
فهل يبادر
الرئيسين جوزاف عون والرئيس المكلف نواف سلام إلى ذلك، ويقطع الطريق على كل
المعرقلين الذين اوصلوا لبنان الى الخراب ؟
بسام غنوم