العدد 1655 /12-3-2025
بسام غنوم
خطف الحدث السوري الاهتمام من كل
القضايا اللبنانية الداخلية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة على الادارة السورية
الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع من قبل فلول نظام بشار الأسد البائد الذين
تحركوا في وقت واحد وبشكل منظم في مدن الساحل السوري خصوصا في بانياس واللاذقية
وطرطوس ، وذلك بهدف فرض امر واقع جديد في سوريا بما يسمح بعودة ازلام النظام
السابق وحلفاءهم من بعض الأقليات الى السلطة في سورية ، واللافت في هذا التحرك انه
كان مدعوما من قبل دولة اقليمية كبيرة كانت تعمل منذ فترة طويلة على قيادة وتمويل
هذه التحركات بهدف تعويض خسائرها في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد المجرم ،
وانتصار ثورة الشعب السوري على الظلم والطغيان في سوريا الذي استمر منذ أكثر من 54 عاما بالتمام والكمال ، وشهدت فيه
سورية مجازر منظمة من قبل الحكم العلوي ابتدأ من مجازر حماه وجسر الشغور وتدمر في
العام 1982 ، وصولا الى المجازر التي ارتكبها نظام
بشار الأسد بعد انفاضة الشعب السوري في العام 2011 ، حيث تم قمع ثورة السوريين الأحرار بإستخدام الاسلحة
الكيماوية في مجزرة الغوطة ، وبالبراميل المتفجرة في كافة المدن والقرى السورية ،
وهو ما أدى الى سقوط أكثر من مليون سوري بين قتيل وجريح على يد جلاوزة نظام بشار
الأسد وحلفائه الذين هبوا للدفاع عنه من لبنان والعراق وايران وروسيا.
لهذا كله هب الشعب السوري هبة رجل واحد
للدفاع عن حريته ونظامه الجديد الذي يمثل كل التطلعات والأماني والآمال التي دفع
ثمنها الشعب السوري مئات آلاف الشهداء وملايين المشردين في كل بقاع الأرض ، ابتداء
من الدول العربية الجارة لسوريا مرورا بالقارة الأوروبية وصولا الى القارة
الأميركية وحتى الى اصقاع الأرض في المحيط المتجمد الشمالي فرارا من ظلم نظام بشار
الأسد المجرم.
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد فزعة الشعب
السوري دفاعا عن نظامه الجديد وحريته هو : لماذا انزعج البعض في لبنان من دفاع السوريين عن حريتهم
ونظامهم ؟
البعض في لبنان الذي نذر نفسه وكل ما
يملك خلال ثورة الشعب السوري للدفاع عن نظام بشار الأسد المجرم وبرعاية ودعم من
إيران ومليشياتها العراقية والأفغانية والباكستانية ، بالتعاون والتنسيق مع روسيا
الاتحادية ، لم يستسغ رؤية سوريا وشعبها احرارا من نظام بشار الأسد المجرم ، لذلك
رأى أن تصدي الشعب السوري لمحاولة الانقلاب الفاشلة على النظام السوري الجديد مناسبة
للعودة الى لغة حقوق الأقليات ، وادعى ان هناك مجازر ترتكب بحق العلويين من قبل
أهل السنة في سورية ، وفي هذا الإطار كان لافتا الموقف الذي أعلنه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ
علي الخطيب وقال فيه: "إن الأنباء
الواردة من سوريا عن المذابح التي حصلت في الساحل السوري أوجعتنا وآلمتنا وأدمت
قلوبنا لفظاعتها وبشاعتها".
وأضاف: "أن المشاهد الفظيعة التي وصلتنا وتصلنا عن الانتهاكات التي
حصلت بحق المدنيين الأبرياء، تجعلنا في حالة من الصدمة، لأننا اعتقدنا في مرحلة من
المراحل ان هذه الحقبة السوداء من تاريخ بلادنا قد انتهت الى غير رجعة. فلا ديننا ولا قيمنا ولا اخلاقنا تبيح
قتل الناس الأبرياء على الهوية، ما يستدعي تدارك هذه المظالم بحق الابرياء قبل ان
تتفاقم الامور الى ما هو أكثر عنفا وبطشا، بحيث يصبح من المستحيل التعايش بين
المكونات السورية، وبما يحقق أهداف الغرب والصهاينة في تقسيم سوريا وإلغاء
كينونتها كدولة واحدة موحدة".
واللافت أولا ان هذا الموقف وغيره من
المواقف المماثلة لم نكن نسمع بها اثناء ارتكاب نظام بشار الاسد المجرم مجازره بحق
السوريين طوال ال13 سنة الماضية ،
فما عدا وما بدا حتى بدأت تصدر مثل هذه المواقف الجديدة على لبنان واللبنانيين
والسوريين.
ثانيا : ان ما جرى ويجري في سوريا يتحمل مسؤوليته أولا وأخيرا فلول
بشار ألاسد ومن يدعمهم حاليا سواء بالقول أو الفعل ، ولولا مكر الليل والنهار على
القيادة السورية الجديدة الذي يدار من خارج الحدود لما حدث ما حدث من تجاوزات في
بعض مناطق الساحل السوري ، والتي يتحملها اولا واخيرا فلول الأسد المجرم الذين
استغلوا سماحة وعفوا القيادة السورية لارتكاب مجازرهم بحق رجال الأمن العام في مدن
وقرى الساحل السوري.
ثالثا : لا مبرر على الإطلاق لتحول المنصات
الأعلامية التابعة لإيران في لبنان مثل قناة الميادين للترويج للأخبار الكاذبة
والمضللة عن حجم التجاوزات التي حصلت في بعض مناطق الساحل السوري ، خصوصا ان
الرئيس أحمد الشرع أعلن عن رفضه لكل هذه التجاوزات بحق كل فئات السوريين وتم تشكيل
لجنة تحقيق في هذه التجاوزات ، وأعلن عن قراره بمحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات
، إلا إذا كان الهدف من هذه الحملات الإعلامية من قبل قناة الميادين هو صب الزيت
على النار تحت عنوان استنكار "المجازر بحق
المدنيين في الساحل السوري"
.
بالخلاصة
لبنان الخارج من عدوان صهيوني على لبنان دمر فيه الأخضر واليابس بحاجة أولا الى
الوحدة الوطنية بين اللبنانيين من كل فئاتهم وطوائفهم ومذاهبهم ، وهذا لا يمكن أن
يحصل إذا كان البعض مازال يراهن على خراب لبنان و سوريا من أجل مشاريع طائفية ثبت
فشلها ، واوصلت لبنان وسوريا والعراق الى الخراب.
بسام غنوم