العدد 1584 /18-10-2023
قاسم قصير
يعيش لبنان هذه الايام مرحلة صعبة في ظل
استمرار معركة طوفان الاقصى في قطاع غزة وتداعياتها الامنية والعسكرية على الوضع
اللبناني وخصوصا في ظل المواجهات التي تحصل بين قوى المقاومة والقوات الاسرائيلية
عبر الحدود اللبنانية.
وقد ادت الحرب في قطاع غزة وتداعياتها
المحلية والاقليمية والدولية ، الى تراجع الاهتمامات بالملفات السياسية
والاقتصادية والمالية وكذلك ملف النازحين السوريين وما يتعلق بهم ، وتركزت
الاهتمامات على متابعة الاوضاع الامنية واحتمال توسع المواجهات في الجنوب الى حرب
شاملة ، كذلك مصير ملف استخراج الغاز والنفط بعد انتشار معلومات عن عدم وصول شركة
توتال الى نتائج ايجابية.
فاين اصبحت الملفات السياسية والاقتصادية
والمالية التي كانت تشغل بال اللبنانيين قبل الحرب ؟ والى اين تتجه الاوضاع في
لبنان في المرحلة المقبلة؟
جمود الملفات السياسية والاقتصادية
باداية اين اصبحت الملفات السياسية
والاقتصادية والمالية في لبنان حاليا ؟
منذ ان بدات الحرب في قطاع غزة وانتقال
تداعياتها الى لبنان وتخوف القوى الاقليمية والدولية من توسع الحرب لتشمل جنوب
لبنان ، لاحظ المراقبون تراجع الاهتمام اللبناني بكل الملفات السياسية والاقتصادية
والمالية ، ولم يعد هناك اي اهتمام بالملف الرئاسي ، رغم مواقف الرئيس نجيب ميقاتي
الداعية الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران
باسيل الرافضة لفرض اي رئيس جديد بسبب الاوضاع الامنية وكذلك رفض الرهان على
متغيرات اقليمية ودولية تنعكس على الوضع الداخلي .
وتشير معظم الاوساط السياسية والدبلوماسية
والاعلامية في بيروت : ان الهم الاساسي اليوم لدى معظم الاطراف الداخلية والاقليمية
والدولية معرفة هل ستتجه الاوضاع في جنوب لبنان الى حرب واسعة وشاملة ؟ وكيف
ستتطور الاوضاع الامنية في الجنوب في ظل العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله
وقوى المقاومة من جهة والعدو الصهيوني من جهة اخرى، وقد تعرض المسؤولون اللبنانيون
الى ضغوط كبيرة لمنع توسع الجبهة الجنوبية لكن حزب الله رفض اعطاء اية ضمانات لذلك
، وتم التاكيد على ان وضع الجبهة الجنوبية مرتبط بالوضع في قطاع غزة ، وانه اذا
تدهورت الاوضاع اكثر في غزة فان كل الاحتمالات واردة .
واما على صعيد الملف الرئاسي فقد جرى تجميد البحث به والجميع ينتظر ما
ستؤول اليه الاوضاع في قطاع غزة والمعركة مع العدو الاسرائيلي لتحديد الموقف
النهائي .
وبالنسبة لملف النازحين السوريين والاوضاع الاقتصادية والمالية فقد جرى
تجميد الحديث عنها والكل يستعد لمواجهة اثار الحرب ، وبالنسبة لملف استخراج الغاز
والنفط فقد انتشرت بعض المعلومات بان الشركة لم تجد غازا ونفطا في البئر التي
حفرتها ولكن جرى التراجع عن هذه الاخبار بانتظار وضوح الصورة النهائية .
مستقبل الوضع اللبناني
لكن الى اين يتجه الوضع في لبنان في المرحلة المقبلة؟
حسب العديد من الاوساط السياسية والدبلوماسية فان الوضع في لبنان والمنطقة
كلها اصبح مرتبطا بالتطورات في قطاع غزة ونتائج المعركة بين قوى المقاومة والعدو
الصهيوني ، لان ما يجري في غزة سيكون له تداعياته على كل الاوضاع السياسية والامنية
وخصوصا في حال تطورت الاوضاع الى حرب شاملة في كل المنطقة.
ففي حال نجح محور المقاومة بتحقيق انتصار
ميداني وفشل الكيان الصهيوني ومن ورائه اميركا في القضاء على قوى المقاومة ، فان
هذه القوى ستكون جزءا من اي حل سياسي مستقبلي ، سواء قيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
وفي الاوضاع في كل الدول ، وهذا سينعكس ايضا على الحلول في لبنان .
واما في حال نجح الكيان الصهيوني ، بتوجيه ضربة قاسية لا سمح الله لقوى
المقاومة ، وهذا احتمال ضعيف ، فان ذلك سيكون له تداعيات سلبية على دور هذه القوى
في كل المنطقة وسيضطرها للقبول بتنازلات معينة .
وبالاجمال يمكن القول ان مستقبل لبنان اصبح
معلقا حاليا بتطورات الاوضاع في قطاع غزة والحرب بين قوى المقاومة والكيان
الصهيوني ، ونتائج هذه الحرب سيكون لها تداعياتها على الوضع اللبناني وكل المنطقة
، ولذا فان كل الملفات الداخلية ستبقى مؤجلة والمهمة الان حماية الاستقرار الداخلي
واستيعاب تداعيات الحرب في كل المستويات وهذا يتطلب تعزيز الوحدة الداخلية
والابتعاد عن السجالات والحرتقات كي لا يستفيد العدو الصهيوني من ذلك ويستفرد بقوى
المقاومة.
قاسم قصير