العدد 1621 /17-7-2024
قاسم قصير

منذ انتخاب الامين العام الجديد للجماعة الاسلامية الشيخ محمد طقوش قبل عام ونصف تقريبا والجماعة وامينها العام يتعرضان لحملة اعلامية وسياسية بحجة الالتحاق بمحور المقاومة ، وقد زادت وتيرة هذه الحملة بعد معركة طوفان الاقصى والحرب على قطاع غزة وانخراط الجماعة في العمل المقاوم دفاعا عن لبنان ونصرة للشعب الفلسطيني,

وتتجسد هذه الحملة من خلال مقالات اعلامية تتهم الجماعة بانها اصبحت تابعة لحركة حماس وحزب الله وبانها تأخذ اهل السنة في لبنان الى رهانات خاطئة وتحملها مسؤولية سقوط الشهداء من اهل السنة ، كما طالت الحملة العلماء والشخصيات الاسلامية والمفتين الذين أيدوا المقاومة ودعوا لمواجهة العدو الصهيوني ، اضافة الى الحملة على الشيخ طقوش لمشاركته في مجلس العزاء في ذكرى عاشوراء في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى .

ويدعو بعض المشاركين في الحملة دار الفتوى ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للامساك بالوضع وضبط اداء المشايخ ومنع الشباب من الانخراط في العمل المقاوم في لبنان .

فما هي أسباب هذه الحملة " وهل صحيح ان خيار المقاومة الذي اتخذته الجماعة هو خيار خاطىء ومرتبط بسياسة المحاور ؟ وماذا عن ابعاد الحملة ودلالاتها ؟

اسباب الحملة وخيار المقاومة للجماعة

بداية ما هي الاسباب الحقيقية لهذه الحملة ؟ وماذا عن خيار المقاومة لدى الجماعة الاسلامية في لبنان ؟

بدأت الحملة على الجماعة الاسلامية وامينها العام الشيخ محمد طقوش بعد الانتخابات الداخلية التي قامت بها الجماعة قبل عام ونصف تقريبا والتي اوصلت الشيخ طقوش الى موقع الامانة العامة للجماعة ، وكان السبب الاهم للحملة اتهام الجماعة انها اصبحت في محور المقاومة وان حركة حماس هي من تؤثر في دور الجماعة وان القيادي في حركة حماس الشهيد صالح العاروري هو من يتولى التأثير على قيادة الجماعة ( طبعا كانت الحملة قبل استشهاد الحاج صالح العاروري بعد معركة طوفان الاقصى) .

وزادت الحملة من وتيرتها بعد انخراط الجماعة الاسلامية في العمل المقاوم دفاعا عن لبنان ونصرة للشعب الفلسطيني وفي ظل التقارب الكبير بين الجماعة وحزب الله .

ومن اجل تصويب الامور فان خيار الدفاع عن فلسطين والانخراط في العمل المقاوم ليس خيارا جديدا لدى الجماعة وحركات الاخوان المسلمين ، والجماعة هي من مدرسة الاخوان الفكرية والسياسية ، فمنذ بدايات المشروع الصهيوني في ثلاثينيات القرن العشرين ونشوء الكيان الصهيوني في العام 1948 وحركات الاخوان المسلمين تشارك في العمل الفدائي وقاتل شباب الاخوان دفاعا عن فلسطين وشكلوا الكتائب المقاتلة التي ذهبت الى فلسطين ، وفي لبنان كان للجماعة وشبابها دور اساسي في مناصرة الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين ، وفي العام 1982 شكلت الجماعة قوات الفجر التي قاتلت العدو الصهيوني وقدمت العديد من الشهداء ، كما ان عناصر حركة حماس في لبنان كانوا في الاساس من شباب الجماعة وينشطون ضمن اطرها التنظيمية وحصل الانفصال عند تأسيس حركة حماس في العام 1987 ، والعلاقة بين الجماعة وحركة حماس هي علاقة أخوية وهناك تعاون فكري وسياسي منذ سنوات طويلة .

واما خيار المقاومة فقد اعتمده الامين العام للجماعة الاسلامية الشيخ محمد طقوش عند ترشحه لموقع الامانة العامة وتم انتخابه على هذا الاساس وهو الخيار الذي اعتمدته الجماعة منذ سنوات طويلة وليس ارتباطا بمحور معين او بسبب ظروف سياسية او انية .

ومن الواضح ان الحملة التي تخاض ضد الجماعة بسبب حالة الالتفاف الشعبي حولها في كل المناطق وخوفا من التقارب الكبير بين قوى المقاومة في مواجهة خيار التطبيع مع العدو الصهيوني او لمنع التضامن الكبير مع الشعب الفلسطيني .

عن الوحدة الاسلامية وفلسطين

والاخطر في الحملة الاعلامية والسياسية التي تشن على الجماعة الاسلامية وامينها العام الشيخ محمد طقوش التقارب الاسلامي – الاسلامي ومشاركته في مجلس العزاء في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والدفاع عن القضية الفلسطينية .

وللعلم فان دار الفتوى كانت تشارك منذ سنوات طويلة في مجالس العزاء في الثانوية العاملية وفي العديد من مجالس العزاء ، وكانت هناك كلمة اساسية لدار الفتوى في اليوم العاشر من شهر محرم ، وان مشاركة علماء السنة في مجالس العزاء ليست جديدة وان الكلمة التي القاها الشيخ محمد طقوش في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى تعبر عن الموقف الاسلامي الرافض للظلم ولمواجهة الفساد .

واما الخوف من انخراط علماء وشباب اهل السنة في لبنان في المعركة دفاعا عن لبنان ونصرة للشعب الفلسطيني فهو بسبب من ان يؤدي ذلك لانتشار خيار المقاومة وزيادة دور الحركات الاسلامية في لبنان ، مع العلم ان الدفاع عن فلسطين هو خيار اهل السنة الاساس في لبنان منذ العام 1948 وقد انخرط هذا الشباب في حركات المقاومة وقدمت بيروت اول شهيد في حركة فتح في العام 1968 وهو الشهيد خليل الجمل ، كما ان قادة وعلماء لبنان انخرطوا في المقاومة ودعم الشعب الفلسطيني منذ القيادي والضابط فوزي القاوقجي والشهيد معروف سعد والحاج توفيق حوري الى الدكتور فتحي يكن والعلامة الشيخ فيصل المولوي والشيخ الشهيد محرم العارفي الى كل العلماء والحركات السياسية التي دعمت الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة ، وهذا هو الخيار الطبيعي والاساس للكل المسلمين والاحرار .

واليوم فان مسيرة التقارب بين المسلمين على اساس خيار المقاومة هو الرد الطبيعي لما يجري في فلسطين ولن تنفع كل الحملات الاعلامية والسياسية والامنية في مواجهة هذا الخيار الوحدوي والمقاوم .

قاسم قصير