العدد 1630 /18-9-2024
قاسم قصير
نجحت القوات اللبنانية خلال السنوات الاخيرة
في التحول الى اهم واكبر حزب سياسي مسيحي وايصال 19 نائبا الى البرلمان في اخر
انتخابات نيابية في العام 1922 ، وكان هذا النجاح تطورا سياسيا مهما في مسيرة
القوات اللبنانية ، في ظل تراجع دور التيار الوطني الحر ، واقتصار عدد نواب بقية
الاحزاب المسيحية على عدد قليل من النواب .
واضافة الى الكتلة النيابية الاكبر في
البرلمان تتمتع القوات اللبنانية بقوة شعبية منظمة ولديها العديد من المؤسسات
الاعلامية والاجتماعية والاقتصادية وعلاقات على الصعيد العربي والدولي .
لكن هل نجحت القوات اللبنانية في الاستفادة
من هذه القدرات والامكانيات في تحقيق مشروعها السياسي في ظل انسداد الافق السياسي
الداخلي وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ورفض القوات للحوار الوطني قبل
الانتخابات ؟ والى اين تتجه القوات اللبنانية في المرحلة المقبلة؟.
تطور القوات والمشروع السياسي
بداية ما هي الاسباب التي ادت لتطور دور
القوات اللبنانية ؟ واين هو مشروعها السياسي اليوم ؟
نجحت القوات اللبنانية في تطوير قدراتها
ودورها السياسي والشعبي والكتلة النيابية لاسباب عديدة ومنها :
اولا : الاستفادة من حالة الشحن السياسي
والطائفي التي عاشتها البلاد طيلة السنوات الماضية وخصوصا بعد ثورة 17 تشرين الاول
2019 وانفجار المرفا واحداث الطيونة والحملة على التيار الوطني الحر .
ثانيا : تمتلك القوات هيكلية تنظيمية متطورة
واستفادت من تجربتها خلال الحرب الاهلية وتمتلك قدرات مالية ومؤسسات اعلامية
واجتماعية واقتصادية كبيرة وتلقت دعما خارجيا عربيا ودوليا .
ثالثا : استفادت القوات اللبنانية من قانون
الانتخابات واقامت تحالفات انتخابية سمحت لها في النجاح في العديد من المناطق التي
لم تكن تمتلك فيها قوة شعبية كبيرة مثل طرابلس وجزين وصيدا ، كما استفادت من
الصراعات السياسية والخلافات الحزبية .
رابعا : رفعت القوات شعارات مغرية للناخب
اللبناني وكانت حملتها الانتخابية ناجحة ومؤثرة .
لكل هذه الاسباب استطاعت القوات تطوير حجم
كتلتها النيابية وان يكون لها حضور سياسي وشعبي مهم ، ولكنها منذ انتهاء
الانتخابات النيابية والى اليوم لم تستطع تحويل هذه القوة السياسية والشعبية
والنيابية الى قوة فاعلة في الواقع السياسي والحكومي واقتصر دورها على المعارضة
وتوجيه الانتقادات السياسية للحكومة وحزب الله والرئيس نبيه بري والتيار الوطني
الحروخوض الحروب الاعلامية والسياسية واعتماد خطاب استفزازي لشريحة واسعة من
اللبنانيين .
رفض الحوار ومستقبل دور القوات
لكن كيف تتعاطى القوات اللبنانية مع الازمة
السياسية اليوم ؟ ولماذا ترفض الحوار الوطني قبل انتخاب رئيس الجمهورية ؟ واي دور
سياسي للقوات اللبنانية في المرحلة المقبلة؟
منذ انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون
حاولت القوات اللبنانية ان تلعب دورا مؤثرا في المعركة الرئاسية فتحالفت مع قوى
المعارضة وحزب الكتائب وكتل صغيرة وتبنت ترشيح النائب ميشال معوض ولكنها فشلت في
ايصاله لموقع الرئاسة ، ومن ثم تقاطعت مع التيار الوطني الحر لدعم ترشيح الوزير
السابق جهاد ازعور لكن مع ذلك فشلت في المعركة في ظل تبني الثنائي حركة امل وحزب
الله وحلفائهما ترشيح سليمان فرنجية ووجود كتل وسطية لم تتبن اي مرشح، وحتى الان
فشلت القوات في ايصال مرشحها وهي ترفض الدعوات الى الحوار الوطني قبل حصول
الانتخابات الرئاسية ، ولكن اذا استمرت القوات في رفض الحوار ولم تحصل الانتخابات
الرئاسية فان ذلك قد يؤدي الى نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي ولا تحقق القوات
اي اهداف سياسية طرحتها خلال السنوات الاخيرة وفي ظل تراجع تحالفاتها السياسية .
وبانتظار معرفة نتائج تحرك اللجنة الخماسية
من اجل الوصول الى تسوية بشأن الازمة الرئاسية وفي ظل استمرار التطورات الامنية
والعسكرية في جنوب لبنان وفي كل المنطقة ستكون القوات اللبنانية امام تحديات عديدة
، سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي ، فهل ستستطيع القوات تجاوز هذه التحديات
واتخاذ قرار جريء بالذهاب الى الحوار الوطني ؟ او ستستمر في الرفض والمعارضة
واعتماد خطاب سلبي واستفزازي وبذلك تخسر ما حققته من انجازات سياسية وشعبية؟.
القرار يعود الى قيادة القوات اللبنانية
والاستراتيجية التي ستعتمدها وبانتظار ذلك يبدو ان رصيد القوات يتراجع سيئا فشيئا
، والانتخابات النيابية المقبلة ستكون هي الحكم .
قاسم قصير