العدد 1655 /12-3-2025
وسام حجار
تعتبر بلدة شحيم، الواقعة في قلب إقليم الخروب، من أكبر البلدات اللبنانية وأكثرها
غنىً بالكفاءات البشرية التي شغلت مراكز قيادية بارزة في الدولة اللبنانية، لا
سيما في القضاء، الأمن، والسياسة. ورغم هذا الحضور القوي لأبنائها على المستويات
الوطنية، إلا أن البلدة لا تزال تعاني من تهميش واضح على صعيد البنية التحتية
والخدمات الأساسية، ما يضعها أمام تحدٍ كبير يستوجب تحركًا سريعًا لإنقاذها من
حالة الإهمال المزمن.
بلدة الكفاءات والإنجازات الوطنية
أنجبت شحيم
شخصيات لعبت دورًا محوريًا في الدولة اللبنانية، من كان آخرهم وزير الداخلية
العميد احمد الحجار ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء رائد عبد الله ومدعي عام
التمييز القاضي الدكتور جمال الحجار، إلى جانب هؤلاء، تضم البلدة عددًا كبيرًا من
القضاة، الضباط، المحامين، الأطباء، والمهندسين، نواب حاليين وسابقين، الذين
أثبتوا جدارتهم في مختلف المجالات. لكن المفارقة الكبرى أن هذه الإنجازات لم تنعكس
على واقع البلدة التي لا تزال تفتقر إلى أبسط مقومات التنمية.
التحديات التي تواجه شحيم
رغم حجمها
وموقعها الاستراتيجي، تعاني شحيم من أزمة بنيوية مزمنة تتمثل في:
1.البنية التحتية المتردية:طرقات متهالكة، ضعف في شبكات الكهرباء
والمياه، وانعدام التخطيط العمراني السليم.
2.ضعف الخدمات الصحية والتعليمية:لا تمتلك البلدة مستشفى مجهزًا،
وتعاني مدارسها الرسمية من نقص في التجهيزات المتطورة والمواكبة لمتطلبات العصر.
3.انعدام المرافق العامة:لا توجد حدائق أو مساحات خضراء أو
مراكز ترفيهية، ما ينعكس سلبًا على جودة الحياة للسكان.
4.شحّ الفرص الاقتصادية:رغم وجود عدد كبير من المتعلمين وحملة
الشهادات العليا، إلا أن فرص العمل داخل البلدة تكاد تكون معدومة، ما يدفع الشباب
للهجرة نحو بيروت أو الخارج.
نحو رؤية تنموية مستدامة لشحيم
مع اقتراب
الانتخابات البلدية، أصبح لزامًا على أبناء شحيم اختيار إدارة بلدية تمتلك رؤية
واضحة وخطة متكاملة للنهوض بالبلدة. ومن أبرز الحلول المطروحة:
1.إطلاق خطة شاملة لتحديث البنية التحتية
oتأهيل الطرقات الداخلية وتحسين شبكة الصرف الصحي والمياه.
oتحديث شبكة الكهرباء والإنارة العامة.
oتنظيم الحركة العمرانية ووضع ضوابط للبناء.
2.تحفيز
الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي
يتطلب تحقيق تنمية
اقتصادية مستدامة في شحيم تبني سياسات فعالة لتحفيز الاستثمار واستقطاب المشاريع
ذات الجدوى الاقتصادية. ومن هذا المنطلق، يمكن التركيز على المحاور التالية:
- دعم
الاستثمارات المحلية والمغتربة: تشجيع رجال
الأعمال والمغتربين من أبناء شحيم على توظيف رؤوس الأموال في مشاريع تنموية
وتجارية، مع توفير حوافز استثمارية تساهم في تعزيز بيئة الأعمال ورفع مستوى
الإنتاجية.
- تنمية
قطاع التكنولوجيا: الاستفادة
من الكفاءات المحلية المتخصصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار، من خلال
إنشاء مراكز تقنية وحاضنات أعمال تدعم ريادة الأعمال الرقمية وتوفر فرص عمل
مستدامة.
- تطوير
المشاريع الزراعية: تعزيز
الاستثمار في القطاع الزراعي عبر دعم المشروعات الحديثة والمستدامة، بما يضمن
تحسين الإنتاج الزراعي، ويوفر فرص عمل لأبناء البلدة، ويساهم في تحريك العجلة
الاقتصادية المحلية.
3.تحسين الخدمات الصحية والتعليمية
oتطوير المراكز الصحية القائمة وإنشاء مستشفى مجهز بأحدث
التجهيزات الطبية.
oدعم المدارس الرسمية وتأمين بيئة تعليمية حديثة.
4.تعزيز الشفافية والمساءلة في العمل البلدي
oوضع خطط واضحة للتنمية، مع نشر تقارير دورية عن تنفيذ المشاريع.
oتفعيل دور المجتمع المدني في مراقبة أداء البلدية لضمان تنفيذ
المشاريع بفعالية.
5.تعزيز
قطاع السياحة التراثية والثقافية
إدراج قصر شحيم الروماني والمعالم التاريخية الأخرى على خريطة السياحة اللبنانية، من خلال حملات ترويجية
وتنظيم فعاليات ثقافية، إضافة إلى إعادة تأهيل الحارات القديمة وتحويلها إلى وجهة
سياحية جذابة تعكس التراث المحلي وتعزز الحركة الاقتصادية عبر السياحة البيئية
والتراثية.
الخاتمة
شحيم بلدة
عريقة، وأبناؤها أثبتوا جدارتهم في مختلف الميادين، إلا أن غياب التخطيط وسوء
الإدارة جعلاها تعاني من مشاكل لا تليق بمستوى كفاءاتها. اليوم، ومع اقتراب
الانتخابات البلدية، تقع على أبناء شحيم مسؤولية اختيار إدارة قادرة على إحداث
التغيير، بعيدًا عن المصالح الشخصية والحسابات الضيقة،
الفرصة
اليوم سانحة أمام أبناء شحيم لاختيار مجلس بلدي جديد يمتلك رؤية واضحة، وخبرة تقنية، ونزاهة
إدارية، لتكون البلدة على قدر طموحات أبنائها، وتحقق قفزة نوعية
نحو مستقبل أكثر ازدهارًا والعمل
على تحويل البلدة إلى نموذج يُحتذى به في التنمية المستدامة.