العدد 1519 /6-7-2022
تتابع الاوساط الدبلوماسية الاوروبية في
بيروت التطورات والاحداث السياسية اللبنانية بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل
الحكومة الجديدة والجهود التي تبذل لتشكيل
هذه الحكومة ومدى قدرتها على متابعة مختلف الملفات اللبنانية واستكمال الاجراءات
الاصلاحية وصولا لانتخاب رئيس لبناني جديد.
ويؤكد دبلوماسيون اوروبيون في بيروت : ان
الجهات الدولية المعنية بالشأن اللبناني تعتبر ان تشكيل الحكومة الجديدة هو
الأولوية وذلك منعا لحصول أي فراغ سياسي ، وان تشكيل هذه الحكومة لا يعني القبول
بتأخير حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفقا للمهل الدستورية.
فكيف تقيّم الاوساط الدبلوماسية الاوروبية
الواقع السياسي اللبناني اليوم؟ وما هي نظرتها لمستقبل الوضع في لبنان؟
قراءة المشهد السياسي
اليوم
بداية كيف تقرأ الاوساط الدبلوماسية
الاوروبية المشهد السياسي في لبنان بعد الانتخابات النيابية وصولا لتكليف الرئيس
نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة؟
يعتبر الدبلوماسيون الاوروبيون المهتمون
بالشأن اللبناني : ان نتائج الانتخابات النيابية كانت غير متوقعة لانها افرزت
واقعا سياسيا ونيابيا جديدا دون ان تحوز أية أكثرية سياسية واضحة وحاسمة على العدد
الاكبر من اعضاء البرلمان الجديد ، وهذا الواقع جعل البرلمان منقسم على ذاته وغير
قادر على حسم الملفات الاساسية دون التوافق بين عدد من الكتل النيابية الكبيرة ،
وان اي ملف سياسي او اصلاحي يحتاج الى توافق داخلي.
ويشير هؤلاء الدبلوماسيون : ان النواب
التغييريين حققوا نتائج مهمة في البرلمان الجديد ، لكنهم لم يتحولوا الى كتلة
موحدة وهم غير قادرين على فرض خياراتهم السياسية دون التوافق مع كتل نيابية وسياسية
اخرى ، واذا لم يتم توحيد قوى المعارضة فان بقية القوى قادرة على فرض أجنداتها كما
حصل في انتخابات البرلمان الداخلية واللجان النيابية واختيار رئيس الحكومة المكلف.
ورغم ان هؤلاء الدبلوماسيين يرفضون
المعلومات التي نشرت في بعض وسائل الاعلام اللبنانية عن تفضيل شخصية معينة للحكومة
على حساب شخصية اخرى ووجود خلافات مع بعض الدول الخليجية في هذا الشأن ، فانهم
رحبوا بعودة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة مؤكدين اهمية
الاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة واستكمال الخطوات الاصلاحية وخصوصا الاتفاق مع
صندوق النقد الدولي وخطة التعافي واقرار الكابيتال كونترول وخطة الكهرباء وتسيم
الحدود البحرية، وانه اذا تحققت هذه الخطوات تكون الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح
وستلقى دعما عربيا ودوليا.
افاق المستقبل والحوار
الوطني
لكن كيف تنظر هذه الاوساط الدبلوماسية الاوروبية الى مستقبل لبنان؟ وهل
سيستطيع لبنان تجاوز مشاكله؟ وماذا عن امكانية الدعوة الى مؤتمر حوار وطني برعاية
اقليمية ودولية؟.
الدبلوماسيون الاوروبيون في بيروت يعترفون
بحجم المشكلات التي يواجهها لبنان واللبنانيون في هذه المرحلة ويؤكدون على الحاجة
للبحث في عملية متكاملة لاصلاح النظام السياسي اللبناني ومعالجة كل الملفات
العالقة ومنها دور سلاح حزب الله وعلاقات لبنان الخارجية وتحييد لبنان عن الصراعات
الاقليمية ، لكنهم يوضحون انه لا يمكن اليوم معالجة كل هذه الملفات نظرا لوجود
مشاكل آنية تحتاج لمعالجة سريعة ولا تتحمل الكثير من الانتظار ، وهذه مسؤولية الحكومة
الجديدة والبرلمان الجديد وهو مسؤول عن الكثير من الملفات الاصلاحية.
ومن اجل التحضير لعقد مؤتمر حوار وطني
شامل ، على ان يعقد بعد الانتخابات الرئاسية ، يدعو هؤلاء الدبلوماسيون الى عقد
حوارات مع مختلف القوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني من اجل الاستماع
الى وجهة نظرها من مختلف التطورات ولتقريب وجهات نظرها فيما بينها ، لانه لا يمكن
الذهاب الى مؤتمر حوار وطني دون تحضير الاجواء الداخلية والخارجية.
ومن اجل المساعدة في تهدئة الاجواء الداخلية وتحقيق الاصلاحات المطلوبة
يقوم هؤلاء الدبلوماسيون بالتواصل مع معظم الافرقاء اللبنانيين دون اي تمييز ، كما
انهم يشاركون في العديد من الورشات الحوارية الداخلية من اجل معرفة اتجاهات الرأي
العام اللبناني وتحديد الموقف منها.
وبانتظر تبلور صورة الاوضاع الداخلية والخارجية يؤكد هؤلاء الدبلوماسيون
على ضرورة حماية الاستقرار الداخلي ومنع حصول أي انفجار سواء لاسباب سياسية او
معيشية ولذلك تبقى الاولوية اليوم تقديم المساعدات الانسانية ودعم الجيش اللبناني
والاجهزة الامنية.
واما الحلول الجذرية فهي تنتظر تبلور صورة الاوضاع في المنطقة وعلى الصعيد
الدولي ، وعلى اللبنانيين عدم انتظار الحلول من الخارج وتقليع أشواكهم بأيديهم
وهذه نصيحية هؤلاء الدبلوماسين الاوروبيين اليوم.
قاسم قصير