العدد 1689 /12-11-2025

ريتا الجمّال

يشهد لبنان منذ أمس الاثنين سلسلة حرائق في العديد من المناطق، أشدّها في قضاء جزين جنوبي البلاد، حيث امتدت النيران، اليوم الثلاثاء، إلى غابة بكاسين، وهي تُعدّ من أكبر غابات الصنوبر في الشرق الأوسط، إلى جانب اتّساع رقعة الحرائق في قرى جنوبية التي اندلعت بفعل الغارات الإسرائيلية. وأظهرت لقطات مصوّرة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الكثيفة التي تتصاعد من غابة بكاسين، وذلك في وقتٍ ترتفع دعوات السكان للأجهزة الرسمية والدفاع المدني من أجل التدخل بسرعة لإخماد الحرائق.

وتابع رئيس البرلمان نبيه بري الحرائق المندلعة في المناطق الحرجية ولا سيما في غابة بكاسين والريحان وإقليمي الخروب والتفاح ومناطق عدة من الجنوب اللبناني. موجها جهاز الإطفاء التابع للدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية لاستنفار كافة آلياته المخصّصة للإطفاء وطاقاته البشرية والتطوعية من كافة المناطق ووضعها في تصرف المجالس البلدية في تلك المناطق والمؤازرة في عمليات إخماد النيران ولا سيما في إقليم الخروب وغابة بكاسين التي تمثل واحدة من أهم الثروات الوطنية والبيئية في لبنان والمنطقة، وتنسيق خطط التحرّك مع الأجهزة الرسمية المعنية.

من جهته، تابع الرئيس جوزاف عون من صوفيا، خلال زيارته الرسمية إلى بلغاريا، تفاصيل الحريق الضخم الذي شبّ منذ أمس في منطقة جزين ولا سيما في بلدة بكاسين وفي إقليم الخروب ومنطقة الريحان، وأعطى توجيهاته إلى الدفاع المدني بالعمل على مكافحة الحريق. وطالب الجيش بوضع إمكاناته الجوية للمساهمة في إخماد النيران ومنع امتدادها، كما طالب بالاهتمام بحاجات المواطنين في هذه المناطق.

الإطار، قالت وزيرة البيئة تمارا الزين إن هناك بعض الوقائع في موضوع الحرائق التي فتكت بالعديد من المناطق اللبنانية، إذ لا حرائق تنشب دون تدخّل بشري، سواء متعمّد أو غير متعمّد، مضيفة "منذ مدّة ادّعينا بعد حريق القبيات (شمال لبنان) وننتظر نتائج التحقيق. وفي إطلاق الحملة الوطنية "ما تلعب بالنار" أكدنا أن العوامل الطبيعية كالجفاف والرياح تساهم في انتشار الحرائق ولكن نقطة الانطلاق تبقى بفعل بشري". مضيفا "في جنوب لبنان تحديداً، أحرق العدو ما يزيد عن 8700 هكتار من الأراضي الزراعية والحرجية، والبارحة أيضاً استكمل الجريمة البيئية عبر إلقاء أجسام حارقة في العديد من الأحراج مما زاد من حجم الكارثة. للأسف ورغم تكرارنا منذ بداية العدوان لما نشهده من إبادة بيئية على أيدي العدو، لم نجد من يرفع الصوت معنا إلا ثلة صادقة من الفاعلين في النشاط البيئي وذلك لأسباب نعرفها جميعاً".

وشددت وزيرة البيئة على أن "دعم الدفاع المدني ضرورة قصوى على كافة المستويات من موارد بشرية ومعدات وتجهيزات، فهم دوماً في الخط الأول للاستجابة وباللحم الحي، فحتى في الدول الأكثر تجهيزاً وتطوراً في هذا المجال، يحصل أن تعجز فرق التدخل في الحدّ سريعاً من النيران، تماماً كما حصل في كاليفورنيا وإيطاليا وفرنسا"، مؤكدة "ضرورة العمل على أنظمة تخزين المياه في المناطق المعرّضة".

وأكدت الزين أن "الجهد الأكبر، خاصة في ظل ضعف الإمكانات المادية واللوجستية، فهو عبر الوقاية وتأسيس أنظمة الإنذار المبكر غير الموجودة حالياً. منذ أشهر قليلة أطلقنا مشروع الحد من حرائق الغابات في السراي الكبير وهو مشروع متواضع لا يغطي سوى ثلاث بقع صغيرة تشهد حرائق متكررة ولن تبرز مخرجاته المحدودة إلاّ عند انتهائه بعد ثلاث سنوات، وفيه تأسيس لأنظمة إنذار بالتعاون مع اتحادات البلديات المعنية وفيه أيضاً بعض التجهيزات لفرق التدخل والاستجابة". مشيرة إلى أن "هذا المشروع هو عيّنة ميكروسكوبية عن حاجات البلد الفعلية التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات ما بين أنظمة إنذار مبكر ومعدات للاستجابة والتدخل وعمليات تأهيل"، مشددة على أنه "بغياب أحكام قضائية قاسية بحق من يفتعلون الحرائق لغايات مختلفة، لن يتوانى أي مرتكب عن تكرار فعلته"، مؤكدة أيضاً أن "تأهيل المواقع التي تضررت لا يجب أن يحصل بطريقة عشوائية بل وفق منهجيات علمية مدروسة".

وأعلن الدفاع المدني في الساعات الماضية عن اخماد سلسلة حرائق شبّت في مساحات شاسعة من الأعشاب اليابسة والأشجار الحرجية في عدد كبير من المناطق اللبنانية. ومن المناطق التي اندلعت فيها الحرائق، شدرا، عين التينة (الضنية)، بطحا (كسروان)، رومين، كفرملكي، أنصار، وادي جهنم، بنواتي (جزين)، طيرحرفا، الضهيرة، معركة، النميرية، الشارقة، قرنايل (قضاء بعبدا)، وادي الجماجم (ضهور الشوير)، النبي بري (القبيات)، ضهر نصار (عكار)، والمغيري (قضاء جبيل). واستخدمت عناصر الدفاع المدني آليات الإطفاء والوسائل اليدوية، خلال عملية تطويق النيران ومنع امتدادها إلى المنازل والأراضي الزراعية، إلى أن تم السيطرة عليها بالكامل، فيما دخلت جميع هذه الحرائق مرحلة التبريد لضمان عدم تجددها. ودعت المديرية العامة للدفاع المدني المواطنين إلى توخي أقصى درجات الحذر، وتجنب إشعال النيران في الأعشاب أو بالقرب من الأحراج.