العدد 1686 /22-10-2025
قاسم قصير

رغم المواقف التي اعلنها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون حول الاستعداد للذهاب الى مفاوضات غير مباشرة مع العدو الاسرائيلي فان المواقف الاميركية على لسان المبعوث الاميركي توم براك شكّلت تهديدا للبنان بامكانية حصول عملية اسرائيلية كبيرة ضد لبنان وحزب الله قد تؤدي الى تعطل الانتخابات النيابية وحصول فوضى كبيرة في لبنان ، في هذا الوقت عمد العدو الاسرائيلي الى تصعيد اعتداءاته على لبنان واستهداف البنى التحتية والمدنية واختراق السيادة الجوية عبر الطائرات المسيّرة فوق كل المناطق ولا سيما بيروت والضاحية الجنوبية.

واثارت الاستهدافات الإسرائيلية العنيفة لجنوب لبنان ليل الخميس الماضي في منطقة الزرارية – لنصار (بعد استهداف منطقة المصيلح) المخاوف من أن تكون تل أبيب تطبق «سياسة ممنهجة لخنق الجنوب اقتصادياً ومنع عودة الحياة إليه»، كونها انتقلت إلى قصف منشآت مدنية وصناعية، تستخدم في إعادة الإعمار.

فبعد أسبوع على قصف آليات وحفارات تُستخدم في إعادة الإعمار في منطقة المصيلح وقبلها في منطقة انصارية، بلغ هذا التصعيد ذروته مساء الخميس الماضي حيث نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات عنيفة على وادي بصفور بين بلدتي أنصار والزرارية الواقعتين شمال الليطاني، ما أدى إلى تدمير واسع في معامل إسمنت وورش صناعية واستهداف المخزن الاستراتيجي من المازوت التابع لمصلحة مياه لبنان الجنوبي وتردّد دوي الانفجارات في مناطق النبطية والزهراني.

واعتبرت هذه الغارات الأعنف منذ أسابيع، واحدثت الصواريخ وميضاً غير مسبوق وارتجاجات قوية شعر بها السكان في القرى المجاورة.
وأثار هذا التصعيد جدلاً واسعاً حول طبيعة الأهداف ودلالاتها، بين من يراه استمراراً للعمليات العسكرية التقليدية، ومن يعتبر أنه يتجاوز البعد العسكري ليطال البنية الاقتصادية والإنتاجية في الجنوب.

ويرى عدد من أبناء المنطقة أن «الضربات لم تعد تقتصر على مواقع عسكرية محتملة، بل أصابت شرايين الحياة المدنية»، مؤكدين أنّ «المواجهة الحالية لا تُقاس بعدد الصواريخ، بل بعدد الورش المدمّرة والعمال الذين فقدوا مصدر رزقهم»، في وقتٍ يتنامى فيه القلق من أن يتحوّل الاستهداف الاقتصادي إلى وسيلة ضغط لدفع السكان نحو النزوح تحت وطأة الفقر والخسائر المتراكمة وتطبيق الخطة الاسرائيلية بتفريغ الجنوب من سكانه وخصوصا المناطق الحدودية ومناطق جنوب الليطاني.

وبين التهديدات الاميركية باحتمال حصول عملية عسكرية اسرائيلية تستهدف لبنان وحزب الله وما يقوم به العدو الاسرائيلي من تصعيد عسكري مستمر في كل المناطق اللبنانية فان المخاوف تزداد ان يزداد التصعيد في الاسابيع المقبلة وصولا لاحتمال تحول التصعيد الى عدوان عسكري واسع على غرار ما جرى في شهر ايلول من العام الماضي.

ورغم حرص رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وبعض القيادات اللبنانية على ابداء الاستعداد للذهاب الى مفاوضات غير مباشرة ، وحتى مباشرة احيانا مع العدو الاسرائيلي للوصول الى معالجة لكل القضايا العالقة ، فيبدو حسب بعض المصادر السياسية والاعلامية بان الرد الاسرائيلي كان سلبيا ، وجاءت مواقف المبعوث الاميركي توم براك والتهديد بحصول عملية عسكرية اسرائيلية واسعة ضد لبنان لتزيد من هذه المخاوف .

كل هذه التطورات تؤكد الحاجة الى وضع رؤية لبنانية متكاملة لمواجهة التحديات القادمة ووضع خطة عملية للرد على التهديدات الاميركية والتصعيد الاسرائيلي بدل الاكتفاء باظهار الاستعداد للتفاوض غير المباشر.

فهل سينجح لبنان واللبنانيون في مواجهة هذه التحديات ووضع استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة المخاطر القادمة ام ان خيار التصعيد اصبح الخيار الوحيد والمطلوب الاستعداد الكامل لمواجهة هذا الخيار ؟.

قاسم قصير