العدد 1634 /16-10-2024

كشفت المواجهات المحتدمة بين حزب الله والعدو الصهيوني في جنوب لبنان عن قدرات عسكرية كبيرة لحزب الله سواء عبر منع الجيش الإسرائيلي من تحقيق أي تقدم يذكر على الأرض او عبر قدرته على توجيه الصواريخ والمسيرات الى عمق الكيان الصهيوني وآخرها استهدافه قاعدة عسكرية إسرائيلية في شمال حيفا مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي.

هذا التفوق العسكري لحزب الله جنوبا في مواجهة العدو الصهيوني يرافقه حراك سياسي على الصعيد الداخلي اللبناني على محورين.

الأول يريد استغلال ما يجري في الجنوب من أجل أضعاف حزب الله سياسيا وعسكريا لفرض متغيرات على الساحة الداخلية اللبنانية مدعوما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية الأوروبية تحت عنوان تطبيق القرارين 1559 و 1701 لفرض سحب سلاح حزب الله، وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لبنانية جديدة على غير ما كان عليه الحال قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان ، ويمثل هذا الفريق السياسي القوى السياسية التي اجتمعت في معراب يوم السبت الماضي، والتي أصدرت بيانا واضحا في هذا الشأن.

أما المحور الثاني فهو يريد أولا وقفا لإطلاق النار، و وتطبيق القرار الدولي 1701 بصيغته الحالية، ومن ثم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بإجماع وطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذا الفريق يمثله الرئيسين ميقاتي وبري، ويحظى بموافقة من حزب الله الذي أكد مراراً وتكراراً أنه يفوض الرئيس بري سياسيا، وأن له ملء الثقة به.

ومن الواضح أن الخلاف القائم بين المحورين حول حول تطبيق القرارات الدولية 1559 1701 ومواصفات انتخاب رئيس للجمهورية كبيرة جدا لأن الفريق الأول يريد نزع سلاح حزب الله والاطاحة به سياسيا، فيما الرئيس بري وحزب الله يريدون عبر المنارات السياسية بقاء الأمور كما كانت قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان مستغلين النجاحات العسكرية التي يحققها حزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي في الجنوب حتى الآن.

هذا الواقع السياسي اللبناني على ما هو عليه من خلافات ونزاعات لا يحقق للبنان واللبنانيين أي خير خصوصا مع استمرار العدوان الصهيوني على لبنان بدعم أميركي ودولي ومن بعض الدول العربية.

لذا فمن الأفضل لحزب الله وبعدما أثبت كفاءته العسكرية في مواجهة العدو الصهيوني في جنوب لبنان ، أن يستغل ما يجري للوصول إلى حلول وسط مع باقي القوى السياسية اللبنانية ،بما يسمح له بالمحافظة على وجوده السياسي أولا والعسكري ثانيا، ويكسب بذلك ثقة كل اللبنانيين، ويمنع عنه قرار الغاءه سياسيا وعسكريا كما تريد أميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية، وهو إذا قام بذلك يحقق نصر كبير له ولبنان واللبنانيين، لأن العودة بلبنان إلى ما قبل العدوان الصهيوني على لبنان سياسيا متعذرة، وقد تدخل لبنان في حرب أهلية جديدة.

فهل يقبل حزب الله بحل سياسي يرضي جميع الأطراف، وهو بذلك يحقق نصر سياسيا كبيرا في مواجهة أميركا وإسرائيل، ام يصر على إبقاء الأمور رهينة للمناورات السياسية، ويبقى لبنان في الدوامة التي يعيش فيها. سؤال برسم حزب الله.

بسام غنوم