العدد 1682 /24-9-2025
قاسم قصير

انشغلت الاوساط اللبنانية والعربية والدولية بالدعوة التي اطلقها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى المملكة العربية السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المقاومة، وذلك خلال خطاب ألقاه في 19 أيلول الحالي في ذكرى الشهيد القائد ابراهيم غقيل وقادة الرضوان ، الّذي شدّد خلاله على أنَّ تحوّل هذه العلاقة يجب أن تكون على قاعدة حوار شامل يعالج الإشكالات، ويؤكد أن إسرائيل هي العدو وليست المقاومة، مع التشديد على أن سلاح الحزب موجّه حصراً ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقد اثارت هذه الدعوة الكثير من ردود الفعل فالبعض اعتبرها محاولة من الحزب لكسب الوقت والتهرّب من تسليم سلاحه، بينما آخرون اعتبروها خطوة إيجابية وفعّالة في ظل التطورات الإقليمية والدولية، علما ً أنَّ قاسم وسّع دعوته لتشمل الداخل اللّبناني بكل أطيافه، حتى "خصومه"، مطالباً بعدم تقديم أي خدمة لإسرائيل عن قصد أو غير قصد، وبالعمل المشترك لبناء لبنان وتعزيز وحدته الوطنية.

فما هي ابعاد هذه الدعوة في هذه المرحلة؟ وما هي انعكاساتها الداخلية والخارجية؟
مصادر سياسية مطلعة على اجواء حزب الله قالت : أنّ خطاب الشيخ نعيم قاسم جاء في ظل تطورات بارزة شهدتها المنطقة، من ضمنها تعرّض قطر للقصف الإسرائيلي، وإعلان نتنياهو بشكل صريح عن مشروع "إسرائيل الكبرى"، إضافة إلى فتح الباب لتعاون عربي وإسلامي، إلى جانب تقارب سعودي – إيراني بعد زيارة الامين العام للجملس القومي الايراتي الدكتور علي لاريجاني الى لبنان والسعودية وفي ظلاستعداد المملكة للانفتاح على الواقع الشيعي بشكل كبير حسب مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت .

وتضيف المصادر : ان حزب اللهتلقى مؤخرا بشكل غير مباشر مؤشرات إيجابيّة من الرياض، إضافةً إلى التطورات المتسارعة في المنطقة. وأنّه رغم غياب أي موقف سعودي رسمي حتى الآن للرد على المبادرة إلّا أنّ المصادر تؤكد أن المملكة ستتعاطى بإيجابيّة مع هذا التوجّه.

واكدت المصادر : أن أي تعاون عربي-إسلامي من شأنه أن يعزّز الوضع الداخلي في لبنان ويقوّي الموقف في مواجهة التهديدات الإسرائيليّة، وأنّ خطاب الشيخ نعيم قاسم ترك ارتياحاً واضحاً داخل بيئة حزب الله ورضى عن أدائه.

في المقابل اعتبرت مصادر اعلامية في بيروت انه "من المبكر حسم خلفيّات الخطاب"، لكنّها أوضحت، أن البعد الدبلوماسي حاضر بقوة، وأنّ الحزب لم يعد قادراً على استعادة موقعه السابق بعد النقاشات والقرارات الداخلية اللّبنانية، وبعد الحرب الأميركيّة – الإسرائيلية على إيران وما خلّفته من أضرار وضغوط على طهران وحلفائها.

إلى جانب ذلك أشارت الى أنَّ ورقة إعادة الإعمار ضاغطة على بيئة الحزب، إذ إنّ انطلاق عملية الإعمار مشروط – وفق الرؤية الأميركيةّ والإسرائيليّة والخليجيّة وحتى الأوروبيّة – بتسليم حزب الله سلاحه للدولة اللّبنانية، ولذلك يسعى الحزب الى فتح الابواب العربية والدولية امامه .

واضافت المصادر "من الواضح أن المملكة العربيّة السعوديّة لا تتحرّك في هذا الملف من دون تنسيق مع الولايات المتحدة الأميركيّة، ويبدو أنّ دورها يتقاطع حالياً مع موقف الدولة اللّبنانية في ما يخص قضيّة السلاح. وفي حال تحقّق أي تقدّم في هذا الاتّجاه، قد تتمكّن الرياض من لعب دور محوري في ورشة إعادة الإعمار.

وردا على من اعتبر ان السعودية لا تتواصل مع كيانات سياسية اوضحت مصادر سياسية في بيروت انه سبق ان تواصلت السعودية مع حزب الله وقام وفد قيادي من الحزب برئاسة الشيخ نعيم قاسم ( وكان نائبا للامين العام ) ان زار السعودية في العام 2006 والتقى الملك عبد الله وكانت العلاقات بين الحزب والسعودية جيدة جدا وكان السفراء السعوديون يزورون الضاحية الجنوبية ويشاركون في نشاطات الحزب ، كما ان السعودية لها اليوم علاقات مع كل الاطراف السياسية والحزبية والدينية في لبنان .

وبانتظار معرفة مفاعيل هذه الدعوة داخليا وخارجيا على الصعيد العملي يمكن القول انها فتحت افاقا جديدة في الاوضاع السياسية اللبنانية وسيكون لها تداعيات مهمة في المرحلة المقبلة.

قاسم قصير

 

.