العدد 1642 /11-12-2024
بسام غنوم

انتصرت الثورة في سوريا وقضت على نظام بشار الأسد بفضل من الله تعالى أولا ، وبإرادة الشعب السوري البطل ثانيا ، الذي هب في كل المدن والقرى السورية هبة رجل واحد ضد الظلم والطغيان الذي كانت ترزح تحته سوريا والسوريين منذ اكثر من خمسين عاما.

هذا الانتصار الذي حققه الشعب السوري على الطاغية بشار الأسد ، لم يكن فقط انتصارا لسوريا والسوريين بل كان انتصارا للأحرار في كل العالم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني و أبعاد ، وما كشفه الثوار السوريون خلال اقتحامهم للمراكز والسجون التابعة للنظام البائد ، يؤكد ان هذا النظام كان عارا على البشرية ووعلى كل ما يمت الى الإنسانية بصلة ، وإلا فما معنى اعتقاله للنساء والأطفال وانتهاكه لأدمية الأنسان في سجونه لعشرات بل لمئات الآلاف من السوريين والفلسطينيين واللبنانيين طوال السنوات الماضية ، حيث خرج من المعتقلات من هو في السجن منذ أكثر من 30 او 40 سنة ، وهناك من خرج وهو فاقد لعقله ، ومن دخلت السجن عزباء خرجت وعندها اولاد لاتعرف أبائهم ، ولذك يمكن القول كل من يدافع عن هذا النظام المجرم او يبرر له أفعاله الشنيعة ، إنما هو شريك لهذا النظام وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وبالعودة الى تداعيات سقوط النظام المجرم في سوريا ، فهذه التداعيات ستنعكس لاحقا على كل الوطن العربي ، وبالأخص على القضية الفلسطينية التي سيكون لها شأن آخر بعد سقوط نظام بشار الأسد .

لكننا سنتحدث فقط عن تداعيات سقوط نظام الأسد على لبنان واللبنانيين ، خصوصا وان لبنان الخارج من عدوان اسرائيلي عليه ، تنتظره محطات سياسية هامة في الأيام القادمة ، لعل أبرزها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ، وكذلك إعادة الإعمار بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان وترقب عودة الأقتصاد اللبناني للنهوض مجددا.

فما هي أبرز هذه التداعيات :

- بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان بما انتهى اليه ، وبعد سقوط نظام بشار الأسد ، أصبحت الصورة السياسية مختلفة بالكامل محليا وخارجيا .

-فعلى الصعيد الداخلي اللبناني من المنتظر اعادة تشكيل الخارطة السياسية اللبنانية بعيدا عن ما كانت عليه طوال السنوات السابقة التي كانت فيها الكلمة الفصل لما يسمى بالشيعية السياسية ، حيث ستأخذ كل طائفة لبنانية موقعها وحجمها الطبيعي وخصوصا الطائفة السنية التي كانت شبه مغيبة عن القرار السياسي طوال الفترة الماضية ، وبالتالي سوف تعود لرئاسة الحكومة اللبنانية مكانتها الحقيقية والطبيعية بعيدا عن اي هيمنة سياسية او طائفية من هذه الجهة اوتلك ، وهذا الأمر هو الشيء الطبيعي لأن قرار تغييب الطائفة السنية سياسيا وتمثيليا طوال الفترة الماضية ادى الى تدهور الوضع اللبناني سياسيا واقتصاديا ، والى خراب لبنان نتيجة ما كان يعرف بتحالف الأقليات الذي كان في حقيقته تحالف تدمير لبنان على رأس اللبنانيين.

- اما على الصعيد الخارجي فما جرى في سوريا سيكون له انعكاس ايجابي على دور مؤسسات الدولة اللبنانية ، وخصوصا على الوزارات والاجهزة الأمنية وتحديدا الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي التي ستحظى برعاية عربية ودولية مميزة من اجل حماية الأمن والأستقرار في لبنان الذي كان على الدوام مطلبا عربيا ودوليا من أجل مساعدة لبنان سياسيا وأقتصاديا .

وأخيرا يمكن القول أن لبنان بعد انتهاء العدوان الأسرائيلي ، وانتصار الثورة في سوريا على نظام بشار الأسد ، قد دخل عصرا جديدا لكل لبناني فيه وضعه الطبيعي حيث لا فيتو من أحد على أحد ، ولا هيمنة من طائفة على طائفة ، ولا من مذهب على باقي الطوائف والمذاهب ، فلبنان الوطن يجمعنا جميعا وهو يسع كل اللبنانيين بالتساوي بدون اي تفرقة أو تمييز.

بسام غنوم