العدد 1626 /21-8-2024
قاسم قصير

يواجه التيار الوطني برئاسة النائب جبران باسيل العديد من التحديات السياسية والشعبية والتنظيمية ، فبعد الخلاف مع الحليف الرئيسي حزب الله حول الانتخابات الرئاسية وفي ظل مواقفه الاشكالية من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والفشل في تحقيق اهدافه السياسية في السنوات الاخيرة ، بدأت تبرز المزيد من المشاكل الداخلية والتنظيمية داخل التيار مما أدى لاستقالة او اقالة العديد من المسؤولين والنواب السابقين والحاليين ، واخر هؤلاء النواب الان عون وسيمون ابي رميا و الياس ابو صعب ، مع احتمال استقالة او اقالة النائب ابراهيم كنعان مما يفقد التيار جزءا من قوته النيابية ويضعه مستقبلا امام تحديات شعبية .

فما هي الاسباب التي ادت لبروز هذه الخلافات السياسية او التنظيمية ؟ واي مستقبل للتيار الوطني الحر في المرحلة المقبلة؟

اسباب الخلافات السياسية والتنظيمية

بداية ما هي ابرز اسباب الخلافات السياسية او التنظينية والتي برزت خلال السنوات الاخيرة ولا سيما خلال تولي الاستاذ جبران باسيل رئاسة التيار؟

من المعروف ان التيار الوطني الحر كان حالة شعبية ملتفة حول العماد ميشال عون في مرحلة التسعينيات من القرن الماضي وخلال وجوده خارج لبنان ولحين عودته في العام 2005 ، ونجح التيار في استقطاب حالة شعبية كبيرة وايصال عدد كبير من النواب الى البرلمان في انتخابات العام 2005 ، ولاحقا بدأت بعض الشخصيات المؤسسة تترك التيار وتحول لاحقا الى حزب منظم نجح في الوصول الى السلطة والحكم بالتحالف مع حزب الله وكما نجح في ايصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية في العام 2016 .

وتم تحويل التيار الى حزب منظم وانتخاب جبران باسيل لرئاسة التيار مما ادى لخروج بعض الشخصيات السياسية والحزبية منه بسبب الخلاف مع باسيل واسلوب ادارته للتيار ، وخلال عهد العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية واجه التيار تحديات سياسية وشعبية ولا سيما بعد احداث 17 تشرين الاول في العام 2019 ونشوب الانتفاضة الشعبية ، وتراجعت شعبية التيار وتعرض لحملة اعلامية وسياسية قاسية ، لكن رغم ذلك نجح التيار في الحفاظ على كتلة نيابية مهمة في انتخابات العام 2022 متحالفا مع حزب الله .

ولكن بعد انتهاء عهد العماد ميشال عون وبروز الخلافات مع حزب الله حول الانتخابات الرئاسية وتقاطع التيار مع بعض القوى المعارضة لدعم المرشح جهاد ازعور برزت خلافات جديدة داخل التيار وتكتله النيابي وكانت السبب الاساسي لاعتراض بعض النواب على سياسة الاستاذ جبران باسيل ، والتي انفجرت مؤخرا باقالة النائب الان عون واستقالة النائب سيمون ابي رميا وكذلك ابتعاد النائب الياس ابو صعب عن التيار ، وهناك احتمال قوي بخروج النائب ابراهيم كنعان من التيار، اضافة الى ان عددا من قيادات التيار اما اقيلت او تركت التيار لاسباب تنظيمية او سياسية ، والعنوان الابرز لكل ذلك سعي النائب جبران باسيل للامساك بالتيار ومنع بروز اية حالة اعتراضية داخلية ، اضافة لبروز مقاربات مختلفة حول الوضع السياسي.

مستقبل التيار في المرحلة المقبلة

لكن ما هو مستقبل التيار بعد هذه الاستقالات وفي ظل استمرار الخلاف مع حزب الله ؟

المسؤولون في التيار الوطني الحر يؤكدون ان الاولوية للحفاظ على الوحدة الداخلية والالتزام بالجانب التنظيمي وان اقالة او استقالة اي نائب او مسؤول من التيار من اجل الحفاظ على الوحدة الداخلية ، وان القوة الشعبية للتيار هي من ساهم بايصال هذه الشخصيات الى الموقع النيابي بغض النظر عن دورها النضالي او قدراتها الشعبية او السياسية .

لكن رغم اهمية دور التنظيم في ايصال هذه الشخصيات للمواقع النيابية ، فان هذه الشخصيات كانت تتمتع ايضا بحضور سياسي وشعبي وكان لها دور اساسي في النضال الحزبي مما سيفقد التيار قسما من االقاعدة الشعبية ، كما ان تحالف التيار مع حزب الله في الانتخابات النيابية الاخيرة ساهم في ايصال عدد من النواب من التيار ، وفي حال استمر الخلاف بين الحزب والتيار فان ذلك سيؤدي ايضا لخسارة جزءا من الكتلة النيابية .

وبانتظار الانتخابات النيابية المقبلة وما سيحصل من تطورات سياسية او عسكرية ، حتى ذلك الوقت قد تغير مجرى الاوضاع ، وبانتظار معرفة اي دور سياسي او حزبي سيقوم به النواب المستقيلون والمقالون من التيار ، سيكون التيار امام تحديات عديدة في ترتيب اوضاعه الداخلية والتنظيمية وتحديد دوره السياسي والشعبي ، لان كل ذلك سيحدد مستقبل ودور التيار في المرحلة المقبلة.

قاسم قصير