العدد 1621 /17-7-2024
حسان قطب

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات: حسان القطب

المجتمع الاسرائيلي غير مهيء لتحمل تداعيات حرب طويلة، هذه كانت النظرية السائدة لدى المجتمع العربي والفلسطيني، ولدى الفصائل الفلسطينية.. ولكن معركة طوفان الاقصى، التي اندلعت في اوكتوبر/تشرين اول من العام 2023، ولا زالت مستمرة حتى اليوم اي اننا دخلنا في الشهر العاشر من اندلاع الحرب، التي لا تزال مستمرة بنفس الوتيرة من حيث الحدة والعنف الصهيوني، كما من ناحية الصمود الفلسطيني والمجاهدين الفلسطينيين على ارض قطاع غزة والضفة الغربية..

سقف الاهداف التي وضعتها حكومة نتنياهو مع اندلاع الحرب، كانت تتمحور حول:

- احتلال قطاع غزة وفرض ادارة امنية وسياسية برعاية اسرائيلية

- القضاء على البنية العسكرية لحركة حماس باعتبارها العامود الفقري للمقاومة الفلسطينية في القطاع

- قتل او اعتقال القيادة السياسية لحركة حماس

- تحرير الاسرى الاسرائيليين..

- تهجير الفلسطينيين الى شبه جزيرة سيناء او الى دولة افريقية مستعدة لاستقبالهم..

كان الجميع يتوقع وخاصة القيادة الاسرائيلية..بان حركة حماس والفصائل لا يمكنها الصمود امام ضراوة الهجوم وكثافة النيران وحجم الآلة العسكرية الاسرائيلية اكثر من خمسة عشر يوماً..

لكن بدا للقيادة الاسرائيلية ان حركة حماس قد استعدت بشكل جيد للمعركة، على كافة المستويات.. العسكرية واللوجستية والادارية من حيث:

- ترتيب الهيكلية الادارية العسكرية والمدنية للمعركة

- كميات الذخيرة والاسلحة المطلوبة للمواجهة

- كذلك الخطط العسكرية لرسم كيفية التعامل مع الهجوم الاسرائيلي..

- كما كان لدى حماس القدرة على اخفاء قدراتها عن المخابرات الاسرائيلية

الاستعدادات هذه احبطت تحقيق الاهداف الاسرائيلية من الحرب، وبالتالي كان على القيادة الاسرائيلية كما على المجتمع الاسرائيلي ان يتكيف مع ضرورة خوض حربٍ طويلة لا يمكن التنبؤ بموعد انتهائها او حتى اعلان النصر على اثرها.. ولكن طول المدة هذا كشف عن عمق الصراع السياسي والديني داخل المجتمع الاسرائيلي.. لان ثقافة القوة والغطرسة والاستعلاء والقدرة على الحسم العسكري السريع تبين انها كانت خاطئة وغير حقيقية امام صمود المجاهدين الفلسطينيين، كما تبين ان الجيش الاسرائيلي كان يظن انه قادر على الحسم بسرعة مما اضعف من جهوزية هذا الجيش..كما كشف عن ان جزءاً من المجتمع الاسرائيلي.. (الحريديم).. او المتدينين اليهود هم خارج الخدمة العسكرية ويشكلون عبئاً مادياً وبشريا وعسكريا على الكيان..

لذلك كان على القيادة الاسرائيلية السياسية التي يقودها نتنياهو والعسكرية التي تعمل بإمرته.. وضع استراتيجية جديدة تقوم على التالي:

- استيعاب ضرورة اطالة امد الحرب لامتصاص قدرات حماس والفصائل العسكرية المادية منها والبشرية

- استكمال حصار القطاع باحتلال معبر رفح ومحور فيلادلفيا..

- العمل على اغتيال اكبر قدر ممكن من القيادات السياسية والعسكرية

- تدمير ما يمكن من البنية التحتية

- ارتكاب اكبر قدر ممكن من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بحيث تصبح الحياة في القطاع مستحيلة مع انعدام الامن في القطاع

- التركيز على تطوير وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، واحتلال اراضي واقتطاع مساحات واسعة من الاراضي الزراعية لصالح المستعمرين الصهاينة..خاصة وان كافة الانظار والاهتمامات منصبة على وقف العدوان على غزة..

- التلاعب بالمفاوضات بحيث تكون فرصة لاطالة امد الحرب وليس لوقفها والتوصل الى حل..

الخلاصة:

الهدف من اطالة امد الحرب بالنسبة لحكومة نتنياهو هو ارتكاب المزيد من الاجرام بحق الشعب الفلسطيني وتدمير ما تبقى من بنية تحتية في قطاع غزة.. حيث اصبح اكثر من 75% من الابنية والمؤسسات خارج الخدمة.. واكثر من 10% من سكان القطاع اي اكثر من 200 الف مواطن بين شهيد وجريح ومفقود.. مما يعني ان الحياة في القطاع قد اصبحت مستحيلة وهذا يشجع الفلسطينيين في القطاع على الهجرة عندما تسنح لهم اية فرصة.. وبالنسبة لسكان الضفة الغربية فوضعهم ليس احسن حالاً مع هجمة الاستيطان والاستيلاء على الاراضي.. والهدف كما يقول سموتريتش.. وزير المالية الاسرائيلية، الغاء او منع فكرة ومشروع وحل اقامة الدولتين..

الاستراتيجية الاسرائيلية تحظى بحماية ورعاية اميركية كما يبدو مع عودة التذخير الاميركي للجيش الاسرائيلي، ولكن هذا التوجه الصهيوني لن يؤدي الا الى زيادة الوعي في مجتمعنا العربي والاسلامي، وارتفاع منسوب الاستعداد لمواجهة الغطرسة الاسرائيلية.. ورفض التطبيع والحلول التي تخدم بقاء اسرائيل في وسط عالمنا العربي والاسلامي..

إن هذه التضحيات العالية والمكلفة التي يدفعها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.. يجب ان تؤجج مشاعر المواجهة والتعمق اكثر في دراسة فكر وثقافة وسياسة هذا الكيان لمواجهته بقوة اكبر وباستراتيجية اكثر جراة ووضوحاً لتحقيق النصر والتخلص من تجار القضية....