العدد 1663 /14-5-2025

انتهت الجولة الثانية من الانتخابات البلدية في لبنان مساء يوم الأحد، والتي انعقدت في محافظتي الشمال وعكار، مع تسجيل أكثر من ألفي شكوى مقابل توثيق عدد كبير من المخالفات اللوجستية والرشاوى المالية، إلى جانب الإشكالات الأمنية المتفرقة، مع الإشارة إلى أن نحو 84 بلدية فازت بالتزكية. وبلغت نسبة الاقتراع في محافظة الشمال نحو 35% بحسب الأرقام الأولية، توزعت على قضاء طرابلس 24.63%، زغرتا 38.49%، بشري 31.93، المنية الضنية 49.25%، الكورة 38.24%، البترون 47.82%، فيما بلغت في عكار 46.19%.

وتفقَّد قائد الجيش العماد رودولف هيكل غرفة عمليات منطقة الشمال في ثكنة بهجت غانم – طرابلس، حيث اطّلع على الإجراءات الأمنية التي تنفذها الوحدات العسكرية المنتشرة بهدف حفظ أمن العملية الانتخابية في الشمال. ومع افتتاح صناديق الاقتراع عند الساعة السابعة صباحاً، كانت نسبة الاقبال متدنية قبل أن ترتفع في ساعات بعد الظهر مع رصد توترات ميدانية عدّة، وضغوطات على المرشحين والناخبين، من بينها ما وثقته الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي)، بحيث سُجلت إشكالات أمنية داخل العديد من مراكز وأقلام الاقتراع، ما أدى إلى حصول فوضى وتوقف عملية الاقتراع في بعضها، ما شوّش على الانتخابات.

وأدى الحضور الكبير لمندوبي اللوائح المتنافسة إلى فوضى وتدافع وإشكالات متكررة داخل مركز الاقتراع في مدرسة بخعون الفنية – قضاء الضنية. وقد تدخلت القوى الأمنية أكثر من مرة لضبط الوضع في المركز بعد أعمال عنف. كذلك في مركز الاقتراع في كفرصغاب - قضاء زغرتا، تأخّر افتتاح صناديق الاقتراع مدة 45 دقيقة بسبب إقدام أحد الأشخاص على قطع الطريق المؤدي إلى المركز، قبل أن يتدخل الجيش لإعادة فتحه. وأيضاً، سُجّلت إشكالات أمنية خارج المركز الذي أغلِق نحو ساعة من الوقت بسبب تكرّر الإشكالات فيه. وجرى أيضاً رصد حالات حجز لهويات الناخبين في المدرسة الرسمية للصبيان في البداوي، حيث يجرى تسليمها لهم عند مدخل أقلام الاقتراع، إضافةً إلى توزيع لوائح انتخابية أمام المركز.

وأوقفت الأجهزة الأمنية عدداً من الأشخاص في الشمال للاشتباه بتورطهم في تقديم رشى انتخابية وحجز هويات ناخبين. وقد أُحيلوا إلى التحقيق لمتابعة الإجراءات القانونية. ومن المشاكل اللوجستية التي سُجّلت، تأخير في افتتاح بعض الأقلام، ونقص في مستلزمات الأقلام، كما جرى تثبيت المعازل في عدد من الأقلام بطريقة لا تضمن سرية الاقتراع. كذلك، لوحظ أن عدداً من مراكز الاقتراع لم يكن مجهّزاً للأشخاص ذوي الإعاقة.

ورصد العديد من المخالفات خلال جولته على المراكز في الثانويات الرسمية في طرابلس، خصوصاً لناحية دخول أشخاص مع ناخبين كبار السن إلى خلف المعزل، أو دخول مندوبين للإدلاء بصوتهم عنهم، وذلك في خرق لسرية الاقتراع، في حين كانت لافتة مرافقة العديد من العاملين في الماكينات الانتخابية التابعة لمرشحين الناخبين إلى داخل مراكز الاقتراع، وتوزيع المندوبين لوائح داخل مراكز الاقتراع، وهو ما يشكل ضغطاً على الناخبين.

وطغى الطابع العائلي على غالبية الأقضية في الشمال وعكار، مع دخول ملحوظ للقوى السياسية في معظم اللوائح، بيد أنّ الأحزاب التقليدية خاضت المعارك في البلدات الكبرى بتحالفات متناقضة، لا سيما منها في طرابلس، والأبرز في البترون، بجمعها بالدرجة الأولى الخصمين التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل) وحزب القوات اللبنانية (بزعامة سمير جعجع)، لكن ذلك لم يمنع من تسجيل معارك بوجه العائلات والمجموعات المستقلة والمدنية، علماً أن الأحزاب تراهن على الفوز برئاسة اتحاد البلديات.

وكانت الرسائل السياسية العلنية "الفاضحة" في قضاء زغرتا، حيث سُجل تصاعد كلامي بين تيار المردة (يتزعمه سليمان فرنجية) والنائب ميشال معوض، مع اتهام الفريق الأول معوض بدفع رشاوى مالية للناخبين للإدلاء بأصواتهم، وهو ما وصفه الأخير بـ"السخافة". وسُجِّل في القضاء أيضاً تحالف الأضداد بين تيار المردة والتيار الوطني الحر وشخصيات أخرى دخلت المعركة بقوة لمحاولة كسب اتحاد البلديات بالدرجة الأولى، علماً أن المنافس الأبرز لهم كان مجموعة شبابية مدعومة من المجتمع المدني، ومستقلّين، وهي من خارج الزعامات التقليدية. وقد شدد النائب في قوى "التغيير" ميشال دويهي على أن المعركة اليوم هي لرفع الوصاية السياسية عن بلدية زغرتا – إهدن وبلدات وقرى قضاء زغرتا الزاوية. كذلك، كانت المعركة شديدة في قضاء بشري، معقل حزب القوات اللبنانية الذي عمل على شدّ العصب الحزبي، ويعتبر أن الانتخابات إنمائية وسياسية معاً، وقد دخل بقوة إلى المنافسة وبشكل مباشر بوجه اللائحة المدعومة من النائب ويليام طوق بالدرجة الأولى.