العدد 1653 /26-2-2025
بسام غنوم
شكل تشييع جنازة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر
الله والسيد هاشم صفي الدين الحدث الأبرز على الساحة اللبنانية على الصعيدين
السياسي والشعبي .
اولا لما حملته من مواقف سياسية داخلية وخارجية من
مختلف الأطراف وخصوصا الموقف الذي أعلنه الرئيس جوزف عون أمام الوفد الايراني الذي
زار لبنان للمشاركة في تشييع السيد حسن نصر الله برئاسة رئيس مجلس الشّورى
الإيراني محمد باقر قاليباف حيث قال :«لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، و أوافقكم الرأي
بعدم تدخّل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة او
عدوان، هي وحدة اللبنانيين. ونشارككم في ما أشار إليه
الدستور الإيراني في مادته التاسعة التي تؤكّد على انّ «حرّية البلاد واستقلالها
ووحدة أراضيها وسلامتها، هي أمور غير قابلة للتجزئة».
أما العدو الاسرائيلي والذي حرص على تحليق طائراته
الحربية على علو منخفض فوق المشيعين أثناء القاء أمين عام حزب الله الشيخ نعيم
قاسم كلمته فقال على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنّ «الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تحلّق فوق بيروت خلال جنازة
الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ترسل رسالة واضحة وهي من يهدّد ويهاجم
إسرائيل سيكون مصيره الموت».
فيما أكد امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في
كلمته بمناسبة تشييع السيد حسن نصر الله على أننا : " وافقنا على طلب العدو وقف إطلاق النار، لأنّ لا مصلحة للمقاومة ولبنان
باستمرار القتال غير التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني، يعني
خلص صار كل أمر سيحصل هو عبارة عن قتل وقتال من دون تقدّم ميداني ولا تقدّم سياسي(...) نحن الآن أصبحنا في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها
وطريقة التعامل معها" .
وأضاف :
" سنمارس العمل المقاوم
بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وتقدير القيادة، ليس معنى استمرار
المقاومة أنّه في كل يوم سوف نردّ وأنّه في كل يوم سوف نُطلق النار، كلا، بِخيارنا
نُطلق متى نرى مناسباً ونصبر متى نرى مناسباً، لكن المقاومة موجودة، لا نقبل في
لبنان أن تتحكّم أميركا الطاغية بِبلدنا " ، وقال قاسم نحن "حريصون على مشاركة الجميع
في بناء الدولة، وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وأقول لكم: بالنسبة إلينا، لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من
أبنائه ".
هذه كانت ابرز المواقف السياسية التي رافقت تشييع
السيد حسن نصر الله ، وأما على الصعيد الشعبي فقد كان الابرز هو الحضور الشعبي
الكبير في الجنازة الذي يقارب ال200 الف مشارك حسب أفضل التقديرات ، وشكل هذا الحضور رسالة
لافتة وهي أن الالتفاف الشعبي – الشيعي – حول حزب الله مازال قويا
وكبيرا .
لكن ماهي دلالات المواقف السياسية والشعبية في
جنازة السيد حسن نصر الله ؟
الدلالة السياسية الاولى هي ان الدولة اللبنانية
رئاسة وحكومة لا تريد العودة الى ما قبل العدوان الاسرائيلي على لبنان في 27 -9-20225 ، وهو ما قاله الرئيس جوزاف عون لرئيس مجلس الشورى
الايراني محمد باقر قاليباف والوفد الزائر معه ، حيث قال الرئيس عون :
" لقد تعب لبنان من حروب
الآخرين على أرضه، و أوافقكم الرأي بعدم تدخّل الدول في الشؤون الداخلية للدول
الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة او عدوان، هي وحدة اللبنانيين ".
الدلالة الثانية، شن الطيران الحربي الاسرائيلي
غارات على قرى وبلدات في الجنوب والبقاع قال إنها استهدفت مواقع لحزب الله ، وكذلك
التحليق فوق المشيعين في بيروت وعلى علو منخفض جدا رسالة الى حزب الله بأن معادلة
الردع التي كانت قائمة قبل العدوان الأخير على لبنان قد انتهت الى غير رجعة ،
وانها – اي اسرائيل- كما قال وزير الدفاع
الإسرائيلي يسرائيل كاتس، « ترسل رسالة واضحة وهي من
يهدّد ويهاجم إسرائيل سيكون مصيره الموت».
الدلالة الثالثة وهي الأبرز ماقاله الشيخ نعيم قاسم
في معرض تبريره موافقة حزب الله على وقف اطلاق النار مع اسرائيل ، وهو : " لا مصلحة للمقاومة ولبنان باستمرار القتال غير
التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني " .
أما شعبيا فإن المشاركة الشعبية الشيعية الكبيرة في
جنازة السيد نصر الله دلالة على استمرار الاحتضان الشعبي للحزب رغم كل ما حصل من
قتل ودمار على يد العدو الصهيوني .
بالخلاصة حزب اللهبعد انتهاء تشييع السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين دخل في مرحلة
جديدة مختلفة كل الاختلاف عن مواقفه السابقة ، وهو ما أكده الأمين العام الشيخ
نعيم قاسم بالقول : " نحن حريصون على مشاركة
الجميع في بناء الدولة، وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وأقول لكم: بالنسبة إلينا، لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من
أبنائه " . فهل تشكل مواقف الرئيس جوزاف عون والشيخ نعيم قاسم
صورة لبنان الجديد ؟
بسام غنوم