العدد 1689 /12-11-2025
بسام غنوم

تعيش الساحة اللبنانية حالة من الترقب والحذر في ضوء التهديدات الأميركية والاسرائيلية للبنان، والتي اتخذت طابع المهل الزمنية إن صح التعبير في الأيام الأخيرة ، حيث تحدثت أوساط سياسية أميركية عن أنّ إسرائيل حدّدت مهلة للحكومة اللبنانية لنزع سلاح «حزب الله» قبل أن تبدأ عملية هجومية كبيرة، ولكن من دون أن تشير إلى الموعد النهائي لتلك المهلة. وزعمت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عن مصادر في الجيش أنّ الهجوم على لبنان يتمّ تحضيره بالتنسيق مع واشنطن.

وترافقت هذه االتطورات مع تصاعد عمليات الإغتيال التي تنفذها إسرائيل في الجنوب والتي توسعت لتشمل تهديدات مباشرة لمراكز الجيش اللبناني في جنوب لبنان ، وذلك بعد توجيه اتهامات إسرائيلية بوجود حالة من " التخاذل والتوطوء" بين الجيش اللبناني وحزب الله بما سمح لحزب الله بإعادة بناء قواته ومراكزه في الجنوب وغيره من المناطق اللبنانية.

وتأتي هذه الإدعاءات الإسرائيلية فيما تتكثف تحركات الموفدين الأميركيين الى لبنان وأخرها زيارة وفد الخزانة الأميركية الذي عقد لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين وخصوصا الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام ، ونقلت قناة "الحدث" أن: وفد الخزانة الأميركية شدد على نزع سلاح حزب الله أكثر من الإصلاحات المالية ، والتي يفترض أن تكون العنوان الرئيسي لجدول أعماله في لبنان ، وهو ما يؤكد جدية التهديدات الأميركية والإسرائيلية للبنان ، وطبيعة الأهتمامات الأميركية التي تعطي الأولوية لنزع سلاح حزب الله على ما عداه من القضايا في لبنان.

وتتوقع مصادر ديبلوماسية ، أن يشهد لبنان مرحلة من الضغوط غير مسبوقة، خصوصاً من الجانب الأميركي في اتجاهين: الأول، هو دفع الحكومة اللبنانية إلى الموافقة على الانخراط في المفاوضات مع إسرائيل، على رغم التحفظات الشديدة التي يبديها لبنان في هذا الشأن، بسبب عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها الواردة في قرار وقف النار، لجهة وقف ضرباتها في لبنان والانسحاب من كل الأراضي التي تحتلها. والثاني، هو تشديد الحصار الاقتصادي والمالي والديبلوماسي، ليس على حزب الله فحسب، بل أيضاً على مروحة واسعة من الشخصيات والقوى التي تتعاون معه، وكذلك على الدولة اللبنانية ككل.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل الضغوط الأميركية على لبنان جدية ، أم هي لدفع لبنان للدخول في مفاوضات مع إسرائيل ؟

من الواضح من حركة الموفدين الأميركيين إلى لبنان والتي تشمل العسكريين والسياسيين والأقتصاديين ، أن هناك أمر ما يجري العمل عليه على مختلف الصعد السياسية والإقتصادية والعسكرية من أجل دفع لبنان إلى الدخول في مفاوضات مع إسرائيل ، وتأتي التهديدات الإسرائيلية للبنان في هذا الإطار ، وما تقوم به إسرائيل حاليا من عمليات قصف وأغتيال يدخل في هذا الموضوع ، وعلى ما يبدو فإن إسرائيل تريد تحقيق أهداف أخرى من عدونها المرتقب على لبنان حسب أوساط سياسية أميركية التي ذكرت أنّه إذا كانت أهداف الحرب التي شنتها إسرائيل منذ أكثر من عام ضمان الأمن لشمال إسرائيل والسعي لتفكيك المحور الإيراني، فإنّ الهدف الذي تحمله الآن هو تدمير القوة العسكرية لـ«حزب الله» كلياً، وتأمين فك ارتباطها مع طهران نهائياً. ومن الواضح أنّ إدارة دونالد ترامب تتقاطع كلياً مع هذين الهدفين.

ولذلك تبدو المرحلة الحالية شديدة الحساسية ولا سيما على الصعيدين السياسي والأمني ، خصوصا مع إنحراط الإدارة الأميركية بصورة مباشرة في الضغوط على لبنان حيث تبدو المطالب الأميركية من لبنان وكأنها نفس المطالب الإسرائيلية مع فارق بسيط في الصياغة والتعبير.

الخلاصة ...

لبنان يعيش في ظل لحظات حاسمة سياسيا وأمنيا ، وعلى ما يبدو فإن الأمور تتجه نحو التصعيد في الفترة المقبلة ، لكن كيف ومتى العلم عند الله تعالى.

بسام غنوم