العدد 1648 /22-1-2025

تنشغل الساحة اللبنانية بحدثين اثنين الأول في المشاورات الجارية لتشكيل حكومة العهد الأولى برئاسة نواف سلام وما يمكن ان تحمله من آمال وتوقعات للبنان واللبنانيين الذين عانوا طويلا من الحكومات السابقة التي كان يتم تأليفها لمصلحة فريق من اللبنانيين وليس كل اللبنانيين ، وكان يغلب عليها طابع المحاصصات لارضاء الحلفاء والأزلام بعيدا عن مصلحة لبنان واللبنانيين وهو ما أدى الى وصول لبنان الى جهنم والى انتشار الفساد في مختلف نواحي الحياة ، والى اضمحلال الدولة ومؤسساتها لصالح الدويلة التي كانت تتحكم برقاب اللبنانيين.

اما الحدث الثاني الذي يترقبه اللبنانيين والذي هو على ارتباط وثيق بتشكيل الحكومة الجديدة ، وهيكليتها وشكلها وبيانها الوزاري محليا وأقليميا ودوليا ، فهو موعد انتهاء وقف إطلاق النار بين العدو الاسرائيلي ولبنان يوم الأحد المقبل في 26-1-2025 وحاجة لبنان إلى استكمال بناء مؤسساته الدستورية وآليات الحكم فيه، ليكون مؤهلاً لمواجهة هذا الاستحقاق البالغ الأهمية، والذي يمكن أن يفتح الباب لاحتمالات مختلفة.

وهنا يطرح السؤال التالي : هل ستكون الحكومة اللبنانية الجديدة مختلفة عما سبق ، وتمثل لبنان واللبنانيين ، وتكون بالفعل حكومة العهد الأولى ؟

كل المؤشرات التي سبقت المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة ، سواء عبر انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيسا للجمهورية ، وكذلك تسمية الأكثرية النيابية القاضي نواف سلام لترؤس الحكومة الجديدة ، والدعم الشعبي والسياسي اللبناني للرئيس عون ، وايضا الدعم الدولي والعربي الغير مسبوق للبنان وللعهد الجديد من مختلف الأطراف العربية والدولية ، وزيارات المسؤولين الدوليين للبنان مثل الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش وغيرهم كثير تؤكد ان الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام لن تكون على شكل الحكومات اللبنانية السابقة ، وستكون على شكل الرئيسيين جوزيف عون ونواف سلام.

لكن هناك مخاوف جدية بدأت تتسلل الى اللبنانيين مع سماع اخبار المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة ومنها :

-أن هناك من يريد العودة الى سياسة الحصص الوزارية الحصرية لهذه الطائفة أو تلك ، وانه اذا لم تستجب مطالبه فهو لن يشارك بالحكومة ، ويعمد الى رفع فزاعة الميثاقية الطائفية والمذهبية في وجه الرئيسيين عون وسلام وباقي اللبنانيين ، ومن يستمع الى بعض الاعلاميين المحسوبين على بعض هذه الأطراف يدرك ان النوايا ليست سليمة بالكامل للنهوض بلبنان لدى هذه الجهات.

-وهناك البعض الآخر الذي يريد حصة وازنة في الحكومة الجديدة على اعتبار أنه يحق له أكثر من غيره من باقي الأطراف السياسية الأخرى ، وطلب من الرئيس المكلف عددا من الوزارات بما يتناسب والمتغيرات السياسية والأمنية بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان.

-أما باقي الأطراف السياسية الأخرى فهي تريد ثمن تأييدها العهد والرئيس المكلف ، عبر تمثيلها في الحكومة بوزارات معينة بما يتناسب ومواقفها السياسية طوال السنوات السابقة .

وهؤلاء الأطراف جميعا يتناسون معاناة اللبنانيين من صراعاتهم وخلافاتهم طوال السنوات السابقة ، التي لم تكن دائما من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين ، بل كانت في أغلبها من أجل تأمين مصالحهم السياسية والمادية فقط لاغير وهو ما زاد من معاناة اللبنانيين ، وكل اللبنانيين يعلمون على سبيل المثال لا الحصر ان سرقة ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين في المصارف اللبنانية وهو ما أدى الى تصنيف لبنان من ضمن الدول الفاشلة ، إنما كان نتيجة سياسات وممارسات هذه الطبقة السياسية الفاشلة التي أوصلت لبنان الى الخراب ، وبالتالي لا معنى لكل ما يقوله هؤلاء اليوم من أقوال وتصريحات تؤكد على حرصهم على مصالح لبنان واللبنانيين

بالخلاصة على الرئيس عون والرئيس المكلف نواف سلام أن يشكلا حكومة تعكس وجه لبنان الجديد الذي مثله انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف نواف سلام ، وان تكون هذه الحكومة على غير شكل الحكومات السابقة سواء في شكلها ونوعية وزرائها وأيضا في تمثيلها مصلحة لبنان أولا وليس مصالح احزابهم وطوائفها ، والفرصة السياسية مؤاتية محليا وعربيا ودوليا لحكومة بهذا الشكل . فهل ستكون الحكومة الجديدة على قدر وتوقعات وآمال اللبنانيين جميعا ؟

بسام غنوم