العدد 1593 /20-12-2023
قاسم قصير

شهدت الساحة اللبنانية مؤخرا عودة الحراك الشيعي المعارض لحزب الله وحركة امل ، وقد تجلى ذلك من خلال اطلاق اطار سياسي شيعي معارض وجديد تحت اسم : حركة تحرر، وهي تعبّر عن نفسها بانها حركة الاعتراض الشيعي من اجل لبنان ، ومن ابرز رموزها المرشح السابق للانتخابات النيابية في قضاء الزهراني في جنوب لبنان الدكتور علي خليفة ، والناشط السياسي الدكتور هادي مراد مع عدد من الناشطين السياسيين والاعلاميين .

وقد اطلقت الحركة نشاطها من خلال مؤتمر صحفي للتعريف عن مشروعها السياسي ، ومن ثم عقد مؤتمر عام حول الدولة والمواطنة في احد فنادق العاصمة اللبنانية وبحضور عدد كبير من الشخصيات اللبنانية ، كما ينشط اعضاء الحركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال الاطلالات الاعلامية والزيارات واللقاءات المتنوعة.

فما هو المشروع السياسي والفكري لحركة تحرر المعارضة؟ واي دور لها اليوم وما هي الجدوى من تحركها وهل ستساهم في بلورة تيار شعبي معارض في الساحة الشيعية؟.

المشروع السياسي والفكري لحركة تحرر

بداية ما هي ابرز ما تضمنه المشروع السياسي والفكري لحركة تحرر المعارضة؟

من خلال الاطلاع على الوثيقة الاساسية لاطلاق حركة تحرر الشيعية المعارضة يمكن تلخيص اهم البنود في مشروعها السياسي والفكري ومنها :

اولا : هي حركة سياسية معارضة للشيعية السياسية اي حركة امل وحزب الله وتريد مواجهة سيطرة الفريقين على الطائفة الشيعية.

ثانيا : تؤمن بنهائية الوطن اللبناني والتنوع الديني واحترام حقوق الانسان وتؤكد على التنوع داخل الطائفة الشيعية مع تاكيد الوحدة الوطنية .

ثالثا : تدعو لاقامة النظام وتطبيق الدستور وترفض ممارسات الشيعية السياسية بالالتفاف على الدستور والانقلاب عليه.

رابعا : تعتبر المقاومة حالة ظرفية غير دائمة وتنشأ بمواجهة المحتل ولا يكون لها اي دور اخر ( لم تحدد الوثيقة من هو المحتل وما هو دوره وتهديداته ولم تذكر العدو الصهيوني بوضوح) .

خامسا : تعتبر الحركة التدين شأنا فرديا وترفض الممارسات القائمة على نسق التشيع الصفوي ؟ ( مصطلح التشيع الصفوي تحدث عنه المفكر الايراني الدكتور علي شريعتي وهو احد الملهمين للشباب الايراني للثورة على نظام الشاه ولا تشرح الحركة ماذا تعني بهذا المفهوم وهي تعتبر هذا التشيع لخدمة الدور الايراني ).

سادسا : تؤمن الحركة بالحداثة وترفض تقييد الممارسات السياسية او الفكرية او الاجتماعية لاعتبارات دينية . ( يمكن القول ان ذلك تبني للعلمانية ولو دون تسميتها) .

ابعا : تؤكد الحركة على انتماء لبنان الى جامعة الدول العربية والامم المتحدة وترفض عزل لبنان عن انتمائه العربي .

ثامنا : تسعى الحركة لتطبيق الدستور وتلتزم بمبادرة السلام العربية وتدافع عن الحريات وتدعو لتطبيق القرارات الدولية.

هذه ابرز مواقف الحركة وهي تعترض حاليا على فتح جبهة الجنوب لدعم الشعب الفلسطيي وتطالب بعدم الانجرار الى الحرب مع العدو الاسرائيلي وهي تتبنى الحملة الاعلامية والاعلانية ضد الحرب .

جدوى الحركة وموقعها في المعارضة الشيعية؟

لكن ما هي الجدوى السياسية لحركة الاعتراض على الصعيد السياسي والشعبي ؟ واين موقعها من المعارضات الشيعية السياسية؟

انطلقت الحركة قبل انطلاقة معركة طوفان الاقصى والحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ونشطت في الاسابيع الاخيرة اعلاميا وثقافيا وسياسيا وهي تحاول اطلاق تيار سياسي شيعي معارض لحزب الله وحركة امل ، وان كانت مواقفها السياسية تركز اكثر على دور الحزب ومواقفه ، ومن غير الواضح مدى قدرة هذه الحركة الوليدة والمؤلفة من نخب ثقافية وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من تأسيس تيار شعبي وسياسي فاعل على الارض ويحتاج ذلك الى جهود وامكانيات كبيرة ولا بد من الانتظار لبعض الوقت لمعرفة مدى تجاوب الراي العام اللبناني عامة والشيعي خاصة مع طروحاتها ، في ظل تصاعد الازمات في لبنان والمنطقة ولا سيما الحرب على قطاع غزة والجبهة الجنوبية.

وتدعو الحركة لعقد مؤتمر عام لقوى الاعتراض الشيعي وتحاول الاستفادة من اخطاء المعارضات الشيعية السابقة حسب اعلان احد مؤسسيها الدكتور هادي مراد خلال مقابلة تلفزيونية ، وتسعى الحركة للتعاون مع بقية الاطراف اللبنانية المعارضة في الطوائف الاخرى ومنها الجبهة السيادية ومجموعات المجتمع المدني.

ومن المعروف ان معظم تجارب المعارضة الشيعية خلال العشرين سنة الماضية قد فشلت في تشكيل قوة شعبية وسياسية فاعلة بسبب الخلافات بين اركان هذه المعارضات وعدم وجود مشروع سياسي يلقى القبول الشعبي وخصوصا لدى الطائفة الشيعية.

فهل ستنجح هذه الحركة الجديدة في مهماتها ؟ وهل ستستطيع تجاوز الاخطاء الماضية ؟

الجواب سيكون لدى الراي العام اللبناني عامة والراي العام الشيعي ، والايام القادمة هي الحكم؟.

قاسم قصير