العدد 1629 /11-9-2024
بسام غنوم
تصاعدت في الايام القليلة
الماضية حدت التهديدات الاسرائيلية للبنان من قبل المسؤولين الاسرائيليين والتي
تؤكد على ضرورة القيام بعملية عسكرية في لبنان في حال فشل الجهود القائمة لوقف
اطلاق النار في غزة ، وترافقت هذه التهديدات مع غارات جوية واسعة استهدفت مناطق
بعيدة عن الحدود مع فلسطين المحتلة واستهدفت مواقع لحزب الله في جنوب لبنان قيل
انها تحتوي على مستودعات ذخيرة وصواريخ للحزب وهو ما يشكل تطورا نوعيا في
المواجهات القائمة بين المقاومة والعدو الاسرائيلي.
واللافت في الامر هو عودة
الحديث عن احتمال توسع الحرب في المنطقة في وسائل الاعلام العربية والدولية ، وفي
هذا الاطار أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية، إلى أن
"إسرائيل، على ما يبدو، لا تستعد لمرحلة يمكن الوصول فيها إلى وقف لإطلاق
النار في قطاع غزة، بل على العكس من ذلك، فإنها تُحضِّر نفسها، في الغالب، لحرب
طويلة وتصعيد أطول على جبهات إقليمية متعددة، لافتة إلى أن التصريحات الأخيرة التى
أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو توحي بأنه يسعى إلى عرقلة
الجهود التي تبذل من أجل الوصول إلى هذا الاتفاق المأمول الذي سوف ينهي المعاناة
الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة منذ نحو أحد عشر شهراً".
ويبدو ان هذا الموقف
المصري قد جاء بعد ان وصلت الجهود المبذولة لوقف لإطلاق النار في غزة الى حائط
مسدود بسبب تعنت نتن ياهو الذي لايريد الوصول الى اي اتفاق مع حركة حماس رغم الضغوط
التي يمارسها عليه الرأي العام الاسرائيلي واهالي الاسرى الاسرائيليين لدى حركة
حماس ، لأنه يرى وحلفاءه في الإئتلاف الحكومي بتسلئيل سموتريتش وبن غفير ان الفرصة
مناسبة لخوض حرب اقليمية في المنطقة ، وتوريط الولايات المتحدة الاميركية بهذه
الحرب في ظل انشغال الادارة الأميركية حاليا بالإنتخابات الاميركية ، وتنافس
الحزبين الجمهوري والديموقراطي في اظهار الدعم لإسرائيل.
والسؤال الذي يطرح نفسه
هو : هل التهديدات الاسرائيلية للبنان جدية ام انها من باب التهويل الإعلامي
المعتاد ؟
تعكس المواقف والتهديدات
التي يطلقها المسؤولون الاسرائيليون في الآونة الآخيرة ، والتي تترافق مع غارات
وعمليات عسكرية اسرائيلية تستهدف مناطق في جنوب لبنان وسوريا قيل ان فيها مخازن
الذخيرة والصواريخ لحزب الله ، واقعا سياسيا وعسكريا مغايرا لما كان في الفترة
السابقة من المواجهات مع العدو الصهيوني.
فقد أعلن العضو السابق في مجلس الحرب الإسرائيلي
بيني غانتس، أن "الوقت حان كي تتعامل إسرائيل مع الوضع في شمال البلاد"،
داعيا إلى مواجهة إيران.
واشار غانتس الذي كان يشارك في منتدى نقاش حول
الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية، الى أن "دقّت ساعة الشمال وفي الواقع
أعتقد أننا تأخرنا في هذه النقطة"، معتبرا أن إسرائيل "ارتكبت خطأ"
بإجلاء الكثير من الناس من شمال البلاد بعد 7 تشرين الأول.
ويبدو ان الموقف الاميركي في ظل انشغال الادارة
الاميركية بالانتخابات الرئاسية الأميركية ، والصراع المحتدم مع الحزب الجمهوري
والمرشح الجمهوري دونالد ترامب اصبح اكثر ميلا الى تبني ما يريده نتن ياهو وحكومته
، واشارت مصادر ديبلوماسية لـصحيفة "الجمهورية" اللبنانية الى انّ
"الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين سبق له ان حذّر المسؤولين الكبار من
انّ واشنطن قد لا تستطيع ردع اي ردّ فعل اسرائيلي على اي عملية يمكن ان تؤدي الى
توسيع الحرب، وانّها لم توفق حتى اللحظة". ولفتت الى انّ هوكشتاين كان
"أول من نقل هذا التحذير الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في آخر
زيارة له الى بيروت".
هذا يعني ان التهديدات الاسرائيلية الآخيرة للبنان
جدية ، وقد تشهد الساحة اللبنانية في الفترة التي تسبق الانتخابات الأميركية عملية
عسكرية اسرائيلية في جنوب لبنان تهدف الى ابعاد قوى المقاومة وحزب الله عن الحدود
في شمال فلسطين المحتلة ، وقد نقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن مسؤول في
الجيش الإسرائيلي تأكيده بأنه بمجرد إعطاء الضوء الأخضر على المستوى السياسي،
سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى دقائق لتنفيذ العملية في لبنان.
وأشارت الصحيفة إلى أن "القيادة الشمالية
تنتظر الضوء الأخضر من المستوى السياسي للتحرك في لبنان"، لافتة إلى أن
"الجيش الإسرائيلي يواصل تحديث خطط الهجوم".
بالخلاصة الوضع في لبنان في ظل التهديدات
الاسرائيلية ، والتطور النوعي في الغارات الجوية التي اصبحت تستهدف اهدافا نوعية
وحساسة في الفترة الأخيرة ، يؤكد ان لبنان مقبل على حرب في فصل الخريف القادم. فهل
تصدق هذه التوقعات ام تسبق التحركات السياسية والدبلوماسية الدولية والعربية
العملية العسكرية الاسرائيلية ، ونصل الى اتفاق شبيه بإتفاق ترسيم الحدود البحرية
بين لبنان وإسرائيل ؟
بسام غنوم