العدد 1656 /19-3-2025
بسام غنوم
تعيش الحدود
اللبنانية- السورية أجواء توتر منذ يوم الأحد الماضي بعد اشتباكات بين مسلحين لبنانيين
قاموا بالتسلل الى الأراضي السورية وخطفوا ثلاثة جنود سوريين وقتلوهم بطريقة بشعة
، ما دفع الجيش السوري الى التحرك وقصف مناطق تمركز المسلحين اللبنانيين في قرية
القصر الحدودية ، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين ، حيث نقلت وكالة سانا عن
وزارة الدفاع السورية أن : عناصر من حزب الله نفذت عبر كمين عملية خطف 3من عناصر الجيش السوري على الحدود السورية اللبنانية.
وأضافت وزارة
الدفاع السورية اننا: سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة بعد التصعيد الخطير من قبل
حزب الله.
فيما قال حزب
الله في بيان أنه : لا علاقة لنا بالأحداث التي جرت اليوم على الحدود وبأي
أحداث داخل سوريا.
اما الجيش
اللبناني فقال إنه أجرى : اتصالات بين قيادة الجيش اللبناني والسلطات السورية لضبط
الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية.
هذه الأحداث
سبقها قبل أكثر من شهر وتحديدا في 6-2-2025 اشتباكات بين مسلحين لبنانيين والجيش السوري بعد قيام
المسلحين اللبنانيين بإختطاف جنديين سوريين من منطقة القصير في حادثة مشابهة لما
جرى يوم الأحد الماضي ، وبعدها قام الجيش السوري بعملية عسكرية واسعة في المنطقة
لملاحقة المسلحين اللبنانيين الذين كانوا من العشائر ومهربي المخدرات في المنطقة ،
ويومها تم احتواء الأحداث بعد تطهير المنطقة من مهربي المخدرات ، وتم التفاهم بين
الرئيسين اللبناني جوزاف عون والسوري أحمد الشرع على التنسيق لضبط الحدود بين
البلدين .
والسؤال الذي
يطرح نفسه هو : لماذا عاد التوتر الى الحدود اللبنانية –السورية بعد التفاهم بين الرئيسين عون والشرع على التنسيق
وضبط الحدود قبل أكثر من شهر ؟
في هذا الإطار
يلفت النظر ان ما جرى ويجري على الحدود اللبنانية-السورية في الأيام القليلة الماضية ، هو أنه جاء بعد محاولة
الانقلاب الفاشلة في الساحل السوري والذي قام بها فلول نظام بشار الأسد ، واتهمت
القيادة السورية فيها بشكل غير مباشر إيران بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وشاركت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام اللبنانية
المتعاطفة مع ايران وما زالت في حملة شرسة ضد القيادة السورية الجديدة واتهمتها
بإرتكاب مجازر بحق العلويين في الساحل السوري ، وهو ما خلق توترا مع الطوائف
اللبنانية الأخرى التي تؤيد النظام الجديد في سوريا، ولذلك على يبدو أن ما يجري
على الحدود بين لبنان وسوريا بين الفينة والأخرى سوف يكون له تأثير مباشر على
الاستقرار الأمني في لبنان اذا لم تبادر الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش اللبناني
بضبط الأمور حتى لا تتوسع الاحداث وتصل الى صدام طائفي ومذهبي بين اللبنانيين مع
تكرر الأحداث المشابهة على الحدود اللبنانية –السورية.
ورغم نفي حزب
الله في بيان رسمي مشاركته في الاشتباكات مع الجيش السوري ، الا ان طبيعة الاسلحة
المستخدمة في هذه الاشتباكات ، وخصوصا الاسلحة الرشاشة الثقيلة وصواريخ كورنيت
المضادة للدروع تؤكد ان ما يجري ليس فقط عمل عصابات ومهربين بل هو عمل مجموعات
منظمة تملك خبرة قتالية جيدة.
اذا فما هو
المطلوب من الدولة اللبنانية والجيش اللبناني من اجل عدم تكرار مثل هذه الأحداث
مستقبلا ؟
كما يعلم
الجميع في لبنان ان هناك اعدادا كبيرة من ضباط وعناصر نظام بشار الأسد المخلوع في
بعض المناطق اللبنانية سواء في منطقة بعلبك –الهرمل أو في بعض القرى اللبنانية المجاورة لمدينة حمص
السورية ، وكذلك في بيروت والضاحية الجنوبية ، ويحظى هؤلاء بحماية ورعاية امنية
وسياسية من قبل حزب الله ، ولذلك على الدولة اللبنانية أن تتصرف بسرعة وقبل فوات
الآوان وتقوم بما يلزم تجاه هؤلاء الضباط والعناصر الذين يهددون أمن واستقرار
لبنان بوجودهم في الأراضي اللبنانية ، سواء عبر ترحيلهم من لبنان الى دول أخرى ،
أو عبر توقيفهم وتسليمهم الى القيادة السورية كما كان لبنان سابقا يسلم العناصر
المنشقين عن نظام الأسد الى المخابرات السورية.
بالخلاصة ما
يجري على الحدود اللبنانية – السورية بين فترة وأخرى يهدد الأمن والأستقرار في لبنان،
وقد يكون له تداعيات خطيرة على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين .فهل يبادر العهد والحكومة اللبنانية الى ضبط الحدود بصورة
جدية مع سوريا ، والتعامل مع ملف فلول نظام بشار الأسد في لبنان بما يخدم مصلحة
لبنان واللبنانيين ؟
بسام غنوم