العدد 1673 /23-7-2025

 أما على صعيد الأوقاف، فالمشهد أكثر خطورة، حيث يكشف شرف الدين عن وجود أكثر من 15 ألف عقار وقفي، تبلغ نسبة الاستثمار الفعلي لها 1% فقط، مع تعديات خطيرة على أراضٍ وقفية في مناطق واسعة كالأوزاعي، واليرزة، وجبيل، وبعلبك، دون أي متابعة جدية من الجهات المختصة. والأسوأ من ذلك، هو أن إدارة هذه الثروة الهائلة توكل إلى مدير عام غير مختص، يبلغ من العمر 75 عامًا، ممدد له منذ عشر سنوات، في ظل إنتاجية شبه معدومة، ومعاملة وقف واحدة قد تحتاج لسنوات لإنجازها!

مشايخ تحت خط الفقر

 

لم يوفّر القاضي شرف الدين في حديثه الواقع المأساوي لرواتب المشايخ، الذين لا يتقاضى بعضهم سوى 2 إلى 6 دولارات شهرياً، فيما يكتفي القائمون على خدمة المساجد بدولار واحد، في ظل تبريرات واهية تتعلق بـ"ضعف ميزانية المناطق". ويُرفض دمج موازنات المناطق الغنية مع الفقيرة، رغم أن القانون يسمح بذلك، ما يكرّس التمييز والتهميش.

 

الموقوفون الإسلاميون: ملف مسكوت عنه

 

ومن أبرز النقاط التي أثارها القاضي شرف الدين، ملف الموقوفين الإسلاميين الذين يرزح كثيرون منهم في السجون دون محاكمة عادلة أو وفق إجراءات استثنائية مخالفة للقانون. وبرغم مطالباته المتكررة بإنشاء لجنة تتابع هذا الملف، فإن الرد من المرجعية كان دوماً: "ليس من شأننا"، في تنكّر واضح لمعاناة آلاف العائلات ولحق الشباب السني بمحاكمة عادلة.

 

وظائف الطائفة: النزف المستمر

 

اللافت في شهادة شرف الدين، أن الطائفة السنية فقدت خلال السنوات الماضية أكثر من 100 مركز وموقع وظيفي لصالح طوائف أخرى، من دون أن يتحرك أحد، بل وُوجه طلبه لإنشاء لجنة خاصة لرصد هذا النزف المؤسسي بالرفض القاطع، تحت ذريعة أن هذا "ليس عملنا".

 

مجلس بلا روح

 

وفي خلاصة المشهد، يعتبر شرف الدين أن المجلس الشرعي أضحى "جسداً بلا روح"، يجتمع فلكلورياً، مرة كل خمسة أشهر، لمناقشة ميزانيات قديمة بلا قطع حساب، وإصدار بيانات "خشبية" لا تعبّر عن رأي أعضائه ولا تعكس هموم الطائفة، بينما يترك المشايخ لمذلة السؤال، والأوقاف للنهب، والموقوفين لمصير مجهول.

 

خطوة احتجاجية

 

وفي موقف احتجاجي واضح، أعلن شرف الدين مقاطعته جلسات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، مؤكداً أنه لن يكون شاهد زور على واقع متهالك، داعياً إلى إصلاح جذري يبدأ بإقالة من انتهت صلاحياتهم وتسمية كفاءات جديدة قادرة على النهوض بمؤسسات الطائفة.

 

خاتمة: هل من يسمع؟

 

في زمن الصمت والخضوع، جاءت صرخة القاضي شرف الدين لتكسر جدار الصمت، ولتحرج كل صاحب مسؤولية. فهل ستبقى هذه الصرخة معلّقة في الهواء، أم تلقى آذاناً صاغية وضمائر حية تعيد الاعتبار لمؤسسات الطائفة السنية قبل فوات الأوان؟

 

الكرة الآن في ملعب المرجعيات الدينية والسياسية... فهل من مجيب؟