اثار قصف المستوطنات الاسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة بعدد من الصواريخ من جنوب لبنان عاصفة من ردود الفعل على الساحة اللبنانية ، وتراوحت هذه الردود بين مؤيد لمن قام بهذا العمل ردا على الاعتداءات الصهيونية على المسجد الاقصى وعلى المصلين فيه ، وبين من اعتبر هذا العمل انتهاك للسيادة اللبنانية ومجرد "محاولة لتوريط" لبنان في الصراع الدائر بالمنطقة ، ووصل الامر باحدهم المدعو ايلي محفوض رئيس ما يسمى ب" حركة التغيير" الى القول " طالما السيد حسن نصرالله حليف للجهة التي أطلقت الصواريخ لا بدّ من إستدعائه للتحقيق حتى ولو بصفة المُستَمع اليه فيما يملكه من معلومات عن الجهة المتورطة .

وانطلاقا مما تقدّم نعلن أننا سوف نتقدّم بشكوى جزائية أمام القضاء اللبناني المختصّ ضدّ المنظمة المسلحة المسماة حماس الفلسطينية".

فيما قال وزير الثقافة محمد وسام المرتضى «نحن في لبنان لا نريد حرباً، لكن ممنوع التعدّي علينا. وإذا كان هناك من سيحمّلنا مسؤولية تسلّل مجموعة اطلقت الصواريخ في اتجاه العدو، فليسأل نفسه لماذا هذه الأحداث؟ أوليست وليدة العنف الخطير الذي تمارسه اسرائيل في حق الفلسطينيين…

وعكست هذه المواقف مرة أخرى حجم الانقسام اللبناني سياسيا وطائفيا كما جرى بعد قرار الحكومة اللبنانية بوقف العمل بالتوقيت الصيفي بمناسبة شهر رمضان واضطرارها للعودة عن القرار بسبب ردود الفعل المسيحية عليه.

واللافت ان القوى السياسية والحزبية التي اعترضت على اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان والتي لم تبد اي رد فعل على الانتهاكات الصهيونية بحق المصلين في المسجد الاقصى ، حاولت استغلال ما جرى في الصراع السياسي الداخلي حول انتخابات رئاسة الجمهورية مما يؤكد ان هذه القوى لا تدرك الفرق بين الصراع السياسي الداخلي والقضايا الرئيسية التي تهم الامة العربية والاسلامية من المحيط الى الخليج.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل ما جرى في جنوب لبنان من اطلاق للصواريخ نصرة للمسجد الاقصى يهدد امن واستقرار لبنان ام يرسي معادلة الردع مع العدو الصهيوني ؟

في البداية لابد من التأكيد على حقيقة اكدها رد الفعل الصهيوني على اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان تجاه المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة نصرة لفلسطين والمسجد الاقصى ، وهي ان معادلة الردع التي ارستها قوى المقاومة في غزة ولبنان قد فعلت فعلها في حسابات الجيش الاسرائيلي حيث اقتصرت الردود على قصف اسرائيلي لمناطق مفتوحة ومعزولة في غزة وجنوب لبنان ، ولم تقم "اسرائيل" بأي رد كبير كما كان يجري في السابق ، وبالتالي فإن عملية القصف بحد ذاتها كانت ضرورية وفي وقتها لوضع الامور في نصابها على صعيد الصراع القائم مع العدو الصهيوني حول المسجد الاقصى .

وبالعودة الى ردود الفعل المستنكرة لقصف الصواريخ من جنوب لبنان والتي اطلقها العديد من الشخصيات اللبنانية بحجة ان ما جرى لادخل للبنان واللبنانيين فيه وانه يورط لبنان في الصراع مع العدو الصهيوني ، وهنا نسأل هؤلاء التالي:

-هل ماجرى هدد امن واسقرار لبنان ام اكد ان معادلة الردع التي ارستها قوى المقاومة في لبنان وفلسطين هي افضل رد على الغطرسة الاسرائيلية في المنطقة ؟

-فيما تعتبر هذه القوى ان اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان يمثل انتهاكا للسيادة اللبنانية ، بينما هي في الوقت نفسه تلهث وراء التدخلات من قبل اميركا وفرنسا والدول العربية من اجل وصول رئيس يمثل مصالحها في لبنان ولا يلتزم بقضايا الامة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، ونسأل هؤلاء اليس المطالبة بتدخل اميركا وفرنسا وغيرهم بالملف الرئاسي وغيره انتهاكا للسيادة اللبنانية؟

-هل التضامن مع المسجد الاقصى واستنكار الاعتداءات الصهيونية على المصلين فيه بهذه الصورة الوحشية لا تستأهل اي رد فعل من قبل القوى الرافضة لاطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، فيما هم اقاموا الدنيا واقعدوها لمجرد قرار الحكومة بوقف العمل بالتوقيت الصيفي ؟

-اصحاب الاصوات المستنكرة لاطلاق الصواريخ من جنوب لبنان عندما يتحدثون يقولون انهم يتحدثون بأسم لبنان واللبنانيين ، فيما هناك اصوات لقوى لبنانية قوية ومؤثرة اعلنت تأييدها لما جرى ، فقد غرد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قبلان قبلان عبر حسابه على "تويتر"، قائلا: "ألف تحية الى نسور المسجد الاقصى، وحماته اسود فلسطين، الذين يدافعون عن شرف الامة النائمة، بصيامهم وصلاتهم، ووقوفهم بصدورهم، في وجه المحتلين وقطعانهم. معكم معكم معكم حتى زوال الاحتلال وتحرير فلسطين كل فلسطين".

واخيرا نقول ان امن واستقرار لبنان لن يكون بمعزل عن قضايا الامة وخصوصا قضية القدس و فلسطين لان من يعتقد غير ذلك فهو واهم ، والعدو الاسرائيلي يعلم ذلك علم اليقين وما جرى يؤكد ذلك. ألف تحية للمقاومة في لبنان وفلسطين وانه لجهاد نصر او استشهاد .

بسام غنوم