العدد 1628 /4-9-2024
بسام غنوم
مع تراجع احتمالات وقوع
حرب كبيرة ومدمرة بين لبنان والعدو الاسرائيلي بعد رد حزب الله على اغتيال القيادي
في الحزب فؤاد شكر ، واعلان السيد حسن نصرالله في خطاب بعد رد حزب الله على عملية
الاغتيال ان بإمكان اللبنانيين ان يعودوا الى منازلهم ويرتاحوا ، وهو ما تم
التعبير عنه لاحقا بالتراجع النسبي في المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي
في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
عاد الاهتمام في الساحة
اللبنانية الى الشأن الداخلي وخصوصا فيما يتعلق بإنتخاب رئيس للجمهورية حتى يمكن
وقف حالة الانهيار التي يعيشها لبنان سواء على مستوى ادارات الدولة او في اطار عمل
البلديات ، فضلا عن غياب المراقبة في الاسواق والتي ادت الى حالة من فلتان الاسعار
والغلاء شملت كل المجالات بما فيها اقساط المدارس والجامعات التي اصبحت بعيدة عن
متناول غالبية الاسر اللبنانية التي تعاني اصلا من مصاريف الكهرباء والماء
....الخ.
في هذا الاطار كان لبنان
خلال الاسبوع الماضي على موعد مع ذكرى تغييب الامام الصدر، والاحتفال السنوي الذي
تقيمه القوات اللبنانية لذكرى شهداء القوات.
وقد القيت في المناسبتين
كلمات كان محورها انتخاب رئيس جديد للجمهورية ، حيث اتفق الرئيس نبيه بري ورئيس
حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على اولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في اقرب
وقت ممكن من اجل الخروج من الازمات التي يعيشها لبنان في هذه الايام.
لكن مضمون كلمتي الرئيس
بري وسمير جعجع يختلفان في نقطة هامة وهي ، ان الرئيس بري يعتبر ان قضية انتخاب
رئيس للجمهورية شأن داخلي لا علاقة له من قريب اوبعيد بالحرب الاسرائيلية على غزة
، وعبر عن ذلك بالقول: "نؤكد باسم الثنائي الوطني أن الاستحقاق الرئاسي هو
استحقاق داخلي ولا علاقة له بمجريات العدوان الإسرائيلي"، مضيفًا "نعود
ونؤكد على ما طرحناه العام الماضي في 31 آب بشأن الدعوة المفتوحة للحوار أو
التشاور".
اما رئيس حزب القوات
اللبنانية سمير جعجع فقد كان له رؤية أخرى حول موضوع الحرب في غزة والربط بينها
وبين الوضع في لبنان فما يجري في الجنوب من مواجهات مع العدو الاسرائيلي بجسب رؤية
جعجع هو أن "محور الممانعة يزجّ بلبنان في حربٍ عبثيّةٍ لا أفق لها. وهي حربٌ
يرفضها اللبنانيون وفرضتْ عليهمْ فرْضاً، ولا تمتّ إلى قضاياهمْ ومصالحهم بصلة ولا
تخدم إلا مشاريع ومخططاتٍ خارجيّة"، وأضاف : "إذا كان البعض يعتقد بأنّه
في نهاية الحرب التي نمرّ بها، ومهْما كانتْ نتائجها، فإنّ المجموعة الدوليّة كما
العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان لأنّه الفريق المدجّج بالسلاح،
فهْو مخطئ. لأنّ أحداً لنْ يقبل بأنْ يعود الوضع في لبنان الى ما كان عليه قبْل
الحرب وأنْ تسْتمرّ الدولة في فقدان قرارها وتفكّكها.
وهو بذلك يربط ربطا
مباشرا بين انتخاب رئيس جديد للجمهورية ، وبين استمرار المقاومة وحزب الله في
دعمها واسنادها لأهلنا في غزة .
والسؤال الذي يطرح نفسه
هو : هل استمرار التباعد في المواقف حول انتخاب رئيس للجمهورية في ظل ما يعيشه
لبنان حاليا هو لمصلحة لبنان واللبنانيين ام خدمة لمصالح أخرى ؟
من العبث في ظل الوضع
الحالي استمرار السجال السياسي حول انتخاب رئيس للجمهورية على ما هو عليه ،
فالخلاف حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية سابق لمعركة طوفان الأقصى في السابع من
شهر اكتوبر 2023 ، والجميع في لبنان يعلم انه منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس
ميشال عون في 31 تشرين اول / اكتوبر 2022 ، كان هناك خلاف كبير بين مختلف مكونات
المجتمع اللبناني وقواه السياسية حول الرئيس القادم للجمهورية ، ولذلك فإن محاولة
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الربط بين دعم المقاومة وحزب الله لأهلنا في
غزة وبين الخلاف على انتخاب رئيس للجمهورية ، هي محاولة ساذجة ورخيصة من قبله وقبل
ما يسمى بقوى المعارضة في لبنان لنيل رضى الادارة الأميركية والاتحاد الأوروبي
وبعض الدول العربية المشاركة في دعم العدوان على غزة.
وبالتالي اذا كان هناك
رغبة حقيقية لدى القوى السياسية اللبنانية في الخروج من الازمات التي يعيشها لبنان
حاليا فعليها ان تبادر الى الاتفاق على صيغة حل ما لانتخاب رئيس للجمهورية اولا
بعيدا عن المزايدات الطائفية ، والحسابات السياسية الخارجية ، وثانيا عبر التوقف
عن عملية التخوين القائمة حاليا من قبل قوى المعارضة في لبنان لقوى المقاومة وحزب
الله بسبب دعمها واسنادها لأهلنا في غزة.
فهل تراجع قوى المعارضة
في لبنان مواقفها من اجل مصلحة لبنان واللبنانيين ، ام تستمر في سياسة المناكفة
والقاء التهم بالتخوين لقوى المقاومة في لبنان بسسب اسنادها ودعمها لأهلنا في غزة
خدمة لمصالحها الرخيصة ؟
بسام غنوم