العدد 1560 /26-4-2023

احتدمت معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية في الايام القليلة الماضية ، فرغم عطلة عيد الفطر السعيد وانشغال اللبنانيين بالاحتفال بالعيد ، فقد شهدنا تصعيدا في المواقف بين القوى المؤيدة لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية وبين القوى المعارضة له ، وقد تجلى ذلك بمواقف نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي اكد دعم فرنجية وانه المرشح الاوضح في مواجهة غموض موقف القوى المعارضة ، في حين شن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع حملة قوية على فرنجية وحزب الله والادارة الفرنسية الداعمة له ، واشار جعجع ان لدى قوى المعارضة مرشحا قويا ستعلن عنه في التوقيت المناسب في مواجهة فرنجية ، في حين لمّح النائب المعارض ميشال معوض : ان مرشح المعارضة المشترك سيكون النائب السابق صلاح حنين.

فالى اين تتجه المعركة الرئاسية في المرحلة المقبلة ؟ وهل سينجح رئيس تيار المردة في مواجهة الالغام المسيحية امام موقعه الرئاسي؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟

فرنجية والالغام المسيحية

بداية لماذا احتدمت المعركة الرئاسية في الايام الاخيرة؟ وهل ينجح فرنجية في مواجهة الالغام المسيحية؟

المتابعون للمعركة الرئاسية في لبنان لاحظوا خلال الايام الماضية اشتداد الحراك الفرنسي الداعم لمشروع التسوية الرئاسية القاضي بوصول الاستاذ سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية مقابل وصول الدكتور نواف سلام لرئاسة الحكومة ، وقد أشاع المؤيدون لتلك التسوية معلومات عن حصول المسؤولين الفرنسيين على موافقة سعودية لهذه التسوية ، رغم ان المسؤولين السعوديين لم يعلنوا اية مواقف حاسمة علنية وكانوا يؤكدون للجهات التي تتصل بهم انهم ليس لديهم مواقف نهائية ، لكن التقارب الايراني – السعودي برعاية صينية والتقارب السعودي- السوري بدعم روسي وهدوء الجبهة السياسية بين حزب الله والسعودية وتحقيق انجازات مهمة في الملف اليمني ، كل هذه المعطيات اعطت دعما قويا لخيار التسوية الفرنسية.

وقد عمد المسؤولون الفرنسيون الى تكثيف تحركاتهم في لبنان وفي باريس وعلى الخط السعودي لدعم هذا المشروع وتم استقبال بعض القادة المسيحيين ، كما ان زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بكركي واطلاقه مواقف سياسية تصب في خيار التسوية ، كل ذلك اكد ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح ، لكن في المقابل تصاعدت المواقف المسيحية المعارضة لوصول فرنجية وكان ابرزها مواقف رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اتهم الفرنسيين بعقد صفقة مع حزب الله على حساب لبنان ، وفي حال تصاعدت المواقف المسيحية المعارضة لفرنجية فان ذلك سيكون عائقا كبيرا امام وصوله للموقع الرئاسي الاول وخصوصا في حال لم يتحرك السعوديون بقوة لمعالجة هذه المعارضة عبر اتصالاتهم ونشاطاتهم المتنوعة.

السيناريوهات المتوقعة

على ضوء التطورات المتسارعة بشأن الملف الرئاسي ، ما هي السيناريوهات المتوقعة؟ وهل ستحسم المعركة لصالح فرنجية ام سنكون امام خيارات اخرى؟

في ظل الاصرار الفرنسي على مشروع التسوية سنكون امام عدة خيارات :

الاول : حصول موافقة ودعم قوي لمشروع التسوية من قبل السعودية وقيام السعودية بجهد كبير لدعم المشروع وازالة بعض العقبات المسيحية والاسلامية وهذا يعني امكانية وصول فرنجية للرئاسة الاولى مع وجود بعض المعارضة الداخلية .

ثانيا : بقاء السعودية على تحفظاتها وعدم تدخلها العلني في المعركة الرئاسية وهذا يعني استمرار المعارضة الداخلية وتطورها مما يمنع انعقاد جلسة الانتخاب واستمرار الازمة الرئاسية لفترة طويلة ودخول البلاد بتطورات خطيرة.

ثالثا : حصول تغير ما في موقف احد الاطراف المسيحية ( القوات اللبنانية او التيار الوطني الحر او حزب الكتائب) وهذا الامر قد يؤدي لاضعاف قوى المعارضة الداخلية حتى لو بقي التحفظ السعودي مما يعني امكانية وصول فرنجية لموقع الرئاسة الاولى بتوافق داخلي ويمكن ان يساعد ذلك على حصول دعم خارجي لاحقا في حال قدم فرنجية رؤية جديدة تجاه الاوضاع الداهلية والخارجية.

رابعا : بروز عقبات قوي داخلية وخارجية تمنع وصول فرنجية نهائيا وهذا يتطلب البحث عن مرشح بديل او ما يسمى الخيار الثالث وهناك عدة اسماء مطروحة في هذا المجال .

خامسا : حصول تطورات داخلية او خارجية قد تساهم في ازالة العقبات امام فرنجية وتجعل الجميع مضطرا للقبول بالتسوية الفرنسية .

وفي الخلاصة سيكون لبنان واللبنانيون امام مرحلة حاسمة في الاسابيع المقبلة وكل الخيارات مفتوحة فاما وصول فرنجية للرئاسة او الذهاب الى الفوضى والمزيد من الازمات والبحث عن خيار بديل او ان نشهد تطورات داخلية وخارجية تغير المشهد اللبناني وتدفع الجميع للجلوس على الطاولة والبحث عن حلول للازمة كلها.

قاسم قصير