العدد 1666 /4-6-2025
قاسم قصير
في حزيران من
العام 1982 قام العدو الاسرائيلي باجتياح جديد للبنان بالتنسيق والتعاون مع القوات
اللبنانية انذاك ، وكان الهدف الاساسي للقوات الاسرائيلية طرد قوات منظمة التحرير
الفلسطينية والجيش السوري من لبنان واقامة نظام سياسي يوافق على اقامة علاقات
دبلوماسية مع الكيان الصهيوني والتطبيع بين البلدين ، في حين كان هدف القوات
اللبنانية انذاك ايصال رئيسها بشير الجميل لرئاسة الجمهورية وطرد الفلسطينيين
والسوؤيين من لبنان .
وتفاصيل
التعاون بين الجيش الاسرائيلي والقوات اللبنانية انذاك نشرت في العديد من الكتب
والدراسات واهمها كتاب الكاتب الفرنسي الان مينارغ حول الحرب في لبنان ، كما تحدث
عن تلك الخطة العديد من قادة حزب الكتائب والقوات اللبنانية ومنهم الوزير السابق
كريم بقرادوني والقيادي الكتائبي حوزيف ابو خليل .
واستغل
الاسرائيليون وقادة القوات اللبنانية اخطاء التنظيمات الفلسطينية واحزاب الحركة
الوطنية انذاك من اجل تحريض المواطنين اللبنانيين وخصوصا في جنوب لبنان ضد القوات
الفلسطينية ودفعهم للقبول بالتعاون مع القوات الاسرائيلية ، وراهن العدو الاسرائيلي
على الاخطاء التي حصلت من قبل الفلسطينيين وفشل الاحزاب اليسارية والوطنية من اجل التحريض
عليهم ولبقاء القوات الاسرائيلية في لبنان وتحقيق الاهداف الاسرائيلية .
لكن التطورات
الامنية والعسكرية والسياسية التي حصلت بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان لم تأت
لصالح العدو الاسرائيلي المدعوم اميركيارغم احتلال الجيش الاسرائيلي للعاصمة اللبنانية بيروت وطرد القوات
الفلسطينية وانسحاب الجيش السوري من بيروت الى البقاع والدخول في العصر الاسرائيلي كما تحدث الكثيرون
انذاك.
وابرز
التطورات التي حصلت وغيّرت مجرى الاحداث :
اولا : رفض
بشير الجميل قائد القوات اللبنانية عقد معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني بعد
انتخابه رئيسا للجمهورية ومن ثم اغتيال بشير الجميل من قبل المناضل القومي السوري
حبيب الشرتوني وارتكاب مجزرة صبرا شاتيلا من قبل حزب الكتائب والقوات اللبنانية
وجيش سعد حداد بدعم اسرائيلي .
ثانيا : بروز
مقاومة وطنية واسلامية ولبنانية وقومية ضد الجيش الاسرائيلي بدعم من ايران وسوريا والتنظيمات
الفلسطينية والاتحاد السوفياتي انذاك .
ثالثا : رغم
انتخاب امين الجميل رئيسا للجمهورية انذاك بدعم اميركي وقبول من الشخصيات
الاسلامية التقليدية ورغم الدعم الاميركي لعقد اتفاق 17 ايار من اجل التطبيع بين
لبنان والكيان الصهيوني وبحجة تامين انسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان فقد نشأت
معارضة سياسية لبنانية شعبية ودينية للاتفاق مما ادى لاسقاطه ، كما حصلت عمليات
استشهادية ادت لطرد الاميركيين والفرنسيين من لبنان وكذلك انسحاب القوات
الاسرائيلية من معظم الاراضي اللبنانية المحتلة باستثناء الشريط الحدودي الذي بقي
محتلا حتى العام 2000 وتم تحريره بفضل المقاومة في 25 ايار 2000.
رابعا : لم
ينجح العدو الصهيوني المدعوم اميركيا باقامة نظام سياسي موال له او في تحقيق
التطبيع بين لبنان والكيان الصهيوني وواجه لبنان ازمات عديدة ادت الى عودة الجيش
السوري الى بيروت وتم الغاء اتفاق 17 ايار
وحصلت انتفاضة 6 شباط واستمرت الازمات السياسية والحرب الداخلية حتى العام 1989
حيث تم عقد اتفاق الطائف بعد حروب عديدة داخلية سواء في الجانب الاسلامي او في
الجانب المسيحي .
من خلال كل
هذه المعطيات يمكن القول ان هدف الاجتياح الاسرائيلي المركزي في اقامة سلام بين
لبنان والكيان الصهيوني لم يتحقق رغم طرد المنظمات الفلسطينية من لبنان ، لانه
برزت مقاومة وطنية واسلامية ولبنانية اقوى من التنظيمات الفلسطينية وادى الرهان
على التعاون بين بعض القوى اللبنانية والكيان الصهيوني الى نتائج كارثية على لبنان والقوى المسيحية
وشهدنا الكوارث في الجبل ومنطقة شرقي صيدا .
واليوم فان
اي رهان على الجيش الاسرائيلي للقضاء على قوى المقاومة او الذهاب الى سلام او
تطبيع بين لبنان والكيان الصهيوني بحجة عودة العصر الاسرائيلي مجددا هو رهان خاطىء ، واذا كان العدو الاسرائيلي نجح
في توجيه ضربات قاسية لقوى المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين وضرب القدرات العسكرية السورية فان ذلك لا يعني
ان هذا العدو المدعوم اميركيا قادرا على دفع لبنان لعقد معاهدة سلام معه ، والرهان
الوحيد هو توحيد الموقف اللبناني ضد هذا العدو لطرده من الاراضي اللبنانية المحتلة
ووقف الاعتداءات على لبنان والبحث في امتلاك القدرات العسكرية وبناء استراتيجية
دفاعية قادرة على مواجهة العدو الصهيوني ، واي رهان على التطبيع او السلام مع هذا
العدو هو رهان خاطىء وعلينا ان نتعلم من التجارب التاريخية كي لا يدخل لبنان في
ازمات جديدة تؤدي الى نتائج خطيرة.
قاسم قصير