العدد 1686 /22-10-2025

ربيع عيد

ما زالت قضية منع مشجعي فريق مكابي تل أبيب من الحضور إلى مباراة كرة القدم أمام فريق أستون فيلا ضمن منافسات الدوري الأوروبي الشهر المقبل في مدينة برمنغهام تتفاعل، مع الكشف عن معلومات جديدة كانت وراء قرار الشرطة البريطانية بتأييد المنع.

وفقاً لمصادر استخباراتية كشفت عنها الشرطة البريطانية، مساء اليوم الثلاثاء، أبلغت الشرطة الهولندية نظيرتها في بريطانيا أن مشجعي مكابي أثاروا شغباً في أمستردام خلال مباراة العام الماضي. وأشارت المصادر إلى أنه كان من المتوقع أن يحضر العشرات من مشجعي مكابي المتطرفين، الذين لديهم تاريخ سابق من العنف والهتافات العنصرية، مباراة برمنغهام.

وقال مصدر في الشرطة البريطانية لصحيفة "ذا غارديان" إن تقييماً للأثر المجتمعي أجرته شرطة ويست ميدلاندز أظهر أن بعض اليهود البريطانيين أنفسهم طالبوا بمنع مشجعي مكابي من الحضور، خشية الشغب المحتمل، وهو ما يتعارض مع تصريحات رئيس الحكومة كير ستارمر الذي وصف المنع بأنه "معاداة للسامية".

وبحسب تحقيقات الشرطة الهولندية في أعقاب أعمال الشغب العام الماضي، فإن مشجعي مكابي تل أبيب هاجموا بشكل عشوائي مسلمين في أمستردام، مما أدى إلى اندلاع أعمال عنف انتقامية طاولت بعض اليهود الهولنديين. وقد تطلب الأمر حينها تدخل 5000 ضابط على مدار ثلاثة أيام لاحتواء الوضع.

واعتبرت الشرطة البريطانية أن أي شغب يثيره مشجعو مكابي في مباراة برمنغهام قد يؤدي إلى أعمال انتقامية من السكان المحليين، خصوصاً أن المدينة تضم عدداً كبيراً من المسلمين البريطانيين من خلفيات متنوعة.

وأصدرت مجموعة برمنغهام الاستشارية للسلامة قراراً بحظر مشجعي مكابي، بناءً على تقييم استخباراتي مشترك بين شرطة ويست ميدلاندز ووحدة شرطة كرة القدم الوطنية في المملكة المتحدة. وقد أثار القرار موجة انتقادات سياسية، إذ وصفه رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية شبانة محمود بأنه "معادٍ للسامية". كما هاجمته شخصيات مؤيدة لإسرائيل، من بينها زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوخ التي قالت إن القرار "عار وطني"، فيما كتب زعيم حزب الإصلاح نايجل فاراج أن الحظر "يرفع التمييز العنصري إلى مستوى جديد كلياً".

وفي سياق متصل، ألغت الشرطة الإسرائيلية، مساء الأحد، مباراة ديربي تل أبيب بين فريقي هبوعيل ومكابي، بسبب أعمال شغب عنيفة و"مخاطر على حياة البشر"، حيث أظهرت لقطات الشرطة إلقاء مقذوفات ومفرقعات نارية على أرض الملعب واندلاع اشتباكات بين المشجعين داخل وخارج الملعب.

عقب ذلك، طالب النائب المستقل في البرلمان البريطاني أيوب خان رئيس الحكومة بالاعتذار بعد هذا التطور، مؤكداً أنه كان محقاً في تأييد قرار منع المشجعين الإسرائيليين من دخول برمنغهام. وقال النائب عن المدينة، التي تضم ملعب أستون فيلا، في كلمة مصوّرة: "كير ستارمر، وجميع السياسيين ومقدّمي البرامج الذين حاولوا تضليل الرأي العام، يعلمون أن الأمر لم يكن مرتبطًا بالدين مطلقاً، بل بالمشاغبين، وأنا واثق أنكم تعلمون ذلك في أعماقكم".

ورغم أحداث العنف في تل أبيب وأمستردام، أكدت وزيرة الثقافة ليزا ناندي، أمس الاثنين، موقف الحكومة الرافض للحظر، واعتبرته إجراءً تمييزيًا. واتهمت النائب أيوب خان بـ"السعي إلى التفرقة والإقصاء" وربطته بـ"معاداة السامية"، الأمر الذي دانه النائب المستقل جيريمي كوربين، واصفاً تصريحات ناندي بأنها "مضللة بشكل صارخ" ودعاها إلى التراجع عنها فوراً.

وقال كوربين في بيان نشره على منصات التواصل الاجتماعي: "لا يتعلق الأمر بحظر اليهود – وأنتم تعلمون جيداً أن أحداً منا لن يؤيد مثل هذا الحظر. أي محاولة للخلط بين القضيتين ليست فقط تضليلاً صارخاً، بل تصرف غير مسؤول واستغلال لمخاوف اليهود بطريقة مخزية. أرجو منكم العودة إلى مجلس العموم وسحب تصريحاتكم".

وفي تطور لاحق، أعلن نادي مكابي تل أبيب يوم الاثنين أنه لن يبيع تذاكر مباراة أستون فيلا لجماهيره بسبب "الوضع الراهن والأجواء المسمومة"، على حد تعبيره.

ويُذكر أن بلدية أمستردام كانت قد صادقت الشهر الماضي بأغلبية ساحقة على عدم الترحيب بفريق مكابي تل أبيب في المدينة، بعد نحو عام من اندلاع أعمال الشغب العنيفة في نهاية مباراته مع فريق أياكس الهولندي.

كما تداولت وسائل إعلام بريطانية صورة قديمة لرئيس الوزراء كير ستارمر خلال حملة الانتخابات العامة عام 2015، وهو يلقي كلمة في اجتماع لحملة كامدن للتضامن مع الفلسطينيين، وخلفه لافتة كتب عليها: "اطردوا العنصرية الإسرائيلية من فيفا"، في إشارة إلى التحول الكبير الذي طرأ على مواقفه منذ توليه رئاسة الحكومة، من محامٍ مدافع عن حقوق الإنسان إلى مدافع عن إسرائيل، كما وصفه بعض المعلقين البريطانيين.