العدد 1657 /26-3-2025
أثارت تصريحات
المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، حول هشاشة الوضع الاقتصادي في مصر بما
يهدد بسقوط الدولة وانتشار الفوضى والاضطراب الأمني بالمنطقة، غضباً واسعاً بين
المسؤولين والسياسيين والإعلاميين الداعمين للنظام. نفي مسؤولون صحة أقوال ويتكوف
حول ارتفاع معدل البطالة بين المصريين إلى 45%، وتشديده على أن الوضع الاقتصادي في
مصر "صعب للغاية" بما يتطلب ضخ مساعدات دولية كبيرة للحفاظ على
الاستقرار الاجتماعي، وبما يحول دون اضطرابات أخرى و"فقدان مصر"، بما
يهدد استقرار المنطقة، وتصاعد أزمة الهجرة إلى أوروبا.
اعتبر برلمانيون
تصريحات المبعوث الأميركي "محبطة" تستهدف إظهار الدولة المصرية بأنها
كيان هش، يرتبط بقاؤه بمصير الحالة الأمنية في غزة. وفنّدت أجهزة الإعلام الرسمية
أرقام ويتكوف حول معدلات البطالة، مؤكدة أنه اعتمد على معلومات غير دقيقة، ومبالغ
بها، حيث تبلغ نحو 6%، بينما قال المبعوث الأميركي إنها تصل إلى حوالي 45%.
الضغط الأميركي
بورقة الاقتصاد
في مقابلة مع
"العربي الجديد" وصف نائب رئيس اتحاد العمال والبرلماني مجدي البدوي،
تصريحات ويتكوف بأنها تستهدف الضغط السياسي والاقتصادي على مصر، لتتنازل عن موقفها
الثابت تجاه عدم السماح بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، وقبول نزوحهم
إلى داخل الحدود المصرية، وفقاً للرؤية المطروحة من قبل حكومة نتنياهو، والمدعومة
من الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.
يوضح البدوي أن
ترويج المسؤولين الأميركيين تصريحات حول هشاشة الوضع الاقتصادي لمصر، والارتفاع
الشديد بمعدلات البطالة، لم يجر نشره إلا مؤخراً، من أجل دفع مصر للرضوخ للضغوط
الأميركية - الإسرائيلية، مذكراً بأن هذه الضغوط ستزداد خلال الفترة المقبلة، كلما
تمسّكت مصر بعدم ترحيل الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء أو أي دولة أخرى.
يوضح البدوي أن
الإحصاءات التي يعلنها ويتكوف تظهر عدم فهمه طبيعة الإجراءات التي يتبعها جهاز
الإحصاء الرسمي بالدولة، الذي يرصد معدلات البطالة لعدد المصريين طالبي العمل، من
بين المسجلين بسن العمل التي تتراوح ما بين 15-64 عاماً، والتي يجري إبلاغها
دورياً لمنظمات العمل الدولية، والتابعة للأمم المتحدة.
يشير البدوي إلى
تسجل جهاز الإحصاء تراجعاً في معدلات البطالة رسمياً، مشيراً إلى امتصاص السوق
الموازية نسبة هائلة من القوى العاملة، بما تملكه من قدرات مالية، وفرص تشغيل
ضخمة، تعمل بعيداً عن الإجراءات الرسمية، مثل المشروعات الصناعية والزراعية
الصغيرة، والمتناهية الصغر، والخدمات السياحية والعامة.
يعتبر البدوي
السوق الموازية حزام الأمان للاقتصاد المحلي، وقد مكّنت الدولة من الاستمرار في
أداء مهامها خلال فترة الانفلات الأمني 2011، وظلت لعدة سنوات أكبر محرك للأسواق
المحلية، مبيناً سعي الدولة إلى دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي، بما
يغير حساب المعادلات الحقيقية للبطالة والتشغيل، وينظم فرص العمل بطريقة شفافة
وواضحة أمام الباحثين والمسؤولين.
يذكر البدوي أن
اتجاه الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور، والتفاوض مع القطاع الخاص على رفعها إلى
سبعة آلاف جنيه شهرياً مع زيادة المعاشات والمستفيدين ببرامج الدعم السلعي والمالي
من يوليو/ تموز المقبل خلال عام 2025-2026، يعكس قدرة الدولة على مواجهة الأزمات
الاقتصادية والضغوط المالية التي تحاول إسرائيل والولايات المتحدة تعميقها
لاستخدامها وسيلة للضغط على مصر، ودفعها إلى قبول التهجير القسري للفلسطينيين.
أرقام البطالة
رسمياً في مصر
يرصد جهاز
الإحصاء معدل البطالة للأشخاص الذي تتراوح أعمارهم بين 15-64 عاماً، ممن لديهم
وظائف والباحثين عن العمل فقط، ولا يسجل الذين لا يبحثون عن العمل أو غير القادرين
على العمل، الذين بلغت نسبتهم نحو 43.4% من تعداد الأفراد الواقعين في سن العمل،
وفقاً للإحصاء السكاني، خلال الربع الثاني لعام 2023، من إجمالي 105 ملايين نسمة.
في تقرير
للبرنامج الإنمائي صدر مؤخراً، حول تأثير الحرب الإسرائيلية في غزة على البطالة في
مصر، أكد أن مصر ستواجه تراجعاً بمؤشرات التنمية البشرية خلال السنوات الخمس
المقبلة 2025-2030، متأثرة بالضرر الشديد الذي أثر بإيرادات قناة السويس والأنشطة
السياحة، بما يزيد الضغوط الاقتصادية على الدولة.
وتتوقع دراسة
أصدرتها الأمم المتحدة، مؤخراً، تراجعاً بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.6%، ليصل
إلى 3% بدلاً من النسبة التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها عند 5% سنوياً، مع صعود
بمعدل البطالة عند حدود 8.7%، إذا ما توقفت الحرب، وفي حالة استمرارها ستصل إلى
9.1%، متأثرة بزيادة خسائر بإيرادات قناة السويس من 9.9 مليارات دولار عام 2024
إلى 13.7 مليار دولار.
تراجع مؤشر
التنمية البشرية
يخشى خبراء الأمم
المتحدة من تراجع مؤشر التنمية البشرية إلى مستواه المتراجع المسجل عام 2018، بما
يهدر خمس سنوات من النمو بالمشروعات التنموية، لافتين إلى أن الحرب على غزة تشكّل
تحدياً كبيراً لمصر، لخطورتها على القطاعات الحيوية، مثل السياحة، وسلاسل التوريد،
والتجارة الدولية، بما يدفع إلى زيادة معدلات البطالة مع تراجع بمستوى المعيشة،
الأمر الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
تبيّن إحصاءات
شهرية عن اتجاهات العمل ومعدلات البطالة يصدرها المركز المصري للدراسات
الاقتصادية، تباطؤ معدلات التشغيل بجميع الوظائف، خلال الأعوام الأخيرة، متأثرة
بتراجع النمو بمشروعات القطاع الخاص غير النفطي، وارتفاع تكاليف التشغيل ومستلزمات
الإنتاج، المدفوعة بتدهور الجنيه مقابل الدولار، وسوء مخرجات التعليم بجميع
مستوياته، وعدم تناسب مؤهلاته لاحتياجات سوق العمل، مع استئثار العاصمة بأكثر من
70% من فرص التشغيل، على مستوى الدولة.
وقد بلغ تعداد
القوى العاملة، نحو 31.4 مليون نسمة بنهاية العام المالي 2023-2024، المسجلة في
يوليو الماضي، بزيادة هامشية 0.1% عن الربع الأول من عام 2024، مسجلة انخفاضاً
بمعدل البطالة إلى 6.7% خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني – مارس/ آذار 2024.
وتكشف بيانات منظمة العمل الدولية عن بلوغ معدل البطالة في مصر لعام 2023، نحو
7.3% من إجمالي القوى العاملة. وأكد خبراء بمكتب المنظمة بالقاهرة لـ"العربي
الجديد" وجود خلافات بين نظام الرصد المتبع محلياً، في تحديد عدد العاطلين عن
العمل، الذين جرى تسجيلهم، وفقاً لطالبي العمل فقط دون غيرهم، مبينين ضرورة تغيير
نظام الرصد في مصر، ليواكب النظم الحديثة التي تسجل إحصاءات البطالة من بين
الأفراد المسجلين في قوة العمل التي تتراوح ما بين 15-64 عاماً.