العدد 1571 /19-7-2023
عاصم إسماعيل
بعد مرور نحو 3 شهور على اندلاع الحرب، تكبّد
السودان خسائر فادحة بلغت، حسب تقديرات مراقبين، أكثر من إجمالي الناتج المحلي
للبلاد خلال عام بأكمله.
وتشمل الخسائر حجم الإنفاق العسكري الهائل ودمار
البنية التحتية وآلاف المنشآت، وما تكبّدته مختلف الأنشطة الاقتصادية.
ووفق تقديرات غير رسمية فإن تكلفة الحرب بلغت نحو
نصف مليار دولار يومياً في المتوسط، أي 45 مليار دولار خلال 3 شهور هي عمر الحرب
حتى الآن، وأكدت البيانات أن الخسائر فادحة جدا ولا تقدر بثمن في بعض المجالات.
وفي المقابل، دحض بعض خبراء الاقتصاد هذه
التقديرات، قائلين إن صادرات وواردات السودان في أحسن أحوالها لم تصل إلى 5
مليارات دولار سنوياً في وقت لا يتجاوز فيه متوسط الناتج المحلي الإجمالي 30 مليار
دولار.
ويعيش السودانيون أوضاعا اقتصادية ومعيشية قاسية
منذ بدء النزاع بين الجيش الذي يقود عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع تحت
قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ 15 إبريل/ نيسان 2023.
من جانبه، قدر رئيس اللجنة الاقتصادية في حزب
الأمة القومي، صديق الصادق المهدي، الإنفاق العسكري اليومي وخسائر الحرب الدائرة،
بنحو نصف مليار دولار يومياً، كما أن هناك تقديرات شهرية بنحو 10 مليارات دولار.
وحذر في منشور على "تويتر" من نذر حرب أهلية، وتزايُد الفجوة الغذائية
جراء الحرب الدائرة في البلاد بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال إن الآثار الاقتصادية للحرب تتمثل في تدمير
البنية التحتية، وتدمير القطاع الصناعي، وانكماش النمو، وفقدان الوظائف.
ونبه إلى نذر فشل الموسم الزراعي الحالي بسبب
الحرب ونهب البنوك وتوقف الخدمات. وأوضح أن معظم الأراضي الزراعية ستخرج من دائرة
الإنتاج.
وقال إن فشل الموسم الزراعي يؤثر على 40 في المائة
من السكان ويزيد من الفجوة الغذائية ويتسبب في خروج المزارعين من دائرة الإنتاج.
وأكد ارتفاع عدد المحتاجين للعون الغذائي في البلاد من 15 مليون شخص قبل الحرب إلى
24 مليون شخص. وأشار إلى ندرة السلع وارتفاع تكاليف المعيشة، وزيادة الأسعار بنسبة
تتراوح بين 300 و400 في المائة.
وشاركه في هذا الرأي الخبير الاقتصادي محمد زين
الذي قال لـ"العربي الجديد": يمكن أن يصل الصرف على هذه الحرب إلى عشرات
مليارات الدولارات في ظل استمرارها حتى الآن، وبالتأكيد هنالك داعمون لهذه الحرب،
كما أن التكلفة قد تكون متنوعة ومتعددة منها أجهزة ومعدات وأخرى حربية بالإضافة
إلى تدمير البنى التحتية.
وأشار زين إلى أن خسائر حرب دارفور (2003) وحدها
قدرت بمائة مليار دولار في عشر سنوات، أما مجمل خسائر السودان جراء حربي جنوب
السودان ودارفور تُضاف إليها حربا جنوب كردفان والنيل الأزرق قد تقترب من 500
مليار دولار منها ما هو إنفاق مباشر أو فقدان فرص نمو ومنها تدمير لموارد ومنشآت
عامة وممتلكات خاصة.
وفي نفس السياق، يرى الاقتصادي عادل عبد العزيز أن
استمرار الحرب يكلف السودان مبالغ كبيرة منها 8 مليارات دولار خسائر للناتج المحلي
الإجمالي في ثلاثة شهور.
وأضاف أن خسائر الإيرادات العامة تتأثر بها
الحكومة المسؤولة عن المرتبات والأجور وتسيير شؤون الحياة والتنمية، أما خسائر
الناتج الإجمالي فتدخل فيها جميع الأنشطة الاقتصادية المتأثرة بالحرب من صناعة
وزراعة وخدمات بما فيها فقدان الناس وظائفهم ومصادر رزقهم.
وأكد أن هناك خسائر غير واضحة للعيان متمثلة في
فقدان السجلات للمؤسسات ومصادر المعلومات والبنوك وقواعد البيانات للجامعات ومراكز
البحوث والأرشفة. وقال: "هذه تكلفة باهظة جدا لا تقدر بثمن".
وفي المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي الفاتح
محجوب، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحديث عن الإنفاق العسكري قد يصل
إلى نصف مليار دولار يوميا أو عشرة مليارات دولار شهريا، هو مغرق في الخيال لأن
كلا الطرفين لا يمتلك القدرة على توفير عشر ذلك المبلغ.
وأشار إلى مباشرة التمويل للموسم الزراعي حيث واصل
البنك الزراعي عمليات تمويل المزارعين. وأضاف: "يمكن القول إن الموسم الزراعي
لا يزال في بداياته، ومن الصعب الحكم عليه في الوقت الحالي وهناك صعوبة حول التكهن
مبكرا بحدوث مجاعة في البلاد".
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي السوداني عبد
الوهاب جمعة، لـ"العربي الجديد" إن الناتج المحلي يتراوح بين 30 و35
مليار دولار. وأضاف: "من الصعب القبول بتحديد تقديرات الخسائر قبل نهاية
الحرب"، مشيرا إلى أن الحرب تتركز في العاصمة الخرطوم وهنالك خمس عشرة ولاية
أخرى تُجرى فيها الأنشطة الاقتصادية بصورة عادية دون أن تتأثر مباشرة بأحداث
الخرطوم.
وأكد أن الحديث عن المجاعة لا يعدو كونه نظرة
تشاؤمية بسبب الحرب وتداعياتها، موضحا أن الموسم الزراعي الصيفي يعتمد على الأمطار
ومعظم المزارعين في الولايات يتبنون الزراعة التقليدية التي تساعدهم في تلبية
احتياجاتهم اليومية.
وأشار إلى وجود كثير من السودانيين يعتمدون على
الإغاثات والإعانات بسبب حروب سابقة حيث تعمل الأمم المتحدة ومؤسسات أخرى في هذا
الجانب منذ عام 2003.