العدد 1620 /10-7-2024
انتشرت حالة غضب في هيئة النيابة الإدارية في مصر
في الآونة الأخيرة، وذلك بعد اعتقال الجهات المختصة عضواً في الهيئة من دون أخذ
إذن مجلسها لرفع الحصانة القضائية عن العضو أولاً قبل القبض عليه، وذلك باستناد
الجهات المختصة بعمليات القبض إلى عدم تطبيق الحصانة القضائية على أعضاء هيئة
النيابة الإدارية في مصر بالكيفية نفسها على بقية الهيئات، لوجود خلافات في النصوص
القانونية والتشريعية. وهيئة النيابة الادارية بحسب تعريفها على موقعها الإلكتروني،
هيئة قضائية مستقلة، مسؤولة عن الدعوى التأديبية، تنوب عن المجتمع في تعقب
المخالفات التأديبية التي تقع من الفئات الخاضعة لولايتها مستهدفة حماية المال
العام، وضمان حسن سير المرافق العامة وتحقيق العدالة التأديبية واكتشاف أوجه الخلل
والقصور في النظم والإجراءات الإدارية والمالية.
اعتقال عضو هيئة النيابة الإدارية من دون أخذ إذن
مجلسها، دفع رئيس الهيئة المستشار حافظ عباس بتكليف مركز الدراسات والبحوث بهيئة
النيابة الإدارية إعداد دراسة قانونية بعنوان "الحصانة القضائية لأعضاء
النيابة الإدارية". وتطرقت الدراسة حول قانونية القبض على عضو النيابة
الإدارية "في غير حالات التلبس" من دون موافقة المجلس الأعلى للنيابة
الإدارية. ونظرت في مسألة البحث عن العدالة والمساواة بين أعضاء الهيئات والجهات
القضائية في هذا الشأن. وأكدت الدراسة أن أعضاء هيئة النيابة الإدارية ينطبق عليهم
ما ينطبق على بقية أعضاء الهيئات والجهات القضائية وفقاً للدستور وقانون السلطة
القضائية، وأن جميع أعضاء الهيئات والجهات القضائية متساوون في مسألة الحصانة
القضائية، ولا يجوز تطبيقها والالتزام بها على جهة أو هيئة قضائية دون أخرى.
وخاطبت هيئة النيابة الإدارية، جميع الجهات المختصة بعمليات القبض، وأرفقت الدراسة
القانونية وما انتهت إليه، حتى لا يكون هناك صدام بين السلطات.
وحول هذه التطورات، قال القاضي السابق بمجلس
الدولة، المستشار عصام رفعت، إنه في الآونة الأخيرة شاعت مسألة انتهاك الحصانة
القضائية لأعضاء هيئة النيابة الإدارية في مصر وهناك واقعة حديثة مثيرة للدهشة
حدثت مع الزميل المستشار خالد بدر، مدير إدارة النيابات برئاسة هيئة النيابة
الإدارية، الذي أُلقي القبض عليه من مكتبه بمقر رئاسة الهيئة القضائية. وشدّد على
أن أعضاء هيئة النيابة الإدارية في مصر يتمتعون بالحصانة القضائية كمثيلتها من
الهيئات والجهات القضائية الأخرى، وينطبق عليهم ما ينطبق على باقي أعضاء الهيئات
القضائية الأخرى، فجميع رجال السلطة القضائية في مختلف الهيئات القضائية متساوون
في الحقوق وعليهم ذات الواجبات، وحتى في مسألة الأجور وفي الحصانة القضائية
فالجميع متساوي بشكل كامل. وأضاف أن الأزمة المتفجرة أخيراً في النيابة الإدارية
في مصر هي أزمة تعدي إحدى سلطات الدولة على سلطة من سلطات الدولة، وهو تعدي السلطة
التنفيذية على السلطة القضائية.
المستشار أحمد غانم، عضو المكتب الفني السابق
لرئيس هيئة النيابة الإدارية في مصر والوكيل العام الأول الحالي بالنيابة
الإدارية، وهو أحد من تقدموا بشكاوى لرئيس الهيئة عبد الراضي صديق بشأن التعدي على
الحصانة القضائية لأعضاء هيئة النيابة الإدارية، قال لـ"العربي الجديد":
"لم يعد من المقبول أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الحالات العديدة والمتكررة من
العدوان علينا وعلى أعضاء هيئة قضائية لها تاريخها ولها الحقوق نفسها لأعضاء
السلطة القضائية".
وأشار إلى أنه "استشعرنا أن الأمر أصبح وكأنه
حملة ممنهجة على أعضاء هيئة النيابة الإدارية، والتعامل معهم على أنهم ليسوا رجال
قضاء وأنهم درجة ثانية أو ثالثة... وأصبح القانون والدستور يُنتهك أمامنا من
الجهات المفترض بها تنفيذ القانون والدستور". وأضاف غانم: "أمام ما
رصدناه كان لزاماً علينا رفع الأمر إلى رئيس الهيئة في مذكرة، فلم نعد نعمل في
أجواء طبيعية، وأصبح الحديث الأول والشاغل لأعضاء الهيئة هو حصانتهم القضائية
المهدرة من دون أي تحرك ومن دون أي أسباب، وكأن الهدف هو إنهاء دور النيابة
الإدارية وإنهاء استقلاليتها". وأضاف: "أصبح العضو يخشى على نفسه خلال
عمله من أي عمليات تنكيل من السلطة التنفيذية إذا كان الخصم في الدعاوى يتعلق بأحد
رجالهم أو أقاربهم، فمن الممكن أن يجد نفسه مقبوضاً عليه وينكل به بعيداً عن
المجلس الأعلى الخاص لهيئته والتي تمثل حصن الأمان في هذه الحالات".
غضب في صفوف أعضاء الهيئة
كذلك كشف عضو في المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة
الإدارية في مصر طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الهيئة
رصد حالة غضب كبرى بين أعضاء الهيئة، وبعضهم تقدموا بطلبات رسمية لرئيس الهيئة
للبحث في مسألة القبض على زملائهم من دون العرض على المجلس الخاص للنيابة
الإدارية.
من جانبه، أكد الخبير القانوني صالح حسب الله
الجبالي، المستشار القانوني السابق لحركة استقلال جامعة عين شمس، لـ"العربي
الجديد"، أن عمليات القبض على أعضاء هيئة النيابة الإدارية في مصر من دون أخذ
الموافقة من المجلس الأعلى للنيابة الإدارية هو أمر من شأنه أن يبطل التحقيقات
والإجراءات بالكامل. وتابع: "من ثم تكون البراءة في حالة محاكمة المتهم (عضو
هيئة النيابة الإدارية) في هذه الحالة هو أمر حتمي، موضحاً أن الخطأ في الإجراءات
والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الدستور بشكل صريح، تمنح المتهم البراءة بسبب
الخطأ في تطبيق القانون، حتى ولو كان المتهم مداناً بالفعل في ارتكاب الجريمة، إلا
أن الخطأ في تطبيق الإجراءات القانونية والدستورية يبطل إجراءات التحقيق والقبض
بالكامل، ومن ثم تكون البراءة محسومة، بخلاف مسألة أن الأمر من الأساس هو تعدٍّ
على قانون السلطة القضائية".