العدد 1373 / 7-8-2019
رأت أوساط سياسية وإعلامية في إيران في التوجه الإماراتي
الجديد حيال طهران، "عودة للمسار الصواب" بعد أن باتت حرب اليمن تستنزف
طاقات التحالف السعودي الإماراتي، مما جعل حلفاء الرياض يفكرون مليا في استمرار
حضورهم فيه أو الخروج منه.
وبعد مفاوضات أجراها وفدان عسكريان من البلدين، أعلنت إيران
والإمارات اتفاقا في وجهات النظر على ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية وضمان أمن
المياه الخليجية.
وتحدث رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية محمود واعظي، عن وجود
اختلاف في وجهات النظر بين الإمارات والسعودية حول مسألة اليمن، وأن أبو ظبي أضحت
تغير موقعها الحاد من اليمن.
وترى أوساط إعلامية في إيران أن حرب اليمن باتت تستنزف طاقات
التحالف السعودي الإماراتي، مما جعل حلفاء الرياض يفكرون مليا في استمرار حضورهم
فيه أو الخروج من مستنقع اليمن.
أخطاء جسيمة
واعتبر عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان
الإيراني منصور حقيقت بور، أن التوجه الإماراتي الأخير حيال قضايا المنطقة ولا
سيما حرب اليمن "عودة للمسار الصواب"، وأضاف أن إيران لم ترض منذ اليوم
الأول بتوريط الشعب الإماراتي في مستنقع اليمن.
وقال إن أبو ظبي ارتكبت "أخطاء جسيمة" في الفترة
الماضية، مضيفا أن جارتنا الجنوبية ابتعدت عن طهران وجعلت نفسها أداة بيد
السعودية، كما ظنت أن بإمكانها أن تلعب دورا وفق إرادتها في اليمن.
وأوضح البرلماني الإيراني أن طهران سبق أن أكدت للجانب
الإماراتي أنه صديق للشعب الإيراني، وبإمكانه التعويل على جارته الشمالية بشأن
ضمان الأمن بالمياه الخليجية وقضايا أخرى، مؤكدا أن أبو ظبي دفعت كلفة باهظة في
العالم الإسلامي بسبب سياساتها خلال الأعوام الأخيرة.
ورحب حقيقت بور بالتقارب الإماراتي "الإيجابي" من
بلاده، مؤكدا أن أبو ظبي كلما ابتعدت عن السياسات الأميركية والبريطانية ونأت
بنفسها عن التدخل في شؤون اليمن، سيكون ذلك في صالحها.
وعن توقيت التوجه الإماراتي، قال إن أبو ظبي باتت تشاهد
هزيمة السياسات السعودية في المنطقة من جهة، وقدرة الجمهورية الإسلامية من جهة
أخرى، بحسب قوله.
وشدد المسؤول الإيراني على أن بلاده لم ولن تجامل أحدا على
أمن المنطقة، مذكرا بإسقاط الطائرة الأميركية فور انتهاكها الأجواء الإيرانية.
واعتبر أن سياسة السعودية واجهت نكبة في حربها على اليمن،
موضحا أن من صالح الشعب الإماراتي أن تتجنب حكومته أخطاء ومساوئ سياسات السعودية،
لأنه لا داعي لأن تدفع الإمارات كلفة الفشل السعودي في اليمن، بحسب رأيه.
وتحظى العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران بأهمية كبيرة
لدى الجانب الإماراتي، خاصة أن الحركة السياحية في الجارة الجنوبية ترتبط ارتباطا
وثيقا بها، فضلا عن أمن المنطقة الذي تعتبره كل من طهران وأبو ظبي من أمنهما.
خيبة من أميركا
من جانبه، رأى الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات
الإستراتيجية عباس أصلاني، أن سياسة طهران التي تمثلت في خفض تنفيذ تعهداتها في
الاتفاق النووي ووقوفها أمام الغطرسة الغربية خلال الأشهر الأخيرة، ساهمت في
التوجه الإماراتي الأخير.
وقال إن بعض دول المنطقة ظنت بعد فوز دونالد ترامب
بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في أميركا، أن جورج بوش آخر ترأس أميركا، وعولت عليه
بشن حرب شاملة على ما تعتبره "تهديدا إيرانيا"، لكن عدم رغبة ترامب في
خوض حرب مع إيران جعلت بعض هذه الدول تعيد النظر في سياساتها مع طهران.
واعتبر أن أبو ظبي رأت في تصاعد التوتر بالمنطقة الخليجية
المحاذية لها تداعيات سلبية على أمنها واقتصادها، مشيرا إلى عزم إيران الرد على
أميركا وضرب قواعدها في المنطقة، خاصة أن الطائرة الأميركية التي أسقطتها إيران
كانت قد أقلعت من الإمارات.
وأوضح أصلاني أن كل المؤشرات تشير إلى عزم أبو ظبي تعزير
تعاونها مع إيران، لكنه استدرك قائلا إنه لا ينبغي الاستعجال في هذه المرحلة
والحكم على نتيجة التوجه الإماراتي حتى نرى خطواتها المقبلة.
وأشار إلى أن الإمارات لم تجنِ ثمرة من سياساتها المعادية
لإيران خلال الفترة الماضية، وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات في السياسات
الإماراتية حيال بعض ملفات المنطقة بالرغم من أنها كانت تشاطر التوجه السعودي
حيالها.
خطوة سعودية مماثلة
وعلى غرار الإمارات، توقع الباحث في مركز الشرق الأوسط
للدراسات الإستراتيجية خطوة مشابهة من الرياض تجاه طهران، وأضاف أنه يرى التقارب
السعودي الإيراني واردا لكن قد يكون بطيئا.
وشدد على أن التطورات المقبلة خاصة ما يتعلق بالخطوات
الإيرانية تجاه الاتفاق النووي، ستحدد وتيرة التوجه السعودي حيال الجمهورية
الإسلامية.
وتفاقم التوتر بين إيران والإمارات على خلفية الصراع المحتدم
في اليمن منذ نحو خمسة أعوام، فضلا عن التوتر المستمر منذ عقود بسبب جزر طنب
الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى بينهما، كما زاد التوتر على خلفية استهداف ناقلات
نفطية في المياه الخليجية، وهو ما نفته طهران.