العدد 1687 /29-10-2025

 

صبغة الله صابر

أعلنت باكستان فشل المفاوضات مع أفغانستان، التي استمرت أربعة أيام في تركيا، وكانت تهدف إلى التوصل إلى اتفاق ينهي الاشتباكات الحدودية بين البلدين. واتهم وزير الإعلام الباكستاني عطا الله ترار في بيان، ليل أمس الثلاثاء، حكومة طالبان الأفغانية بعدم استعدادها للتخلّي عن "دعم المسلحين" الذين ينشطون ضد باكستان، وتقول إسلام أباد إنهم يستخدمون الأراضي الأفغانية منطلقاً لعملياتهم ضدها.

وقال ترار إنّ الوفد الباكستاني حاول خلال المفاوضات أن يقنع الوفد الأفغاني بأهمية التصدي لحركة طالبان الباكستانية، وبأنه أمر ضروري لأمن باكستان، مضيفاً أنّ الوفد الأفغاني لم يكن متعاوناً بهذا الخصوص. واعتبر وزير الإعلام الباكستاني أنّ حكومة طالبان "لا تمثل الشعب الأفغاني" وأنها ترى بقاءها سبباً لاستمرار الحرب، وزعم أنها "تريد الحرب بأي شكل من الأشكال"، مشدداً على أنّ باكستان "لن تتهاون في ضمان أمنها واستقرارها، وستستهدف أعداءها في كل مكان وكل زمان".

وكان وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف قد قال، مساء الثلاثاء، في حوار مع قناة "جيو" المحلية، إنّ بلاده قادرة على القضاء على كل من يعبث بأمنها، محذراً من أنّ "حكومة طالبان تلعب بالنار"، ومشدداً على أنّ "قدرات الجيش الباكستاني فوق ما يتصوره هؤلاء". وجاءت المحادثات بين البلدين الجارين بعد اشتباكات حدودية عنيفة اندلعت إثر شنّ الجيش الباكستاني ضربات جوية على الأراضي الأفغانية في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قال إنها استهدفت قيادات في حركة طالبان الباكستانية، حيث تتهم إسلام أباد الحكومة الأفغانية بدعم الحركة.

وبعد أيام من الاشتباكات تمكّن الوسيط القطري من جمع الطرفين في الدوحة ليعودا، السبت الماضي، لاستئناف محادثاتهما في إسطنبول. وكان من المفترض أن تركّز جولة إسطنبول على تحديد آليات تنفيذ الهدنة وإعادة الاستقرار إلى الحدود بين البلدين.

4 أسباب وراء فشل مفاوضات باكستان وأفغانستان

ولم تصدر الحكومة الأفغانية أي بيان على الفور بخصوص اتهامات إسلام أباد أو انهيار المفاوضات، إلا أنّ مصدراً مقرّباً من الوفد الأفغاني المفاوض عزا سبب فشل المفاوضات إلى أربع نقاط. وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، إنّ من بين "النقاط الرئيسية التي أفشلت المفاوضات أن باكستان كانت تريد من طالبان الأفغانية أن تصدر قراراً أو فتوى تعلن فيها أنّ طالبان الباكستانية حركة إرهابية، وأن تسمح لباكستان بالعمل المسلح داخل أفغانستان ضد ما تراه مراكز طالبان الباكستانية".

وأوضح أن رد الجانب الأفغاني كان بأنها "لن تصدر الحكم بالإرهاب على أي جماعة لا علاقة لها بأفغانستان". وفي ما يخص التحرّك ضد طالبان الباكستانية، أوضح المصدر ذاته أنّ "الجانب الأفغاني يرفض أن تقوم القوات الباكستانية بأي عمل داخل الأراضي الأفغانية، لكنها وافقت أن تكون هناك لجنة مراقبة من أربع دول هي تركيا وقطر بالإضافة إلى أفغانستان وباكستان، وأن تراقب تلك اللجنة الحدود بين البلدين". وأضاف أنه "في حال الضرورة فإن قوات طالبان هي التي ستقوم بالعمل المسلح ضد أي نشاط عسكري، كما سيتم ضبط الحدود تحت إشراف تلك اللجنة، بينما أصرّت باكستان على السماح لها بالعمل داخل الأراضي الأفغانية"، وأوضح أنّ الوفد الباكستاني غادر طاولة المفاوضات بعدما رفض الجانب الأفغاني هذا المطلب.

ومن بين النقاط الخلافية أيضاً، بحسب المصادر، مطالبة الجانب الأفغاني بألا تسمح باكستان للطائرات الأميركية بدخول الأجواء الأفغانية انطلاقاً من أراضيها، وهو الطلب الذي وجهته لكافة دول المنطقة، بعدما أكدت كابول أنّ الطائرات المسيّرة الأميركية تدخل إلى الأجواء الأفغانية بعد مرورها من باكستان. كما طلب الجانب الأفغاني من إسلام أباد التصدي لفرع تنظيم "داعش" (خراسان) الذي تقول إنّ له مراكز في باكستان، ويتم تمويل عناصره وتجهيزها هناك لينشطوا في أفغانستان.

وينفي الجانب الباكستاني وجود فرع "داعش" على أراضيه، بينما قدّم اعتذاراً على خرق الطائرات الأميركية الأجواء الأفغانية بعد مرورها فوق أراضيه، وقال المصدر المطلع على المفاوضات لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما فُهم من كلام الوفد الباكستاني هو أن هناك توافقاً بين الولايات المتحدة وباكستان على التعاون على مراقبة الأجواء الأفغانية"، مشيراً إلى أن هذه النقاط الأربع أدت إلى فشل المفاوضات.

من جانبه، قال مستشار وزير الثقافة والإعلام الأفغاني قاري سعيد خوستي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشعب الباكستاني غير راض على ما يقوم به جنرالات الجيش"، مضيفاً "نقول لهم ما تحلمون به قد يدفع بلادكم إلى الويلات، وكذلك المنطقة بأكملها". واتهم خوستي الجيش الباكستاني بالسعي "لإسقاط الحكومة الأفغانية، كما فعل في الماضي"، مضيفاً "الأحوال تغيّرت الآن، الحكومة تسيطر على كل البلاد، ولدينا جيش وقوات مسلحة منظمة ستثبت شراستها في الحرب ومواجهة أي معتد". وعزا خوستي سبب فشل المفاوضات إلى طريقة "تعامل الوفد الباكستاني مع القضايا وإصراره على تنفيذ الهجمات المسلحة داخل أفغانستان، وهذا ما كان ليحدث في تاريخ بلادنا".