العدد 1660 /23-4-2025
يحذر مسؤولون عراقيون من خطورة انتشار مافيات الاتّجار
بالبشر التي تستغل المتسوّلين في تنفيذ أعمال غير قانونية، وتؤكد وزارة الداخلية
أنها تتابع الملف وتفكّك الكثير من شبكات المافيات.
ويقول المتحدّث باسمها العميد مقداد ميري لـ"العربي
الجديد": "فكّكت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أخيراً شبكات عدة
لمافيات، واعتقلت قادة وعناصر فيها، ويستمر العمل إذ يحظى ملف التسول بأهمية قصوى
لدى الوزارة وباقي الوزارات والمؤسسات المختصة، وقد اتُّخذت إجراءات وخطوات للحدّ
من الظاهرة، ويجري رصد عصابات ومافيات تستغل متسوّلين في تنفيذ أعمال غير قانونية
في بغداد وكل المحافظات".
ويضيف: "تراجعت نسبة جرائم الاتّجار بالبشر كثيراً خلال
الأشهر الأخيرة في ظل المتابعة الأمنية والاستخباراتية للعصابات، وأيضاً نسبة
التسوّل في غالبية الشوارع بعد أن وضعت الحكومة خططاً استراتيجية لمعالجة القضايا
المهمّة التي تخصّ المجتمع وتحافظ على سلمه الأهلي والاجتماعي".
وتتكثف جرائم الاتّجار بالبشر في العراق منذ سنوات، وتُسجل
السلطات حوادث شبه يومية يجري فيها استغلال فئات مثل معوّقين ومشرّدين وفقراء
للعمل في ظروف صعبة، أو في مجالات غير قانونية مثل الدعارة أو التسوّل أو تهريب
الممنوعات.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان علي نعمة،
لـ"العربي الجديد": "تعمل مافيات كبيرة للاتّجار بالبشر على
استغلال المتسوّلين في عملياتهم المختلفة ما يشكل خطراً كبيراً على المجتمع، لذا
يجب تكثيف الجهد الأمني في ملاحقة المافيات التي تنشط في أعمال كثيرة غير قانونية،
من بينها سرقة الأعضاء البشرية. ويتواصل تسجيل حالات كثيرة رغم كل الحملات الأمنية
وتلك للتوعية، ما يستدعي تكثيف الجهود المبذولة للحدّ من هذه الظواهر الدخيلة على
المجتمع العراقي".
ويتابع: "ترتبط بعض مافيات الاتّجار بالبشر بأخرى كبيرة
وخطيرة في دول العالم، وهذا ما كشفته تحقيقات مع عناصر مافيات اعتقلوا خلال الآونة
الأخيرة، لذا يتطلب الملف تنسيقاً إقليمياً ودولياً للحدّ من عمل هذه المافيات
داخل العراق وخارجه، كما يجب إنهاء ظاهرة التسوّل التي أصبحت مصدراً أساسياً
لاستغلال الأشخاص من مافيات الاتّجار بالبشر".
ويقول رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل
الغراوي لـ"العربي الجديد": "لا تزال مافيات الاتّجار بالبشر تعمل
على نحوٍ كبير وخطير داخل المجتمع، وتستغل المتسوّلين في أعمالها المختلفة، علماً
أن عددهم يتجاوز نصف مليون في عموم البلاد، بحسب الإحصاءات الأخيرة".
ويشدّد الغراوي على "ضرورة تطبيق استراتيجية أمنية
ومدنية حقيقة من أجل القضاء على مافيات الاتجار بالبشر وعصابات التسوّل التي تستغل
مواطنين فقراء ومشردين وحتى هاربين من أهاليهم، ويتطلب هذا الأمر تكثيف الجهود
الحكومية لإنقاذ المجتمع من المافيات والعصابات الخطيرة".
يتابع: "من الضروري تعديل قانون مكافحة الاتّجار
بالبشر، وتشديد العقوبات التي يفرضها على المتاجرين، وتعميم إنشاء دور لحماية
ضحايا الاتّجار بالبشر في المحافظات كافّة، وتعزيز نظام البلاغات والإحالة
والتعرّف المبكّر على ضحايا الاتجار بالبشر، وتعديل قانون حماية الشهود الذين
يبلغون عن جرائم الاتّجار بالبشر، وإطلاق حملة إعلامية للوقاية من مخاطر الاتّجار
بالبشر".
وتسبّبت الظروف التي سادت العراق في العقدَين الماضيَين،
وتحديداً بعد الغزو الأميركي للبلاد، في تزايد الفقر والبطالة، ما ضاعف عدد
المتسوّلين من شبان وأطفال من الجنسَين، كما تستغلّهم أحياناً شبكات متخصّصة في
التسوّل، لا سيّما في بغداد، في حين لا تملك السلطات أي إحصاءات رسمية عن عدد
المتسوّلين.
وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أعلنت رصد حالات تسوّل
وتشرّد لأحداث دون السن القانونية، وأكدت أنّها تنسّق مع الجهات الأمنية، تحديداً
وزارة الداخلية، من أجل إيداع من تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً في دور
للمشرّدين تابعة لها بغرض إعادة تأهيلهم وتدريبهم للحصول على عمل في حال الإفراج
عنهم.
يشار إلى أنّ الحكومات العراقية المتعاقبة واجهت انتقادات
حادة بسبب تقصيرها في متابعة ملفّ التسول، ما دفع الحكومة الحالية إلى تنفيذ حملات
اعتقال وفتح تحقيقات مع متسوّلين.