العدد 1659 /16-4-2025
سجل الريال الإيراني تعافياً سريعاً، تنامى بشكل كبير في سوق
العملات خلال معاملات اليوم الأحد، وذلك مع بدء المفاوضات غير المباشرة بين طهران
وواشنطن التي انطلقت في العاصمة العُمانية مسقط أمس السبت، حيث استعادت العملة
الإيرانية نحو 15% من قيمتها، ليتوقف بذلك نزيفها الحاد خلال الشهور الأخيرة،
ويتخذ مسار تعاف لأول مرة. وارتفعت قيمة الريال مقابل الدولار من 1020000 ريال
سعرَ صرفٍ لكل دولار إلى 830000 ريال ثم إلى 830000 لاحقا.
وقال المضارب الإيراني في سوق العملات، سعيد غودرزي،
لـ"العربي الجديد"، إن خروج المفاوضين الإيرانيين أمس السبت، بتصريحات
إيجابية عن نتائج المفاوضات بين وزير الخارجية الإيراني عراقجي والمبعوث الأميركي
للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ارتد إيجاباً على سوق العملات، وكان مفعوله السريع هو
بدء تراجع سريع لسعر صرف الدولار الأميركي وتعافي الريال.
وأضاف غودرزي أن استمرار التصريحات الإيرانية رفع سقف
التفاؤل في الأسواق حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن، دعمته أيضاً تصريحات
ويتكوف، ومن ثم تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو ما سرّع من تعافي قيمة
الريال الإيراني اليوم الأحد. وأردف غودرزي: "سوق العملات يشهد عرضاً كبيراً
للعملات الأجنبية على خلفية مخاوف الكثير من المضاربين والمواطنين الإيرانيين من
نزيف الدولار وسط ارتفاع جرعة التفاؤل حول إمكانية التوصل إلى اتفاق"، مشيراً
إلى أن "هذا العرض يقابله طلب ضعيف على الشراء، ما يساهم في مزيد من تراجع
سعر الصرف".
مخاوف من تراجع الريال الإيراني مجدداً
إلى ذلك، توقع التاجر عبد الرضا نجفي، في حديثه مع
"العربي الجديد"، أن يستقر سعر الصرف للدولار الأميركي نحو 900 ألف ريال
خلال الأيام المقبلة، مضيفاً أن "خفض قيمة الدولار وارتفاع الريال يعود إلى
عوامل نفسية سياسية بسبب التصريحات الإيجابية، من دون أن تكون هناك أسباب اقتصادية
حقيقية وراء ذلك"، وموضحاً أنه "إذا ما عادت التهديدات إلى الواجهة مرة
أخرى سيتغير الوضع، وبالتالي هذا المشهد اليوم ربما يتغير غداً أو بعد غد ما لم
يحصل شيء عملي على الأرض يدعمه ويؤدي إلى انفراجة اقتصادية حقيقية من خلال رفع
العقوبات".
وأضاف نجفي أنه رغم حديث الطرفين عن "مخرجات إيجابية
وبناءة" للجولة الأولى من المفاوضات في سلطنة عمان، لكن ليس واضحاً أن يستمر
ذلك في الجولة الثانية التي يفترض أن تبدأ خلالها النقاشات الأكثر جدية، مشيراً
إلى أن الريال ربما يعود إلى مساره التراجعي إذا كانت التصريحات القادمة
"تشاؤمية".
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء السبت، انتهاء
المفاوضات غير المباشرة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي
ستيف ويتكوف، لافتة إلى الاتفاق على استمرارها الأسبوع المقبل. وأوضحت الوزارة، في
بيان، أن المفاوضات جرت "في أجواء بناءة وإيجابية، وتناولت القضايا المرتبطة
بالبرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات". وأضافت أن عراقجي وويتكوف
"تحدثا لدقائق بحضور وزير الخارجية العماني أثناء خروجهما من مكان المفاوصات".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ المحادثات مع إيران
بشأن برنامجها النووي تمضي على نحو جيد. وأضاف، فجر اليوم الأحد، في تصريحات للصحافيين
على متن طائرة الرئاسة: "أعتقد أنها تمضي على نحو جيد. لا شيء يهم حتى تنتهي
(المحادثات)، لذلك لا أحبذ الحديث عنها. لكنها تمضي على ما يرام، أعتقد أن الأمور
مع إيران تسير على نحو جيد للغاية". وليل السبت، أعلن البيت الأبيض أن
المحادثات كانت "إيجابية للغاية وبناءة".
وأواخر الشهر الماضي كسرت العملة الإيرانية الحاجز النفسي
لسعر الصرف البالغ مليون ريال لكل دولار أميركي، حتى انجرفت إلى المزيد من الخسائر
لتسجل مستويات غير مسبوقة من الهبوط، وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة
وتهديد واشنطن بعمل عسكري ضد إيران، ما فاقم الضغوط الاقتصادية والمعيشية في البلد
الذي يعاني تراكمات سنوات من العقوبات.
ويشهد الاقتصاد الإيراني أزمات قاسية منذ أكثر من عقد،
تزايدت حدتها مع العقوبات الأميركية المشددة منذ عام 2018 في أعقاب انسحاب الرئيس
دونالد ترامب من الاتفاق النووي خلال ولايته الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، والتي
استهدفت جميع مفاصلها الاقتصادية، بما فيها الاستثمارات الأجنبية. وفي ظل هذه
العقوبات التي تحرم إيران عوائد صادراتها النفطية المحظورة وتحصل بطرق التفافية،
يبقى من الصعب تحويل الأموال إلى داخلها للاستثمار. واليوم يأمل المواطن الإيراني
الذي يئن من وطأة الأزمة المعيشية أن ينتهي هذا المسار الدبلوماسي الجديد بين
طهران وواشنطن إلى اتفاق يرفع العقوبات الأميركية المشددة.