العدد 1663 /14-5-2025
بات القطاع الصحي في العاصمة اليمنية صنعاء، والمحافظات
الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين، معرضاً لكارثة حقيقية تهدد حياة الآلاف من
المرضى نتيجة أزمة الوقود التي تفاقمت بعد قيام الطيران الأميركي بقصف ميناء رأس
عيسى النفطي متسبباً بأزمة غير مسبوقة.
وضاعف المخاطر الصحية قيام الاحتلال الإسرائيلي بقصف محطات
الكهرباء الرئيسية في صنعاء، الأسبوعالماضي، ما تسبب بانقطاع التيار الكهرباء عن مناطق واسعة. وكشفت شركة النفط
اليمنية، قبل أسبوع، أنها اضطرت إلى تفعيل خطة الطوارئ في كل محطاتها ومحطات
وكلائها، بهدف إدارة المخزون المتاح. وتهدد الأزمة بتوقف المستشفيات الحكومية
والخاصة، ما يعرض حياة المرضى لخطر داهم، خاصة الموجودين بأقسام العناية المركزة،
والقلب، والغسل الكلوي، والحضانات وغيرها من الأقسام التي تعتمد بشكل رئيسي في
تشغيلها على الكهرباء.
والعاصمة صنعاء أكبر المدن اليمنية، ويقطنها قرابة ثلاثة
ملايين نسمة، وتضم عدداً من المستشفيات الحكومية، أبرزها مستشفيات الثورة،
والجمهوري، والكويت، والسبعين، والمستشفى العسكري، ومستشفى الشرطة، إضافة إلى
عشرات المستشفيات الخاصة، والتي تواجه تحديات تعيق قدرتها على مواصلة تقديم
الخدمات الطبية بسبب أزمة الوقود.
نفاد الوقود يهدد بتوقف المستشفيات الحكومية والخاصة عن
العمل
يتابع اليمني عبدالله الهمداني (61 سنة) والمقيم في العاصمة
صنعاء، تطورات الأحداث بقلق، خاصة ما يتعلق بأزمة الوقود التي تسببت بها الضربات
الأميركية والإسرائيلية الأخيرة على الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي (غرب)، إذ
يخشى أن تطاول هذه الأزمة مستشفيات صنعاء.
يخضع الهمداني للغسل الكلوي في المستشفى الجمهوري بصنعاء،
ويجري عملية الغسل ثلاث مرات أسبوعياً، وتقلقه كآلاف المرضى أزمة الوقود التي
طاولت كل المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله
"الحوثيين"، في ظل التخوف من تفاقم الأزمة مع عدم تمكن السفن من الرسو
على الأرصفة لاستئناف عمليات التفريغ.
ومركز غسل الكلى في المستشفى الجمهوري من أبرز المراكز
الصحية المهددة نتيجة أزمة الوقود، والمركز من أهم المراكز الخدمية للمرضى، إذ يضم
أجهزة ومستلزمات طبية متطورة، ويقدم خدماته لآلاف من المرضى القادمين من المحافظات
المجاورة.
وباتت مستشفيات صنعاء مهددة بكارثة حقيقية، تهدد قدرتها على
تقديم الخدمات الطبية للمرضى، بسبب نقص الوقود واعتمادها على الكميات الاحتياطية
للمخزون، حيث تعاني المستشفيات عدم قدرتها على تشغيل جميع أقسامها، خاصة أن عدداً
من الأقسام تحتاج إلى تشغيل مولدات الكهرباء على مدار الساعة، وأبرزها قسم العناية
المركزة الذي يضم أجهزة يتوجب تشغيلها بشكل دائم حفاظاً على حياة المرضى.
وتعتمد معظم مستشفيات صنعاء على المولدات الكهربائية الخاصة
في تشغيل أقسامها، في ظل نداءات استغاثة من قرب نفاد مخزونها من الوقود، بينما
المستشفيات المرتبطة بمحطات توليد الكهرباء الرئيسية باتت هي الأخرى مهددة بالتوقف
عن العمل بعد استهداف هذه المحطات من الطيران الإسرائيلي.
وتظل المستشفيات الخاصة الأكثر تضرراً من أزمة الوقود، إذ
تضطر لشرائه من السوق السوداء بأسعار تصل إلى دولارين للتر الواحد.
تعمل فاطمة في أحد مستشفيات صنعاء الخاصة، وتقول
لـ"العربي الجديد"، إن "المستشفى تضرر كثيراً نتيجة أزمة الوقود،
إذ لا يكفي المخزون سوى لأيام قليلة، لذا جرى رفع أسعار الخدمات الطبية حتى يمكن
شراء الوقود اللازم للتشغيل من السوق السوداء، حيث يباع بأسعار مضاعفة".
تضيف: "أقسام المستشفى لا تستطيع العمل من دون
الكهرباء، والمستشفى يواجه أزمة حقيقية كونه لا يحصل على وقود مجاني من الدولة،
كما لا يحصل على وقود من جمعيات أو متبرعين، وهذا ينعكس على المرضى الذين سيتحملون
تبعات أزمة الوقود من خلال زيادة كلفة الخدمات الطبية في المستشفى".
بدوره، يؤكد أخصائي الجراحة العامة، محمد الكمالي، أن
"انعدام الوقود يؤثر على عمل جميع المستشفيات، ويعني عدم قدرة المريض على
الوصول إلى المستشفى من الأساس، أو الوصول في الوقت المناسب، خصوصاً سكان المناطق
البعيدة عن المدن. هناك حوادث، وولادات متعسرة، وحالات إسعافية وغيرها، وكل هؤلاء
معرضون للخطر، كما أن انعدام الوقود يؤثر بشكل مباشر على الأقسام المرتبطة مباشرة
بحياة المرضى، كالعمليات والإنعاش".
تواصلنا مع المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين،
أنيس الأصبحي، لكنه اعتذر عن عدم التصريح، كما تواصلنا مع عدد من مسؤولي مستشفيات
حكومية وخاصة في صنعاء، لكنهم اعتذروا عن عدم الإدلاء بأي تصريح.
ويعاني القطاع الصحي في اليمن أزمات كبيرة ضمن تدهور البنية
التحتية، وهجرة الكثير من أفراد الكادر الطبي، فضلاً عن تأثير الحصار على وصول
الأدوية، والتي ارتفعت أسعارها بالتزامن مع الانهيار الاقتصادي الحاصل، وتراجع
مستوى الخدمات في المستشفيات الحكومية والخاصة مع ارتفاع معدلات انتشار الأمراض
والأوبئة، حسب تقارير المنظمات الدولية.