العدد 1662 /7-5-2025
أحمد أبو قمر
كشف
الاحتلال الإسرائيلي عن خطة جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، وسط
رفض واسع وانتقادات حادة من جهات فلسطينية ودولية، اعتبرت أن هذه الخطة لا ترقى
للاستجابة للأزمة المستمرة منذ أكثر من شهرَين مع إغلاق المعابر، بل تُكرس الجوع
والفقر والمؤشرات الاقتصادية الكارثية.
وتأتي
هذه الخطة في وقت يعاني فيه أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة من انعدام الأمن
الغذائي، ويفتقدون إلى أبسط مقوّمات الحياة، في وقت ترى جهات اقتصادية وحقوقية أن
الخطة الإسرائيلية ليست سوى محاولة لفرض تحكم كامل في مسار المساعدات، بما يخدم
أجندات سياسية وأمنية على حساب الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
ويعتمد
أكثر من 90% من الغزيين على المساعدات الغذائية، في ارتفاع للنسبة من 60% قبل
الحرب على غزة، وهو مؤشر كارثي يدلل على انكشاف الأسر اقتصادياً، وسط ارتفاع
معدلات البطالة لقرابة 83%، ومعدلات الفقر لأكثر من 90%.
ووافق
المجلس الوزاري الإسرائيلي (الكابينت) قبل يومين على خطة لتوزيع المساعدات
الإنسانية في غزة عبر شركات أميركية خاصة، بزعم منع وصولها إلى حركة حماس، وتتضمن
الخطة إقامة مناطق إنسانية في جنوب القطاع تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، إذ يجري
توزيع المساعدات على السكان.
دخول
100 شاحنة فقط يومياً
ومن
المتوقع أن تتولى شركتان أميركيتان توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، حسب ما
ذكرت صحيفة "جيروسالم بوست" الإسرائيلية، ووفق القناة 14 العبرية، سيجري
إدخال مئة شاحنة يومياً مقارنة بـ 600 شاحنة كانت تدخل خلال وقف إطلاق النار، في
وقت يحتاج قطاع غزة يومياً ما بين 800 إلى ألف شاحنة، وبالتالي ستسمح إسرائيل
بإدخال سُدس الشاحنات، في تكريس واضح للمجاعة وإدارتها دون العمل على إنهائها.
والهدف
من هذه الخطة إدخال الحد الأدنى الذي يحتاجه سكان القطاع لسدّ رمقهم دون إمكانية
تخزين الطعام، وفق القناة التي أشارت إلى أنه لن يبدأ دخول المساعدات قبل شهر
يونيو/ حزيران المقبل وربما أكثر من ذلك، في وقت تفتك المجاعة بسكان القطاع.
وأعلنت
الأمم المتحدة، أن وكالاتها كافة ومنظمات الإغاثة غير الحكومية العاملة في غزة
وافقت على عدم التعاون مع الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات الإنسانية في
القطاع، فيما قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الخطة الإسرائيلية تقوم
على ترسيخ هيمنة شاملة على الدورة الكاملة للمساعدات الإنسانية، بدءاً من تحديد
طبيعة المساعدات وكمياتها وآلية إدخالها، وصولاً إلى مواقع تخزينها وآليات توزيعها
والفئات التي يسمح لها بالوصول إليها، ما يعكس عملياً نيّةً إسرائيلية واضحة
لإدارة جريمة التجويع لا إنهائها.
رفض
الخطة
وأكدّ
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، رفض المخطط
الإسرائيلي الجديد الذي يهدف إلى فرض آلية توزيع للمساعدات الإنسانية عبر مراكز خاضعة
لسيطرة جيش الاحتلال، وبشروط أمنية تعسفية.
ووصف
الثوابتة في حديث لـ "العربي الجديد" هذه الخطة بأنها
"خطيرة"، موضحاً أنها تسعى إلى تحويل المساعدات من عمل إنساني محايد إلى
أداة للابتزاز السياسي والعقاب الجماعي، وهو ما يتنافى كلياً مع المبادئ الأساسية
للعمل الإنساني القائم على الحياد والاستقلال وعدم الانحياز.
وأشار
إلى أن المخطط الإسرائيلي يمثل انتهاكاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر
بوضوح على قوّة الاحتلال استغلال الحاجات الإنسانية لتحقيق أهداف عسكرية أو
سياسية، موضحاً أن إسرائيل تواصل فرض آلية توزيع تهدف إلى تكريس سياسة الحصار
والتجويع، واستخدام خبيث للمساعدات أداةَ ضغط عسكرية وسياسية، محذراً في ذات الوقت
من أنّ هذا النهج يهدد بزعزعة منظومة العمل الإنساني بالكامل، ويعرض حياة مئات
الآلاف من المدنيين لمزيد من الخطر.
الحصار
الاقتصادي جريمة حرب
من
جهته، قال الأكاديمي والمختصّ في الشأن الاقتصادي، سمير أبو مدللة، إنّ الحصار
الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة يندرج ضمن جرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية
المستمرة ضد المدنيين، مشيراً إلى أن الخطط التي يُروج لها الإعلام العبري منذ
شهور بشأن توزيع المساعدات تفتقر للمنطق ولا ترتكز على حلول حقيقية.
وأدى
إغلاق المعابر ووقف المساعدات ودخول السلع منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي إلى
ندرة وارتفاع أسعار السلع إلى مستويات قياسية، وكان رئيس غرفة تجارة وصناعة مدينة
غزة، عائد أبو رمضان، قال في وقت سابق إن الحصار وإغلاق المعابر منذ نحو شهرين من
الاحتلال الإسرائيلي تسببا في ارتفاع جنوني لأسعار السلع الغذائية والأساسية لأكثر
من 500%.
وأضاف
أبو رمضان أنّ إغلاق المعابر دفع إلى نفاد مختلف السلع الأساسية والغذائية وخلو
الأسواق تماماً منها، فيما ارتفعت أسعار السلع المتبقية، التي أوشكت على النفاد هي
الأخرى، إلى نحو 527%، وأشار إلى أن إغلاق المعابر خلّف تداعيات كارثية وغير
مسبوقة على جميع مناحي الحياة في القطاع، مشيراً إلى أن سكان القطاع لجأوا إلى
مياه غير صالحة للشرب بسبب عدم توفر مياه نقية بسبب إغلاق المعابر.