العدد 1680 /10-9-2025
وسام حجار

لم تكن العملية الإسرائيلية الفاشلة في الدوحة مجرّد إخفاق عابر، بل محطة تكشف الكثير عن طبيعة الصراع المفتوح بين المقاومة والاحتلال. لقد أرادت إسرائيل توجيه ضربة نوعية عبر استهداف قيادات حركة حماس خارج حدود فلسطين، لكن النتيجة جاءت معاكسة تمامًا، وبحسب المعطيات، يمكن تفسير هذا الفشل عبر ثلاثة احتمالات رئيسية، يكمّل بعضها بعضًا:

الاحتمال الأول: فشل استخباراتي إسرائيلي

من المرجّح أن تكون إسرائيل قد بَنت خطتها على معلومات غير دقيقة، نتيجة عملية تضليل متقنة. هذا الاحتمال يعكس تراجعًا في فعالية جهاز "الموساد"، الذي طالما اعتمدت عليه تل أبيب في تنفيذ عمليات الاغتيال خارج فلسطين. التضليل، سواء عبر تغيير أماكن تواجد القيادات أو عبر تسريب معلومات موجهة، قد يكون ساهم في إدخال المنفذين في مسار خاطئ، ما أدى إلى انهيار الخطة منذ بدايتها.

الاحتمال الثاني: إنذار مبكر أجهض العملية

ثمة رواية تفيد بأن بعض الدول الصديقة قيل أنها تركيا رصدت تحركات جوية مريبة، تمثلت في إقلاع سرب من الطائرات من تل أبيب باتجاه الخليج العربي. وبعد المراقبة والتحليل، اتضح أنّ الوجهة المحتملة هي قطر، فجرى إرسال إنذار عاجل إلى الدوحة. هذا التحذير المبكر منح السلطات القطرية وقتًا كافيًا للتعامل مع الموقف وإحباط أي عدوان محتمل. إن صحّ هذا السيناريو، فهو يفتح الباب أمام تساؤلات حول حجم التعاون الأمني الإقليمي لإحباط التمدد الإسرائيلي في المنطقة.

الاحتمال الثالث: يقظة أمنية متقدمة للمقاومة (الترجيح الأكبر)

منذ اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، رفعت المقاومة مستوى الإجراءات الأمنية إلى أقصى حد. لم يعد الأمر مقتصرًا على حماية تقليدية، بل تحوّل إلى استراتيجية تضليل متكاملة: تنقلات وهمية، قنوات اتصال بديلة، وتشديد غير مسبوق في تأمين القيادات. هذا الوعي الأمني المتجدد هو الاحتمال الأقوى لتفسير فشل العملية في الدوحة، إذ باتت المقاومة قادرة على استباق خطط الاحتلال وتعطيلها قبل أن تدخل حيز التنفيذ.

خلاصة

بين الفشل الاستخباراتي، والإنذار المبكر، والوعي الأمني المتجدد، تبقى الصورة واضحة: إسرائيل فقدت زمام المبادرة في معركة الاغتيالات الخارجية. والأرجح أن المقاومة، بخبرتها الأمنية وتكتيكاتها المتقدمة، هي من رسمت المشهد الأخير في الدوحة، لتؤكد أن زمن الاستهداف السهل قد انتهى.

وسام الحجار