العدد 1657 /26-3-2025
عبد الله البشير
تقع بلدة كويا في أقصى جنوب غرب محافظة درعا، ضمن
منطقة حوض اليرموك جنوبي سورية، وهي من البلدات الحدودية مع الجولان المحتل، وتشهد
توترات متكررة بسبب موقعها الاستراتيجي عند المثلث الحدودي بين سورية والأردن
والجولان المحتل. جعلها هذا الموقع، إلى جانب بلدات أخرى في المنطقة، محط اهتمام
جيش الاحتلال الإسرائيلي، تحت ذريعة إخلاء المنطقة من السلاح.
وشهدت البلدة، يوم الثلاثاء، تصعيدًا عسكريًّا
خطيرًا، أسفر عن استشهاد خمسة مدنيين وإصابة آخرين، إضافة إلى حركة نزوح واسعة
للسكان إلى مناطق آمنة، خوفًا من تكرار القصف الإسرائيلي، خاصة مع تصاعد التوتر
الأمني جنوبي سورية، نتيجة التوغلات الإسرائيلية المتكررة بذريعة "التهديدات
الأمنية".
وتتميّز بلدة كويا بموقعها الاستراتيجي، كونها من
القرى المطلة على وادي اليرموك، كما أنها قريبة من سرية الجزيرة التي تسيطر عليها
قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة معرية، وفق ما أوضح الحقوقي وعضو "تجمع
أحرار حوران"، عاصم الزعبي، لـ"العربي الجديد". وأضاف:
"القوات الإسرائيلية تسعى إلى جعل المنطقة خالية تمامًا من السلاح، إذ إن
كويا، إلى جانب صيصون وجملة، تطل على وادي اليرموك وجزء من الجولان المحتل. وقد
حاولت دورية إسرائيلية اقتحام البلدة، لكن الأهالي تصدّوا لها ومنعوها من الدخول،
ما دفع جنود الاحتلال إلى إطلاق النار، فردّ شبّان من القرية بالمثل".
وأشار الزعبي إلى أنه لا يوجد أي عناصر غريبة في
البلدة، ولم يدخلها تنظيم "داعش" سابقًا، ولا أفراد من تنظيمات فلسطينية
أو مجموعات مرتبطة بحزب الله أو المليشيات الإيرانية أو الحكومة الحالية. وأضاف أن
الاشتباكات وقعت بين الدورية الإسرائيلية وأهالي القرية، ما دفع القوات
الإسرائيلية إلى قصف البلدة، الأمر الذي أسفر حتى الآن عن استشهاد خمسة أشخاص وإصابة
عدد من السكان.
كما لفت الزعبي إلى أن محافظ درعا أدان القصف
الإسرائيلي على البلدة، وكذلك فعلت وزارة الخارجية السورية، مؤكدًا: "من واجب
محافظة درعا تأمين إيواء مؤقت لسكان البلدة نتيجة القصف". وأضاف:
"إسرائيل لا تريد أي سلاح، حتى لو كان فرديًّا، في هذه المناطق".
وختم الزعبي بالقول: "نتمنى أن يكون هناك دور
للمجتمع الدولي لكبح جماح إسرائيل ومنع هذه التوغلات، لأنها قد تؤدي، في مرحلة
معينة، إلى انفجار شعبي جديد في المنطقة، يختلف تمامًا عن الثورة ضد نظام الأسد،
حيث ستكون المنطقة حينها معرضة لحرب شاملة مع إسرائيل".
وتضم البلدة سكانًا من العشائر والعائلات المحلية
التي تعتمد في معيشتها على الزراعة وتربية الماشية، نظرًا لخصوبة أراضيها القريبة
من وادي اليرموك. وكما هو الحال في البلدات السورية الأخرى، تأثرت كويا بالأحداث
خلال سنوات الثورة ضد نظام بشار الأسد، وشهدت تحولات عسكرية وأمنية حتى سقوط
المعارضة في المنطقة. وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أوضح محمد أبو نقطة،
عضو تجمع أحرار حوران، أن البلدة حدودية مع الأردن، وتحيط بها أراضٍ زراعية شاسعة.
وشهدت البلدة اليوم تصعيدًا عسكريًّا جديدًا، حيث
قصفت القوات الإسرائيلية المتمركزة في سرية الجزيرة، البلدة بقذائف الدبابات، ما
أدى إلى سقوط شهداء وجرحى من المدنيين، وذلك عقب رفض الأهالي دخول القوات
الإسرائيلية إلى البلدة.
وتظل بلدة كويا واحدة من المناطق الحدودية المهمة
في الجنوب السوري، نظرًا لموقعها الاستراتيجي المحاذي للجولان المحتل والأردن، كما
أنها جزء من معادلة التوازنات الأمنية في محافظة درعا، التي تشهد تطورات متلاحقة
تؤثر بسكانها ومحيطها الجغرافي.
وتتبع كويا إداريًّا لناحية الشجرة في منطقة درعا
بمحافظة درعا. ووفقًا لإحصاء المكتب المركزي للإحصاء لعام 2004، بلغ عدد سكانها
2.025 نسمة. وعلى عكس العديد من البلدات الأخرى في حوض اليرموك، لم يدخل تنظيم
داعش إلى البلدة، رغم سيطرته على عدد من القرى المجاورة، مثل الشجرة وجملة
وعابدين، تحت اسم "جيش خالد بن الوليد". ويُرجَّح أن موقع البلدة
الاستراتيجي، إضافة إلى الطبيعة العشائرية الرافضة للتنظيم، كانا من الأسباب
الرئيسية التي حالت دون دخول داعش إليها.