العدد 1678 /27-8-2025
جهاد بركات
وجد،
يوم الثلاثاء، ذوو شهداء محتجزة جثامينهم أنفسهم محاصرين في المركز الثقافي لمدينة
البيرة الملاصقة لرام الله وسط الضفة الغربية بفلسطين، بعدما اجتمعوا لإحياء اليوم
الوطني لاسترداد جثامين الشهداء وكشف مصير المفقودين الذي يصادف في 27 من أغسطس/
آب من كل عام. وارتدت بعض أمهات الشهداء أكفاناً بيضاء قبل اقتحام المركز وحصاره،
وطالبنَ باسترداد جثامين أبنائهنّ التي تحتجزها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وباغت
جيش الاحتلال المشاركين في الفعاليات في الدقائق الأولى لتنظيمها، ومنعهم من
التحرك إذ ظلوا محاصرين ساعات. وأخلت سيارات الإسعاف إثنين منهم، وتعرض من بقي،
ومن بينهم كبار في السن، لاختناقات بسبب إلقاء قنابل الغاز السام المسيل للدموع،
خصوصاً لحظة انسحاب جنود الاحتلال الذين أطلقوا وابلاً كبيراً من القنابل، ما اضطر
الجميع إلى دخول مبنى مركز البيرة وسط الاختناقات.
وكان
المشهد حول المركز مليئاً بجنود الاحتلال والآليات العسكرية، واعتلى جنود بينهم
قناصة سطح أحد المباني. وفي الشارع الملاصق لساحة المركز انتشرت 4 آليات على الأقل
وعشرات الجنود الذين أطلقوا بين حين وآخر الرصاص الحي والقنابل الغازية والصوتية
والرصاص المطاطي. وفي مواقع أخرى حاصر جيش الاحتلال منطقة الحسبة (سوق الخضار
المركزي) في البيرة من كل الجهات، وانتشر جنوده عند مخارج السوق، وسط مواجهات
واعتداءات متواصلة ومنع الناس من الحركة.
وفيما
لم يوصل الأهالي كل الرسائل من الاعتصام، أرتدت أمهات وصلن إلى المركز أكفاناً
بيضاء، كتب عليها وسم "#بدنا-ولادنا"، بأمل أن يتحرك من لديه ضمير
لاستعادة الجثامين، وأحدهن والدة الشهيد بلال رواجبة التي قالت لـ"العربي
الجديد": "أنتظر ابني منذ إبريل/ نيسان 2020، ولم أتأكد إذا كان استشهد
أو أسر أو جرح. قال الاحتلال إنه اغتال ابني عند حاجز حوارة جنوبي نابلس، وذلك
بعدما أبلغنا سابقاً أنه جريح في مستشفى لم يحددها. ومرة أخرى قال إنه أسير".
ورغم
أن استشهاد بلال رواجبة هو الاحتمال الأكبر، تريد والدته استعادته مهما كان وضعه،
وإذا كان شهيداً أن يكون له قبر تزوره. ووصفت حالتها بأنها مشتتة لأنها لا تعرف
مصيره، وقالت: "توجهت إلى كل الجهات، داخل فلسطين وخارجها والصليب الأحمر
والمؤسسات الدولية والمحلية، ولم يستطع أحد أن يقدم معلومة مؤكدة لي، وآمل في أن
تثمر الوقفات والمطالبات باستعادته، فلا شيء يمكن أن يُخفف وجع قلبي النازف إلّا
رؤيته، ولن أهنأ في حياتي ومعيشتي إلّا باسترداده".
وينطبق
حال والدة بلال على 726 عائلة وثقت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف
عن مصير المفقودين احتجاز جثامينهم، لكن الأعداد أكبر في ظل وجود شهداء من قطاع
غزة لم يكشف الاحتلال مصيرهم. وأكد منسق الحملة حسين شجاعية، في حديثه
لـ"العربي الجديد"، أن العامين الماضيين كانا صعبين في ظل استمرار حرب
الإبادة، وما أسماها "الحرب الكبيرة" على عائلات الشهداء، من خلال زيادة
أعداد الجثامين المحتجزة التي وصلت إلى 726، من بينهم 85 أسيراً، و10 شهيدات من
النساء، و67 طفلاً، من دون أن تشمل هذه الأرقام الجثامين المحتجزة من قطاع غزة
بسبب عدم توفر معلومات رسمية سواء من الجهات الفلسطينية أو الإسرائيلية عنهم. كما
شهد العام الماضي بحسب شجاعية زيادة في وتيرة التنكيل بجثامين الشهداء في الضفة
الغربية وقطاع غزة، واعتداءات على أهالي الشهداء، واعتقال عدد من آبائهم وأمهاتهم
وأخوتهم.
وأغلق
على نحوٍ شبه كامل المسار القانوني أمام المؤسسات العاملة في مجال المطالبة
باسترداد جثامين الشهداء؛ بسبب القرارات الإسرائيلية التي تمنع إعادة جثامين
الشهداء، وآخرها قرارات خاصة بالشهداء من حملة الجنسية الإسرائيلية من سكان
الأراضي الفلسطينية الذين لم تصدر في السابق قرارات تسمح باحتجاز جثامينهم، لكن
الاحتلال يحتجز 12 شهيداً منهم حالياً، أحدهم جثمان الأسير وليد دقة.