العدد 1374 / 21-8-2019
في
ظل تضارب المعلومات حول حقيقة الموقف العسكري في ريفي حماة وإدلب، فإنه من المؤكد
عدم وجود سيطرة مطلقة لقوات النظام على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، بعد
قصف ليلي وصفته مصادر بـ"الهستيري" من قبل الطيران الروسي الذي
"حرق المنطقة". ودارت معارك غير مسبوقة، مساء الاثنين الماضي حول وفي
مدينة خان شيخون، طابعها الكر والفر، لكن شدة القصف الجوي، كما يبدو، رجحت كفة
قوات النظام ومليشيات محلية وإيرانية تساندها، إذ اضطر مقاتلو الفصائل للانسحاب من
القسم الأكبر من المدينة، بعد تنفيذ كمائن قتل فيها عدد كبير من القوات المهاجمة.
وأكدت مصادر في الفصائل أنها انسحبت تحت وطأة قصف لم يسبق له مثيل، بالأسلحة
المختلفة، وأبرزها الفوسفور الأبيض المحرم دولياً.
وكانت
تواردت أنباء عن انسحاب الفصائل من ريف حماة الشمالي تفادياً للحصار، لكن المتحدث
العسكري لغرفة عمليات "الفتح المبين" أبو خالد الشامي، نفى سيطرة قوات
النظام، والمليشيات الروسية والإيرانية، على كامل مدينة خان شيخون في ريف إدلب
ومدن كفرزيتا واللطامنة ومورك في ريف حماة،. وأكد الشامي أن مقاتلي غرفة عمليات
"الفتح المبين"، والتي تضم الفصائل في ريفي إدلب وحماة، "أعادوا
ليلة الاثنين التمركز في جنوب مدينة خان شيخون، مع بقاء الجيب الجنوبي (مورك
واللطامنة وكفرزيتا) تحت سيطرة الفتح المبين". وقال الشامي "إننا في
غرفة عمليات الفتح المبين، نؤكد خيارنا في مواجهة هذا العدوان الآثم، الذي قتل
الأطفال والنساء ودمّر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، ويشهد كل العالم إجرامه بصمت.
سنقاتل عن أرضنا ونذود عنها بكل ما نستطيع، ولن نسلم أرضاً حررناها بدماء من
سبقونا من الشهداء، وليعلم المحتل أن ثمن عدوانه سيكون باهظاً جداً".
لكن
موقع "بلدي نيوز" الإخباري أكد أن الفصائل المقاتلة في ريف حماة اتخذت
ليل الاثنين - الثلاثاء قراراً بالإخلاء الجماعي لريف حماة، بعد انقطاع معظم طرق
الإمداد إلى ريف حماة، عقب سيطرة قوات النظام وروسيا على نقاط حاكمة في مدينة خان
شيخون، واقتصار طريق الإمداد والإخلاء والإسعاف على الطرق الترابية الواقعة بين
مورك والتمانعة. وأشار إلى أن قرار الإخلاء "اتخذ من قبل غرفة العمليات لمنع
حصار مئات المقاتلين، وتجنباً لوقوعهم في الحصار، والتعرض للأسر أو القتل الجماعي،
في ظل استخدام جنوني للأسلحة شاملة التدمير من قبل روسيا ونظام الأسد"،
موضحاً أن عملية الانسحاب كانت على عدة دفعات خلال الليل. ولفت إلى تعرض "عدة
فرق منسحبة إلى غارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي مباشر، ما تسبب بإصابة عدد من
المقاتلين وفقدان الاتصال مع آخرين". وأكدت مصادر محلية أن قوات النظام باتت
تحاصر ريف حماة الشمالي بشكل شبه كامل، إذ لم يبق لقوات المعارضة سوى منفذ ترابي
قد تتمكن قوات النظام من رصده في أي وقت.
وقال
قيادي في الجيش السوري الحر، إن طول عمر المعركة أدى إلى استنزاف الفصائل التي
خاضت على مدى نحو أربعة أشهر معارك متواصلة على عدة جبهات. وأوضح "أن القصف
الجوي، إضافة إلى أن قوات النظام تملك المناظير الليلية التي تساعدها على الاقتحام
الليلي، كما أن فارق القوة ضمن الموازين العسكرية، كانت لصالح النظام وداعميه
الروس والإيرانيين، وهو ما أدى إلى التراجع وخسارة مناطق استراتيجية"، وفق
القيادي.
وبعد
حملة عسكرية بدأت أواخر نيسان الماضي، حقق النظام والروس جانباً مهماً من أهدافهم
المعلنة، وهي انتزاع السيطرة على ريف حماة الشمالي، وقسم مهم من ريف إدلب الجنوبي
في خطوة واسعة للسيطرة على الطرق البرية الهامة. كما دفعت قوات النظام فصائل
المعارضة بعيداً عن مدينة حماة، رابع أهم المدن السورية، والتي كانت مهددة بشكل
دائم من قبل هذه الفصائل التي خسرت مناطق كانت تسيطر عليها منذ عام 2014 في ريفي
حماة وإدلب.
وأكدت
مصادر أن طريق النقطة التركية في منطقة مورك لا يزال مفتوحاً باتجاه ريف إدلب
الجنوبي عبر منطقة التمانعة، مرجحة انسحاب الجنود الأتراك منها بالتنسيق مع الجانب
الروسي. لكن وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو نفى نية أنقرة سحب قواتها من نقطة
المراقبة. وقال جاووش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة يوم الثلاثاء، "على
النظام (السوري) ألا يلعب بالنار". وأضاف "سنفعل كل ما يلزم لضمان أمن
عسكريينا ونقاط المراقبة الخاصة بنا، لكننا نأمل ألا تصل الأمور لذلك". وأكد
أن تركيا "لا تنوي نقل نقطة المراقبة التاسعة في إدلب السورية إلى مكان
آخر"، مضيفاً "نجري اتصالات على المستويات كافة" مع روسيا على
خلفية الهجوم على الرتل العسكري التركي الاثنين الماضي. ودانت واشنطن الهجوم على
القوة التركية والمدنيين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان
أورتاغوس، في تغريدة، "على نظام بشار الأسد، وحلفائه العودة فوراً إلى اتفاق
وقف إطلاق النار المبرم في إدلب، فالاثنين تم استهداف رتل تركي، فضلاً عن مدنيين،
وفرق إغاثية، ومبانٍ بشكل وحشي، ونحن ندين هذا العنف الذي يجب وقفه". ولم
تلعب النقاط التركية المنتشرة في محيط محافظة إدلب أي دور لإيقاف تقدم قوات النظام
في المنطقة المشمولة باتفاق سوتشي وتفاهمات أستانة، وهو ما يؤكد عدم أهميتها
العسكرية في الصراع، خصوصاً أن النظام، وبضوء أخضر روسي، استهدفها عدة مرات خلال
الحملة الراهنة.
في
المقابل، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء، عن وجود عناصر من
القوات الروسية على الأرض في منطقة خفض التصعيد في إدلب. وقال، خلال مؤتمر صحافي
مع نظيره الغاني شيرلي أيروكور بوتشويه في موسكو، "لقد أكدت بشكل واضح أنه
إذا واصل (الإرهابيون) هجماتهم انطلاقاً من تلك المنطقة على الجيش السوري
والمدنيين وقاعدة حميميم الجوية الروسية، فإنها ستواجه رداً حازماً وقاسياً".
وأضاف أن "الجيش التركي أنشأ عدداً من نقاط المراقبة في إدلب، وكانت هناك
آمال معقودة على أن وجود العسكريين الأتراك هناك سيحول دون شن الإرهابيين هجمات،
لكن ذلك لم يحدث".