العدد 1695 /24-12-2025

في خطوة تكشف عمق الارتباك الأمني والعسكري الذي تعيشه إسرائيل منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قرر تسليح نحو 10 آلاف مدني ممن يخدمون كجنود احتياط، بأسلحة طويلة تُحفظ داخل منازلهم، في تغيير غير مسبوق في سياسة التعامل مع الأسلحة خارج الخدمة الفعلية.

وبحسب الصحيفة، فإن القرار يأتي كجزء من "استخلاص الدروس" من هجوم "حماس" المفاجئ على القواعد العسكرية والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة، والذي اعتبره مسؤولون إسرائيليون أكبر فشل استخباراتي وعسكري في تاريخ دولة الاحتلال، وأدى إلى اهتزاز صورة الجيش الإسرائيلي على المستوى الدولي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحديث يدور عن فرقة "ديفيد (96)"، التي أنشأها الجيش الإسرائيلي قبل نحو عام، وتعتمد على جنود احتياط أكبر سنًا (بين 40 و60 عامًا) ممن تطوعوا مجددًا بعد انتهاء خدمتهم العسكرية الرسمية. وسيحصل كل عنصر من هذه الفرقة على بندقية قتالية من طراز M4، إلى جانب مخازن ذخيرة ممتلئة، وخوذة، وسترة عسكرية، تُسلَّم جميعها إلى منزله وتُحفظ في خزنة خاصة يزوّد بها الجيش كل جندي معتمد في هذه الوحدة.

وتهدف الخطة، بحسب الجيش الإسرائيلي، إلى تمكين هؤلاء من الاستدعاء الفوري عند وقوع أي طارئ أمني، أو تكرار سيناريو مفاجئ شبيه بما جرى في 7 أكتوبر، حيث سيكون بإمكان كل فرد التوجه إلى منطقة كتيبته خلال دقائق، من منزله مباشرة. ووفق الصحيفة، فإن هؤلاء الجنود سيرتدون الزي العسكري لأسابيع معدودة فقط كل عام، ما يعني أن أسلحتهم ستكون بأيديهم معظم الوقت بينما يعيشون حياتهم كمدنيين، وهو ما يشكّل سابقة في السياسة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تمنع سابقًا خروج الجنود من القواعد بأسلحتهم خشية السرقة أو الحوادث.

ويبلغ عدد جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي نحو 400 ألف، فيما تشير بيانات الجيش إلى مقتل 923 ضابطًا وجنديًا منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم مباشر من الولايات المتحدة. وشنت إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة خلال عامين، أسفرت عن استشهاد أكثر من 71 ألف فلسطيني، وجرح نحو 171 ألفاً آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو الاتفاق الذي يواصل فيه الاحتلال خرقه والتنصل من التزاماتها تجاهه.

 

وتتعرض إسرائيل لخسارة ما يقارب مليار دولار من العقود العسكرية الملغاة مع تصاعد الغضب العالمي من حرب غزة، ويخشى المسؤولون في الصناعة أن تمتد الإلغاءات إلى دول أخرى تسعى للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة، في حين يهدد التجميد الطويل الأمد لصفقات جديدة بمليارات الدولارات الصادرات على المدى البعيد. وتحذّر الصناعات العسكرية الإسرائيلية من أزمة متفاقمة بعدما ألغت إسبانيا صفقة تسليح أخرى مع شركة رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة، لترتفع القيمة الإجمالية للعقود المجمّدة مع الشركات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة إلى نحو 654 مليون دولار.

وأعلنت وزارة الدفاع الإسبانية في وقت سابق أنها ألغت شراءً مخططًا له من رافائيل لعشرات من أنظمة التهديف "لايتينغ 5"، التي توجه القنابل الجوية من مسافة تصل إلى 100 كيلومتر. وبلغت قيمة الصفقة أكثر من 218 مليون دولار. وفي وقت سابق، ألغت إسبانيا طلبًا لصواريخ مضادة للدبابات من طراز Spike تصنعها رافائيل بقيمة نحو 272 مليون دولار. ولم يقف الأمر هنا، بل تم إلغاء صفقة أخرى بقيمة 763 مليون دولار مع شركة "إلبيت سيستمز" وشركتين إسبانيتين لتزويدها بأنظمة صواريخ Puls، حيث بلغت حصة "إلبيت" من الصفقة حوالي 152 مليون دولار. وفي وقت سابق من هذا العام، ألغت إسبانيا طلب ذخائر أصغر بقيمة عدة ملايين من الدولارات مع شركة فرعية لشركة إلبيت.

وبلغت صادرات إسرائيل العسكرية رقمًا قياسيًا بلغ 14.8 مليار دولار في عام 2024، نصفها إلى أوروبا. وحذرت وزارة الدفاع منذ شهور من أن العزلة الدولية المتزايدة يمكن أن تضر بالمبيعات المستقبلية، كما سعت إلى توسيع الصادرات باعتبارها وسيلة لتمويل بنية تحتية إنتاجية جديدة وأنظمة متقدمة للحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي. وبحسب مسؤول كبير في الصناعة، فإن أي شخص يعتقد أن الشركات الدفاعية الإسرائيلية يمكنها الاعتماد فقط على طلبيات وزارة الدفاع المحلية "لا يفهم الواقع".