العدد 1684 /8-10-2025
خليل جاد الله
أحصى الفلسطينيون رحيل 500 من الشهداء الرياضيين
على يد الاحتلال الإسرائيلي، منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة
الأقصى) نهاية أيلول/ سبتمبر 2000، وحتى الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2023،
واضطروا لدفن أحلام ضعف هذه الحصيلة، خلال العامين الماضيين فقط.
واعتاد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، خلال فترة
حرب الإبادة، نشر حصيلة مفصلة بأعداد الشهداء الرياضيين، أو شهداء الحركة الكشفية
الفلسطينية، الذين ارتقوا منذ السابع من أكتوبر 2023، كان آخرها في السابع من
الشهر الجاري، أكد فيها: "استشهاد نحو 467 لاعباً من لاعبي كرة القدم، وتدمير
أكثر من 289 منشأة رياضية، واختفاء آثار أكثر من 119 رياضياً، بالإضافة إلى اعتقال
29 رياضياً، وإصابة 43 آخرين، إلى جانب استشهاد 15 من الإعلاميين الرياضيين، وكله
بفعل الاستهداف الممنهج للحركة الرياضية في فلسطين".
وبلغ العدد الإجمالي للشهداء الرياضيين
الفلسطينيين 949 شهيداً، ومن المتوقع أن يصل إلى ألف شهيد، حال تمكن الفلسطينيون
من انتشال جثامين عددٍ كبير من اللاعبين، الذين فُقدت آثارهم منذ مدة طويلة.
تعدد الأسباب
في الوقت الذي استشهد فيه نجم كرة القدم
الفلسطينية، محمد بركات (39 عاماً)، إثر قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي شقة سكنية
في مدينة حمد بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، في الحادي عشر من مارس/ آذار 2024،
رحل صانع ألعاب خدمات النصيرات، طارق الهور (28 عاماً)، في الأيام الأولى لحرب
الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين. كان ضحية من الضحايا الـ 18، في مجزرة
استهدفت منزل عائلته داخل مخيّم النصيرات، في السادس والعشرين من أكتوبر 2023.
ودخلت بطلة فلسطين في لعبة الكاراتيه، نغم أبو
سمرة (26 عاماً)، غيبوبة لمدة شهرين نتيجة بتر ساقها، وتعرضها لإصابات مختلفة في
الجسد جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلها بمخيّم النصيرات وسط قطاع غزة، قبل
الإعلان عن استشهادها في الحادي عشر من يناير/ كانون الثاني 2024 في مشفى بمصر.
وتعددت أسباب استشهاد الرياضيين في فلسطين، وكان
آخرها رحيلهم بحثاً عن "كيس الطحين"، أو "رغيف الخبز"، فيما
اصطلح الفلسطينيون على تسميته بمناطق "مصائد الموت" قرب مراكز المساعدات
الإنسانية، وكان أشهرها حادثة استشهاد قائد منتخب فلسطين سابقاً، والهداف التاريخي
لنادي خدمات الشاطئ سليمان العبيد (41 عاماً) الملقب بـ "بيليه فلسطين"
إثر إصابته برصاص قناص إسرائيلي قرب مركز للمساعدات الإنسانية في منطقة الطنية
بمواصي مدينة خانيونس، في السادس من أغسطس/ آب 2025.
وبالطريقة نفسها استشهد "ميسي فلسطين"،
المهاجم محمد السطري (36 عاماً)، إثر إصابته برصاص الاحتلال، أثناء انتظار
المساعدات الإنسانية في منطقة الشاكوش، شمالي غرب مدينة رفح، وذلك بعد مسيرة حافلة
ارتدى فيها السطري قميص عشرة أندية، وبعد محاولات عدة من أجل التكيف مع ظروف
النزوح والجوع، حاول من خلالها توفير لقمة عيش كريمة لعائلته، قبل الإعلان عن
استشهاده في الرابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقبل ذلك، استُشهد العداء الأولمبي الفلسطيني،
ماجد أبو مراحيل (61 عاماً) في الحادي عشر من يونيو/ حزيران 2024، بسبب سياسة منع
الدواء والعلاج، واستهداف الأطقم الطبية، إذ كان يعاني من الفشل الكلوي، وفشل في
السفر للعلاج خارج قطاع غزة، وكان أول رياضي فلسطيني يرفع علم فلسطين في دورة
الألعاب الأولمبية عام 1996 في أتلانتا، ودون سابق إنذار، استشهد المدرب العام
لمنتخب فلسطين الأولمبي، هاني المصدر (42 عاماً)، في غارة جوية شنّها الاحتلال
الإسرائيلي على مدينة غزة، أثناء تقديمه المساعدات للنازحين، في السادس من يناير
2024.
الكثير من الشهداء الأطفال
كان "العربي الجديد" قد أجرى حواراً مع
مدير أكاديمية المحترفين في قطاع غزة، إياد سيسالم، بعد عامٍ على حرب الإبادة
الإسرائيلية، وأكد فيه "استشهاد ثمانية أطفال من الأكاديمية التي تأسست عام 2019"،
وارتفع عدد شهداء المحترفين لاحقاً إلى عشرة لاعبين، تتراوح أعمارهم بين 6 و16
عاماً، كان آخرهم الطفل محمد الثلاثيني (15 عاماً)، الذي رحل في الثاني عشر من
سبتمبر الماضي في قصف إسرائيلي طال مدينة غزة.
وأعلنت أكاديمية نادي هلال غزة استشهاد ستة من
أبنائها، خلال حرب الإبادة، التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني،
وهم: الطفل عاطف محمد دبور، الذي استُشهد إلى جانب معظم أفراد عائلته في الثامن
عشر من أكتوبر 2023، فيما استُشهد الشقيقان محمد ومحمود أبو دان، في الثالث
والعشرين من الشهر نفسه، قبل أن ينضم إليهم الطفل عمر الجماصي، الذي استشهد في
الثامن عشر من مارس 2024، فيما شهد الخامس والعشرون من أغسطس الماضي رحيل الطفل
فادي العريان، بحثاً عن المساعدات في منطقة وادي غزة، أما الطفل مالك أبو العمرين
فقد استشهد في التاسع من سبتمبر الماضي، شمال مدينة غزة، بحثاً عن الطعام، ولحق
بهم الشهيد محمد رامز السلطان، الذي استشهد إلى جانب 14 من أفراد عائلته في مجزرة
احتلالية استهدفت منزله في حي التوام، شمال مدينة غزة، في الثالث عشر من الشهر
نفسه.
وأكد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم استشهاد أكثر
من 110 من لاعبي كرة القدم الأطفال، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع
غزة. وأُصيب الطفل عاصف أبو مالك بشظايا صاروخ إسرائيلي، تسبب ببتر قدمه، إذ
أُجريت له عملية جراحية دون تخدير. وكان يلعب حارس مرمى في أكاديمية الوحدة،
وانتشر له مقطع فيديو بعد إصابته يعبر فيه عن حلمه بـ "لقاء النجم ياسين
بونو"، الأمر الذي دفع الحارس الدولي المغربي إلى مبادلته مقطع الفيديو،
مؤكداً سعيه إلى لقاء قريب يجمعهما.
إصابات لا ترحم
ودّع عدد من الرياضيين الفلسطينيين أحلامهم دون
رجعة، إثر تعرضهم لأنواع مختلفة من الاستهداف أثناء الحرب "الإسرائيلية"
على قطاع غزة، ولا سيّما أولئك الذين فقدوا جزءاً أو أكثر من أطرافهم.
"العربي الجديد" التقى عدداً كبيراً من الرياضيين الفلسطينيين المصابين،
وكان منهم مدافع نادي خدمات رفح، إبراهيم العرجات (26 عاماً)، الذي أُصيب أمام
مركز للمساعدات الإنسانية في خانيونس، إذ روى حكايته "المثيرة" مع مراحل
النزوح، ومخاطر العيش في قطاع غزة، في ظل القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف، مؤكداً
حلمه بـ "العودة إلى ملاعب كرة القدم، في حال تلقي العلاج الملائم، إذا توقفت
الحرب".
ولم تسلم أسرة "التحكيم الفلسطينية" من
الاستهداف، فقد أًصيب الحكم محمد النجار (39 عاماً) بشظية استقرت أسفل رقبته، ما
تسبب بعدم قدرته على الحركة، فيما نجا زميله محمود أبو مصطفى (42 عاماً) من الموت،
في أكثر من مناسبة، أثناء محاولته العودة إلى منزله في مخيّم خانيونس، أثناء وجود
قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما يسكن حالياً في خيمة للنزوح، قرب منزله المدمر.
الاحتلال ورحيل الشهيدات
وسجلت حرب الإبادة المستمرة رحيل عدد كبير من
الشهيدات الرياضيات، أبرزهن البطلة نغم أبو سمرة (26 عاماً)، التي ودعت والدتها
وشقيقتها، قبل رحيلها شهيدة، متأثرة بإصابتها القاتلة، ولحقت بها لاعبة كرة السلة
للكراسي المتحركة لذوات الإعاقة، الطفلة ياسمين دغمش (9 أعوام)، التي استُشهدت
رفقة والدها وشقيقها، بعد تعرض منزل العائلة للقصف المباشر في مدينة غزة، بينما
ودعت سيدات فلسطين حلم ابنتهنّ الطفلة سوار المدهون (14 عاماً)، لاعبة أكاديمية
سبورتنغ غزة، إلى الأبد بعد رحيلها شهيدة، إلى جانب الطفلة بسنت زهدي جودة (13
عاماً)، التي تميّزت في لعبتي البيسبول والسوفت بول، قبل أن تضع غارة إسرائيلية
حداً لمسيرتها الرياضية، نازحة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
وبلغ عدد شهيدات الحركة الرياضية الفلسطينية من
السيدات 11 شهيدة، في ألعاب رياضية مختلفة، حسب عدد من المصادر المحلية المختصّة
في فلسطين.