العدد 1681 /17-9-2025
انطلق
"أسطول الصمود العالمي" من عدة موانئ أوروبية وعربية في رحلة بحرية
استثنائية نحو قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى كسر الحصار المفروض عليه منذ ما يقارب
18 عامًا. يضم الأسطول أكثر من 50 سفينة، انطلقت من تونس وإيطاليا واليونان وليبيا
وإسبانيا، ومن المقرر أن تلتقي قرب مالطا قبل التوجه معًا نحو السواحل الغزّية.
لا
تمثل هذه المبادرة مجرد قافلة إغاثية بحتة، بل تحمل بُعدًا رمزيًا وإنسانيًا
كبيرًا، كونها تجمع نشطاء ومتضامنين من أكثر من 40 دولة، بينهم برلمانيون،
وفنانون، وأكاديميون، ونشطاء حقوقيون، في رسالة احتجاجية على الحصار والمعاناة
الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
تحديات
لوجستية وسياسية
واجهت
بعض سفن الأسطول عقبات لوجستية وتأخيرات تقنية خلال انطلاقها من الموانئ، كما
تعرضت لضغوط سياسية وأمنية في بعض الدول، إلا أن المشاركين أكدوا عزمهم على المضي
قدمًا في رحلتهم، معبرين عن تصميمهم على إيصال رسالتهم إلى الرأي العام العالمي.
مشاركة
شخصيات دولية بارزة
من
أبرز ما ميّز هذه الحملة مشاركة عدد من الشخصيات العالمية المعروفة، منهم الممثلة
الأمريكية الحائزة على جائزة الأوسكار سوزان ساراندون، والناشطة المناخية السويدية
غريتا ثونبرغ، والممثل السويدي غوستاف سكارسغارد، بالإضافة إلى حفيد الزعيم الجنوب
أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، زويليفليل مانديلا.
كما
انضم إلى الركب الناشط البرازيلي تياغو أفيلا، والصحفي التركي داوود داشكران،
والبرلمانيان الفرنسيان ماري ميسمور وتوماس بورتس، إلى جانب مشاركين عرب مثل
النائب الموريتاني مرتضى طفيل، والفنان التونسي منير الطرودي، والدكتور عبد الرزاق
مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، والقائد الكشفي جمال الشاذلي نائب رئيس
الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين..
مخاطر
التصعيد والمواجهة البحرية
يُتوقع
أن تواجه السفن تهديدات عسكرية من قبل القوات الإسرائيلية، التي أعلنت سابقًا
رفضها لأي محاولة لكسر الحصار البحري. وتذكّر المصادر بما حدث مع "أسطول
الحرية" في 2010، عندما هاجمت القوات الإسرائيلية السفن مما أدى إلى سقوط
شهداء وجرحى.
إلا
أن حجم المشاركة الدولية الواسع وتنوع جنسيات المشاركين قد يزيد من كلفة أي عمل
عسكري محتمل، ويعري أي انتهاك للقانون الدولي أمام المجتمع الدولي.
غزة:
حصار ومعاناة إنسانية
يعيش
قطاع غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة: حصار مطبق منذ سنوات، إبادة جماعية ممنهجة منذ
7 أكتوبر 2023، ومجاعة تحصد أرواح الأطفال والنساء يوميًا. وفي ظل تواطؤ دولي وصمت
عربي رسمي، تأتي مثل هذه المبادرات لتقول إن البحر يمكن أن يكون ممرًا للحياة لا
أداة حصار. فالمتضامنون الذين خاطروا بركوب البحر يرفعون رسالة بسيطة: لا يحق لأحد
أن يمنع الغذاء والدواء والكرامة عن شعب بأكمله.
خاتمة:
رسالة تضامن وأمل
ليس
الهدف الوحيد للأسطول هو إيصال المساعدات، بل أيضًا إبقاء القضية الفلسطينية حية
في الضمير العالمي، وتأكيد أن الحصار لن يمر دون مقاومة شعبية وأخلاقية. وتظل هذه
المبادرات رمزًا لرفض الصمت الدولي والتطبيع مع سياسة العقاب الجماعي.
يظل
السؤال: هل سيكون البحر يومًا ما ممرًا للحرية والحياة، أم سيستمر أداة للاحتلال
والحصار؟ الإجابة قد تكتبها أيام الأسطول المقبلة.
وسام الحجار