العدد 1608 /3-4-2024
ارتفعت إلى 20 قتيلاً
بينهم مدنيون حصيلة الاشتباكات بين مسلحين تابعين لقوات النظام السوري في مدينة
الصنمين بريف درعا جنوبي سورية، بينهم من قتل حرقاً أو أعدم ميدانياً فيما جرى
الاحتفال فوق الجثث.
وقال الناشط محمد
الحوراني لـ"العربي الجديد"، إن حصيلة القتلى جراء الاشتباكات التي دارت
في مدينة الصنمين بريف درعا بلغت عشرين على الأقل بينهم أطفال ونساء من المدنيين
قتلوا بطريقة الإعدام الميداني والحرق، مضيفاً أن حصيلة القتلى مرجحة للزيادة في
ظل وجود مصابين بجروح خطيرة.
وتعيش مدينة الصنمين
حالة من التوتر الأمني في الوقت الحالي مع تخوف السكان من استمرار الاشتباكات بين
مسلحين يتبعون لفروع المخابرات التابعة لقوات النظام السوري.
وذكر الحوراني أن مجموعة
مسلحة يتزعمها المدعو محسن الهيمد كانت تشتبك مع مجموعة أخرى يقودها المدعو أحمد
اللباد، وأن المجموعة الأولى اقتحمت منزل الثاني وقتلت 9 من أفراد أسرته إعداماً
ميدانياً وحرقت منازلهم. وأوضح الناشط أن المعلومات الواردة تفيد بأن طفلين وجدا
مقتولين بعد حرق أحد المنازل.
وبحسب المعلومات الواردة
أيضاً تنتمي المجموعة المهاجمة إلى فرع أمن الدولة، وتنتمي المجموعة الثانية إلى
فرع الأمن العسكري، ومثَّلت المجموعة الأولى بجثث القتلى ورقصت فوق الجثث
"فرحاً بالنصر" بعد حرق المنازل. وكانت المجموعة الأولى تتهم الثانية
بالضلوع في تفجير عبوة ناسفة في حي المجبل بمدينة الصنمين وأدت إلى مقتل ثمانية
أطفال.
وفي الشأن، نقل تجمّع
أحرار حوران أن الاشتباكات بدأت صباح أمس الأحد في أربعة محاور من حي الجورة الذي
تتمركز فيه مجموعة "أحمد جمال اللباد" الملقب بالشبط، بينما أشار المرصد
السوري لحقوق الإنسان إلى أن اللجان المركزية واللواء الثامن لم يتدخلوا لفض
الاقتتال في الصنمين، مشيراً إلى أن الهيمد صاحب المجموعة المهاجمة متهم بالانتماء
إلى تنظيم "داعش" ويتبع لشعبة المخابرات العسكرية ورئيس فرعها في درعا
لؤي العلي. وذكر أن حصيلة القتلى من جراء الفلتان الأمني في درعا منذ مطلع شهر
يناير/كانون الثاني الماضي بلغت 125 شخصاً.
وعلى وقع المجزرة
الدامية، يعيش أهالي الصنمين في حالة خوف من وقوع عمليات انتقامية قد توقع المزيد
من الضحايا بينهم أطفال ونساء.
وما حدث في المدينة
مجزرة صادمة ومروعة كما أكد بعض سكّان المدينة لـ"العربي الجديد"، وشهدت
المدينة اليوم حالة من الهدوء يشوبها الخوف، تمكن خلالها الأهالي من التقاط
أنفاسهم، بعد إخماد حرائق مفتعلة أيضاً مساء أمس، المرعب فيها أنها قتلت بعض
الأطفال من أهالي المدينة.
محمد المحمد (45 عاماً)
من سكان المدينة وصف ما حدث أمس بأنه شيء وحشي ومروع، وقال لـ"العربي
الجديد": "لم نكن قادرين على الحركة أبداً أمس، الرصاص يتطاير في كل
مكان، يوم دام، المنظر المرعب أن أحد المنازل أحرقت فيه امرأة، وفي منزل آخر أحرق
أطفال داخل المنزل، وهم أحياء، منظر الجثث أيضاً مخيف".
واليوم تمكن الأهالي من
نقل الجثث وفق ما أوضح المحمد، الذي أضاف بأن حالة الخوف لا تزال قائمة في الوقت
الحالي رغم انحسار الاشتباكات، وتابع: "كنا نترقب العيد، لكن في الوقت الحالي
العيد سيحلّ علينا دامياً، بسبب هذه المجزرة التي حدثت في المدينة".
وما يثير المخاوف لدى
سكان المدينة في الوقت الحالي تجدد المواجهات، وفق ما أوضح حسن العمر أبو سالم،
الذي قال لـ "العربي الجديد": "ما حدث في المدينة من قتل وإحراق
مشابه لما فعله تنظيم داعش"، مضيفاً: "ما ذنب النساء والأطفال فيما حدث،
كيف نأمن على أنفسنا وعلى أطفالنا. في الوقت الحالي أفكر في مغادرة المدينة، لن
يعود من الممكن العيش فيها. هناك امرأة أعدمت خلال محاولتها الوصول إلى أطفالها
بدم بارد، أحرقوا المنزل الذي يوجد فيه أطفالها أيضاً. ما حدث أمس في المدينة وحشي
وصادم".
وأضاف أبو سالم:
"في أي لحظة قد تنفجر الأمور، لذلك سأحاول أن أخرج من المدينة مع أطفالي
وزوجتي في أقرب وقت. لا يوجد أمن أو دولة لحماية الناس في المدينة، وهذه المجموعات
المسلحة هي فوق القانون، وتقتل، وتبطش بالناس دون محاسبة".
وشهدت المدينة نزوح كل
السكان في حي الجورة، إذ إن غالب القتلى هم من عائلة اللباد، وهناك مخاوف من حدوث
عمليات انتقامية وحدوث صراع عشائري، حيث تشهد مدن درعا وبلداتها حالة غضب شعبي في
الوقت الحالي خصوصاً بعد مقتل الأطفال، وانتشار العصابات المسلحة التي تثير الفوضى
والخوف.
عباس الحوراني من سكان
مدينة الصنمين، قال لـ"العربي الجديد": "رأيت مقاطع فيديو اليوم
لأطفال جثثهم متفحمة، وأيضاً كانت بعض جثث القتلى لا تزال على طريق قريب من بيتي،
ما حدث غير طبيعي مجزرة بشعة للغاية، إحراق أطفال ونساء وهم أحياء. نفكر في حماية
أنفسنا في الوقت الحالي، والحفاظ على سلامة الأولاد". وبيّن أن غيمة الرعب
زالت اليوم عن المدينة، لكن المصاب كبير، وما حدث صادم قبل حلول عيد الفطر.
ووفق فوج إطفاء درعا،
احترقت أربعة منازل في حي العيادات تعود ملكيتها إلى عائلة لباد، وسبّبت الحرائق
في المنازل مقتل أربعة أشخاص من العائلة ذاتها.
وتقع مدينة الصنمين في
ريف درعا الشمالي على طريق دمشق درعا القديم، وشهدت سابقاً مجازر نفذتها قوات
النظام السوري في المدينة إثر اقتحامها على خلفية مشاركة سكانها في الثورة ضد
النظام، ومن بينها مجزرة وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013 قتل فيها 70 شخصاً
على الأقل.
وفي بداية مارس/ آذار
2020 اقتحمت قوات النظام المدينة بعد عامين من إجراء التسوية والمصالحة، وبسط
سيطرته ونفوذه على المدينة من خلال المجموعات المحلية المسلحة التي كانت سابقاً
ضمن فصائل المعارضة وبعضها متّهم بأنه كان ضمن تنظيم "داعش" في ريف درعا
الغربي.