العدد 1577 /30-8-2023

توضحت آفاق الحوار السياسي بين حزب الله والتيارالوطني الحر ، من خلال كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكد أن أي اتفاق أو تفاهم بين الجانبين لا يلزم الحلفاء من قريب أو بعيد . حيث يتطلب الأمر إقناع الأطراف الحليفة بأي توافق أو تفاهم مفترض بين الحزب والتيار . وكان جبران باسيل قد أرسل إشارات شتى عن إستعداده للقبول بمرشح ثنائي أمل - حزب الله سليمان فرنحية إن هو حصّل للمسيحين مكتسبات اعتبرها تأسيسية في طليعتها اللامركزية المالية الى جانب اللامركزية الإدارية الموسعة . وعلى الرغم من أن بند اللامركزية الإدارية وارد في وثيقة اتفاق الطائف التي تحولت الى دستور ، وهو بند يتصل بتطور الحياة الإدارية في بنية الدولة اللبنانية ما يجعله مطلبا لبنانيا عاما فإن رئيس التيار الوطني يرغب في جعله مطلبا مسيحيا خاصا مضافا اليه مطلب اللامركزية المالية ذي البعد التقسيمي الواضح . ويروج الى هذا المطلب الإضافي تحت عناوين طائفية رذيلة من ضمنها أن المناطق المسيحية تدفع الضرائب الكبرى والمناطق الإسلامية هي التي تستفيد منها ، ما يجعل هذا الأمر الإضافي مطلبا مسيحيا بحتا وفق ترويجات التيار الوطني الحر .

لقد أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن اتفاق حزب الله مع التيار الوطني الحر على اللامركزية المالية وصناديقها المتوخاة لن يفرض هذا المطلب على أرض الواقع القانوني والدستوري في لبنان لأن حزب الله لا يريد ولا يستطيع أن يجبر حلفائه على أمور لا يقتنعون بها . وأن إيهام بعض الأجواء المسيحية بأن التوافق مع حزب الله على هذه القضايا سيحولها الى أمر واقع هو مبالغة تهدف الى تأمين تغطية لبعض التغييرات والتعديلات التي يريد جبران باسيل إحداثها ليس إلا ... وان القضية لا تعدو كونها مناورة من المناورات السياسيةالمحلية الواهنة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، وهي في طبيعة الحال لن تشكل تعويضا عن خسارة رئاسة الجمهورية التي تبدت منذ الإنتخابات النيابية الماضية والتي أسفرت عن انحسار الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر وتراجعها بشكل واضح . يعد بعض المتحمسين لترئيس النائب السابق سليمان فرنجية أنفسهم بتعديل موقف جبران باسيل في هذا الموضوع ويعلقون آمالا عراضا على الحوار الزاحف ببطء بين حارة حريك والرابية . ويعدون أنفسهم أيضا الى نسج خيوط تحالف قديم - جديد بين الحزب والتيار والمردة وحركة أمل ولكن حدوث ذلك دونه عقبات كبرى واضحة وجلية لسنا في صدد تكرارها الآن .

ويجزم البعض أن هذه المعطيات المحلية ليست حاسمة ولن تكون حاسمة لأن ميدان الإنتخابات الرئاسية الموعودة باتت في عهدة الخارج اللبناني المتمظهر باللجنة الخماسية العربية - الدولية التي تضم الولايات المتحدة الأميريكية وفرنسا والسعودية وقطر ومصر وفي الثنايا تحضر إيران بقوة وهي التي تملك ناصية من نواصي الساحة السياسية اللبنانية عبر التأثير المباشر وغير المباشر على ثنائي أمل - حزب الله . ولقد غفا اللبنانيون طوال الأسابيع القليلة الماضية على أمل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في النصف الثاني من أيلول المقبل ولكنهم اليوم يفقدون الأمل بهذه العودة تحت وطأة الغمز الفرنسي من قناة إيران . وهو غمز تولاه الرئيس الفرنسي ماكرون شخصيا خلال لقاء ديبلوماسي ووجه فيه انتقاد للسياسة الايرانية وما اعتبره تدخلا في شؤون بعض دول المنطقة . وقد سبقت قوى الرابع عشر من اذار الرئيس الفرنسي في توهين مهمة لودريان من خلال امتناعهم عن الإجابة الخطية عن سؤالين اثنين وجههما الموفد الفرنسي الى عدد من الساسة اللبنانيين . وذلك تحت ذريعة الدفاع عن الكرامة الوطنية المستباحة من قبل موفد الأم الحنون . ما يجعل موقف تلك القوى الممتنعة عن الإجابة عن سؤالي لودريان بمثابة عقوق الوالدين .

مع مجيء الموفد الأميريكي هوكشتاين الى لبنان ، هل تبدو الولايات المتحدة الأميريكية منزعجة من الفراغ الرئاسي ؟

هوكشتاين لديه هموم مزدحمة جلها متعلق بالنفط والغاز المكتشف في شرق المتوسط . وهذا يعني أن شهيته نفطية وحسب ولا رغبة لديه في تذوق أي من الأطباق السياسية الأخرى بما فيها الطبق الرئاسي اللبناني الحزين .

أيمن حجازي